رجل في الثمانين أو يزيد أشاهده وأنا أمشي صباحا على حزام القرية أشاهده يحمل مسحاته على ظهره ويمشي الهوينا نزولا إلى البلاد ( المزارع ) فقلت له : ماشاء الله كل يوم أراك نازل البلاد والبلاد ماعاد فيها فايدة ! قال : ابرّه اشمّ ريحتها ريحة الطين وريحة الشجر واشمّ ريحة أصحابي اللي راحوا وشعر بغصّة فتوقف عن الكلام ثم اكمل : لك الله يبوك إن مبراه البلاد هو راحتي وإذا ما برّهت أوجع وأنا اتمشى فيها كني أرى أصحابي واسمع أصواتهم اسمع يحي ابر احمد وهو ينادي على المعالفة واسمع علي آبر عيسى وهو يخاصم الرعيان هوشهم فيّشت عليه واسمع محمد ابر احمد وهو يولّش وارى حسن ابر علي وهو يغرّب وعلي ابر حسين وهو يعمل على الضّمد أراهم وأضحك وترتاح روحي واقعد تحت الصّرحة اللي في البلاد وأتذكر قعدتنا وفسوخنا وغدانا سوى واجنّب على المجران وأقول سقى الله زمان الحَبّ واتخيل الخباطة والجمال وهي تحمّل العجار والأكياس والله يا يوم أني ضحكت وأنا وحدي اللي يراني يقول هبل والسبب أني تلاهمت محمد ابر حسين يوم دقّه اصل واحنا مشاية في البلاد وترّ عليّه والله أنك شقبتني يا شقب وأنا أضحك عليه واعاونه احشي الجرح تراب وهو والله أنك شقب ، وتحشرج صوته وقال الللللللله يرحمه ويعفي عنه كان يخاف واحنا نتنفس بالمزح معاه فقلت : والمسحة ما تشا بها قال : أباعد بها الشوك من طريق الناس والهوش والمسحة كم لها معي حتى هي فيها ريحتهم قلت : وكل يوم كذا ؟ قال : أي والله كل يوم اقعد اتمشى حتىىىىىىىىى قبل آذان الظهر وروحت اتغسّل واصلي قلت : الله يعطيك الصحة والعافية ! ضحك وقال : ما عاد لا صحة ولا عافية والحمدلله على كل حال وأضاف .. والله يبوك ما احسب إني شأقحّم ! قلت : كيف ماكنت تظن أنك شتقحّم على قولك ؟ قال : لما اتذكر أيام قوتي وشبابي وأنا ابره اعمل في المزارع حتى الظهر وانشر اعلف حتى المغرب وانصد واصرب واحزّم واحمّل الجمل واخرّطه وحدي واحطّ اكياس الحب على الدّميم وحدي لك الله و ارصّ من على السّهوة وارصّ احط على ظهر الجمل وارص انزل من عليه وارص من على الزروب اييييييه هات يالدنيا لك الله أني ما اسمع بهود إلا والبس مصنفي وشميزي وجنبيتي واملا راسي خطور وانشر لأني أحب الرقص والنفس لك الله كان يطلبنّي طلب ارقص في اهوادهم ومحد يقدر يقابلني في سيف ولا شامية وأما ميدان العرضة فهو ميداني كان فيّه قوة وحب للنفس مهي في أحد لكن لكل شي حد والحمدلله على كل حال قلت : يعني قد زخّيت في حياتك قال : انشهد أني قد زخيت حتى كان أرى الدنيا عمل وبسطة وضحك ونفس ورقص وكان ما اراني شاقحّم لكن الحمدلله على كل حال قلت : الحمدلله خاتمة : الذكريات الجميلة حياة ثانية .
مشاركة :