منذ سبتمبر الماضي، احتدم الصراع بين النظام السوري وحلفائه من جهة وتركيا وفصائل موالية لها من جهة ثانية، على طريق حلب - اللاذقية ، أو ما يعرف بطريق "إم4"، ذي الأهمية الاستراتيجية في شمال سوريا. يأتي ذلك وسط استمرار قوات النظام والميليشيات الإيرانية، والمقاتلات الروسية، قصفها منطقة خفض التصعيد، الواقعة أسفل طريق "إم 4" في خطوة تهدف إلى السيطرة عليها وذلك لأهميتها العسكرية والجيوسياسية وفق محللين ومراقبين. كما تعتبر الطريق الدولية حلب اللاذقية ذات أهمية قصوى لكل الأطراف المتصارعة في شمال سوريا، حيث تربط شمال البلاد بغربها وجنوبها وشرقها، وتعد من أهم الطرق السورية الحيوية التي تضمن الحفاظ على مصالح من يحكم السيطرة عليها. مصالح اقتصادية روسية فمن جهة، تسعى روسيا وقوات النظام وإيران إلى السيطرة على الجزء من الطريق الدولية "إم4" الذي يمر ضمن محافظة إدلب، وذلك لتوسع نفوذها في تلك المنطقة وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن عمر حاج بكور، وهو محلل اقتصادي وسياسي سوري. وقال بكور إن الهدف الروسي الثاني من السيطرة على ذلك الجزء يكمن في خدمة استثماراتها ومشاريعها المتعددة في سوريا من نفط وفوسفات وحبوب ومعادن. كذلك أضاف أن الطرق البرية السورية تربط مناطق نفوذها في جنوب سوريا وشمالها وشرقها، والبادية السورية والساحل السوري، حيث القواعد العسكرية الرئيسية والجوية الروسية، مثل مطار حميميم وميناء طرطوس. منفذ بري حيوي لإيران أما أهمية الطريق بالنسبة لإيران، فأوضح المحلل أن المشاركة في السيطرة على "إم4" تضمن بها لنفسها منفذاً برياً حيوياً على البحر المتوسط لتمرير بضائعها، والتهرب من العقوبات الدولية المفروضة عليها. كذلك، تضمن إمداد أذرعها في المنطقة مثل "حزب الله" اللبناني لوجستياً وعسكرياً برياً، حيث تربط الطريق بين العراق وحلب والساحل السوري عبر ميناء اللاذقية. في المقابل، قال الناشط الحقوقي سعيد نصر الدين لـ "الشرق الأوسط"، إن "فرض سيطرة النظام السوري على الطريق الدولي حلب - اللاذقية بمشاركة حلفائه، على الصعيد السياسي، يعني أنه أحكم سيطرته على أجزاء واسعة من الأراضي السورية، ويفتح ذلك له الباب أمام رفع وتيرة التعاون والتطبيع مع بعض الدول العربية والغربية". أما اقتصادياً، فسيؤدي فتح الطريق أمام حركة النقل البرية المحلية والدولية، بالمنفعة الاقتصادية على النظام السوري. أهمية قصوى لأنقرة في المقابل، تعد طريق حلب اللاذقية ذات أهمية قصوى كذلك لتركيا، إذ إن التنازل عنها وسيطرة النظام وحلفائه عليها يقوض دور أنقرة في سوريا، ما دفعها مؤخراً إلى دفع أعداد كبيرة من قواتها وإنشاء أكثر من 32 نقطة عسكرية على طرفي الطريق، وذلك لمواجهة حملة التصعيد الأخيرة التي يشهدها جبل الزاوية ومحاولات التسلل المتكررة من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية، وفق الناشط ماهر السيد علي. يشار إلى أن محافظة إدلب تخضع لاتفاق بين الرئيسين، التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، وُقّع في آذار 2020، ونص على إنشاء "ممر آمن" على طريق "أم 4". يذكر أن القوات التركية قصفت بالأسلحة الثقيلة طريق "إم 4"، 16 أكتوبر الجاري، ما أدى لوقوع أضرار مادية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك في إطار التصعيد القائم في المنطقة.
مشاركة :