تقود المملكة العالم إلى مرحلة ما بعد كورونا كما أشرت في مقال سابق تحت عنوان كورونا والقرار المنتظر نشر في هذه الصحيفة قبل أكثر من أسبوع أن هناك قراراً آتياً لا محالة طال الزمن أو قصر، فلا بد للمجتمعات والدول من التمرد على كورونا واتخاذ القرار الأصعب، فكورونا زائر وما على الزائر إلا الرحيل، وسيدخل قائمة الأوبئة السابقة التي مرت على البشرية وتلاشت، وإن كنت أعتقد أنه سيستوطن بعض المناطق ذات البيئة الملائمة له ويصبح من الأمراض الموسمية، وأن المملكة على أعتاب اتخاذ قرار عودة الحياة لطبيعتها إلى ما قبل كورونا، مع إدخال بعض التعديلات عليها ومنها المحافظة على التباعد الجسدي ولبس الكمامة في الأماكن المغلقة، والأهم من ذلك أخذ جرعتي اللقاح، فديننا الحنيف يحثنا على الأخذ بالأسباب والاحتياطات اللازمة لقوله - صلى الله عليه وسلم - «اعقلها وتوكل»، وها هي البشائر تتوالى بأن الله سبحانه وتعالى أذن برفع الجائحة عن عباده، فلله الحمد والثناء الحسن كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، اللهم لك الحمد حتى يبلغ الحمد مداه. ومن هذه البشائر صدور الموافقة الكريمة على تخفيف الاحترازات الصحية اعتباراً من اليوم الأحد الموافق 17 أكتوبر 2021، ومن أهمها إزالة علامات التباعد في المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ إيذانا بالعودة إلى النداء المحبب لنفوسنا في صلواتنا (استووا؛ اعتدلوا؛ تقاربوا، أكملوا الصف الأول فالأول)، وهذه أقصى علامات العودة إلى حياة طبيعية بإذن الله، وهذا أكبر دليل على وصول المملكة إلى المناعة المجتمعية بإذن الله. آخر الإحصائيات تشير إلى تجاوز نسبة متلقي الجرعتين من اللقاح 60 في المئة من السكان وبوتيرة متسارعة من خلال أكثر من 600 مركز على مستوى المملكة، ومن بشائر تجاوز أكبر جائحة في العصر الحديث صدور الأمر الملكي الكريم بتعيين معالي وزير الصحة في ميدان آخر يحتاج إلى هذه النوعية من القادة كوزير للحج والعمرة وتعيين أحد أبناء الوزارة كوزير للصحة للمحافظة على نفس الرتم والأسلوب. الآن يمكن القول انه أصبح بالإمكان ممارسة الحياة الطبيعية بدون أي معوقات إلا في أماكن محددة، بفضل الله وتوفيقه للمملكة بأن تكون من أوائل الدول التي وفرت اللقاح المضاد لفيروس كورونا لجميع الفئات. وأن تحقيق الهدف الأسمى بالوصول إلى الحالة الصفرية في العناية الحرجة والوفيات والذي سيتحقق بإذن الله عندما تأخذ الغالبية من سكان المملكة اللقاح المضاد لفيروس كورونا. من المتوقع أن تعيش المملكة وأغلب دول العالم التي حذت حذوها مرحلة اللاتوازن وهي عادة ما تصاحب المراحل الانتقالية الكبرى كما هو الحال في هذه الجائحة كغليان الماء قبل ركوده، فمن المتوقع أن تسجل الحالات ارتفاعا نسبيا في أعداد الإصابات خلال الأيام القادمة ولكن سيقابلها -بإذن الله- انخفاض في أعداد الحالات الحرجة وانخفاض أعداد الوفيات -بمشيئة الله- مما يستوجب علينا استمرار التعاون الإيجابي من المواطن والمقيم مع التعليمات التي تصدرها الجهات المعنية، ومن أسباب الزيادة المتوقعة عدم الالتزام بما تبقى من قيود محدودة مثل الالتزام بلبس الكمامات في الأماكن المغلقة المزدحمة، وتطهير الأيدي باستمرار وتجنب ملامسة الأسطح عالية التلوث. وهذه الأمور كانت مستغربة قبل الجائحة، أما الآن فهي القاعدة ويجب على الجميع الاستمرار في اتباعها، لضمان حماية أنفسهم وأهليهم من عشرات الفيروسات ومنها سيئ الذكر كورونا. هذا القرار كغيره من الأمور حتى المطر له محب وكاره، فيجب علينا عدم الالتفات لما يقوله المرجفون ومنهم من يهذي بما لا يعرف ويفتي فيما لا يفقه، أو أولئك الذين يسعون بكل الوسائل لتحقيق المزيد من المكاسب بتأخير وتسويف العودة للحياة الطبيعية.
مشاركة :