لأحداث الخميس الماضي تفسيرات مختلفة، بل ومتناقضة احياناً. إيران اعتبرتها فتنة مدعومة من اسرائيل، واسرائيل ردت باعتبار النفوذ الايراني "هو وراء الاحداث الأخيرة في لبنان والعراق". التعليق الايراني كان مقتضباً، فطهران قالت كل شيء في ما يتعلق بنظرتها الى لبنان خلال زيارة وزير خارجيتها حسين امير عبد اللهيان الى بيروت قبل تلك الاحداث بقليل، اما رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت الذي يزور موسكو يوم الجمعة للقاء الرئيس فلاديمير بوتين فكان غزيراً في تناول الشأن اللبناني في اجتماع حكومته الاسبوعي حيث قال "نحن نتابع التطورات في لبنان وقليلاً شرق العراق… في كلتا الحالتين، نرى اتجاهاً قادماً من الاسفل، لقوى سئمت ببساطة من سيطرة وتأثير ايران، سواء كان "حزب الله" في لبنان او الميليشيات الشيعية في العراق، التي تضررت بشدة في الانتخابات التي جرت الاسبوع الماضي. في المكانين لاحظ المسؤول الاسرائيلي رد فعل على "اللمسة الايرانية"، فـ"كل مكان يذهب اليه الايرانيون يدخل في دوامة العنف والفقر والفشل وعدم الاستقرار". لن ينتظر احد تقييماً مغايراً من الخصم اللدود لإيران، لكن تقييماً لافتاً لأحداث لبنان ورد في احدى الصحف شبه الرسمية الروسية لا بد من أخذه في الإعتبار لاستكمال الصورة. فروسيا شريكة ايران في سوريا بدا انها ترى في محاولات تفجير لبنان ضربةً للديبلوماسية الاميركية الناشطة مجدداً في المنطقة. وقالت صحيفة " نيزا فيسمايا" الموسكوفية ان تفجيراً من هذا النوع سينسي الشارع العربي أهمية قرار اعادة فتح القنصلية الاميركية في القدس و"انجازات" التطبيع التي تحققت بفضل اتفاقات "ابراهيم"… وبديهي ان يخفف مثل هذا التفجير من الضغوط على ايران مع ابتعاد موعد العودة الى مفاوضات فيينا. التحليل الروسي جاء بعد زيارة وكيلة وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند الى موسكو وهي الموضوعة على لوائح العقوبات الروسية وممنوعة من دخول البلاد بسبب تبنيها وجهة النظر الاوكرانية كما يقول الروس. ومع ذلك اجرت نولاند مباحثات ناجحة في موسكو ومنها جاءت الى بيروت لتكون احداث الخميس الاسود في استقبالها. في واشنطن قالوا شيئاً شبيهاً بتحليل الصحيفة الروسية وأن ما جرى كان مقصوداً مع قدوم نولاند التي كانت حاسمة في ختام جولتها في ان اميركا لن تتسامح مع "اللصوص المجرمين الفاسدين"… هذه لوحة غير مكتملة لرؤية العالم لأحداث شوارعنا الأبية، علّ بعض المعنيين من منفوخي الأوداج يتعظون ولا يكررون استعمال "شعوبهم" في الوجهة المكشوفة سلفاً.
مشاركة :