غداة اجتماع لـ «الإطار التنسيقي» الذي يضمّ قوى شيعية عراقية غالبيتها متحالف مع إيران، حذّر تكتل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الكتل السنيّة والكردية من التحالف مع التيار الصدري لتشكيل حكومة جديدة، معتبراً أن ذلك سيكون إقصاء لغالبية القوى الشيعية. استبعد ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، أمس، إمكانية تحالف الكتل الكردية والسُّنية مع التيار الصدري بزعامة رجل الدين النافذ مقتدى الصدر لتشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة بمعزل عن قوى «الإطار التنسيقي»، الذي يضم غالبية القوى الشيعية، باستثناء التيار الصدري. وغداة اجتماع «الإطار التنسيقي» ليل الثلاثاء - الأربعاء بمنزل المالكي في بغداد، قال القيادي في الائتلاف محمد الصيهود، إن «الكتل السياسية السنية والكردية، لا يمكن لها أن تشكّل تحالفا مع قوى سياسية شيعية وتقاطع كتلاً سياسية شيعية أخرى، بمعنى أنه لا يمكن أن تتحالف مع الكتلة الصدرية وتترك قوى الإطار التنسيقي». واعتبر الصيهود أنه «لطالما عملت الكتل السياسية السنية والكردية طوال سنوات، على تشكيل الحكومة من خلال التحالف والتحاور والتفاوض مع الإجماع السياسي الشيعي»، موضحاً أن هذه الكتل «تنتظر توحيد الموقف الشيعي حتى تدخل في حوارات ومفاوضات جدية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة». وكشف مصدر مطلع عن قرار وحيد اتخذه زعماء «الإطار التنسيقي» خلال اجتماعها بمنزل المالكي، موضحاً أنهم قرروا عدم إجراء مفاوضات لتشكيل الحكومة قبل نظر مفوضية الانتخابات بشكاوى وطعون قوى الإطار، وتقديم الأدلة القانونية على أي نتيجة نهائية». وتمسّكت قوى الإطار بموقفها الرافض لنتائج الانتخابات التي جرت في العاشر من الشهر الجاري، مشددة على أنّه لا مفاوضات قبل «تصحيح ما خرّبته إرباكات المفوضية والاستجابة لكل الطعون والاعتراضات التي بلغت 1381 شكوى». من جهته، قال القيادي بائتلاف دولة القانون خالد السراي، إن «مهزلة تزوير الانتخابات شاركت فيها أطراف سياسية تسعى لضرب مشروع الحشد الشعبي وفصائل المقاومة»، مضيفاً أن «هذا المشروع يهدف لبناء دولة قادرة على حماية نفسها من الأطماع الخارجية، ولن نسمح بمصادرة حقوق الحشد بأي ضغط سياسي». وأشار السراي إلى أن «التظاهرات الحالية تطالب بإعادة الأصوات المسروقة والحقوق للناخبين، وهي واجبة التنفيذ من قبل المفوضية العليا للانتخابات ولا يمكن تجاهلها». الخزعلي والعامري إلى ذلك، اتهمت حركة عصائب أهل الحق، بقيادة رجل الدين الشيعي قيس الخزعلي، أمس، الأمم المتحدة بالتغاضي عن الخروقات الواضحة بالانتخابات، مشيرة إلى أن المفوضية تنصّلت عن وعودها، وأهمها تزويد المراقبين بالأشرطة فور انتهاء التصويت. واتهمت الحركة الموالية لإيران، والتي شاركت في الانتخابات تحت «كتلة الصادقون»، دولة خليجية بأنها «اللاعب الأساسي في التزوير»، مشيرة إلى أن «تردُّد المفوضية في إعلان النتائج الكاملة يثير شبهات كبيرة». وقال عضو المكتب السياسي للحركة سعد السعدي: «التلاعب بالانتخابات أمر وارد حتى في الدول الكبرى، والعراق عرضة»، معتبرا أن «الانتخابات الأخيرة هي الأسوأ في تاريخ العملية السياسية، وتحالف الفتح قدّم نحو 107 شكاوى حُمرا موثقة بالأدلة الكافية». وفيما غرّد الخزعلي مادحاً المتظاهرين واستجابتهم للاحتجاج، دعا زعيم تحالف الفتح، هادي العامري، أمس، إلى استمرار التظاهرات، لكنّه واصل ضغوطه لمنع تحوّل التظاهرات الى الشغب، وسط انقسام بين الفصائل حول كيفية إدارة التحرك في الشارع والتعامل مع الخسارة الانتخابية القاسية، وقال العامري، في بيان، «المطالبة بالحقوق بالطرق السلمية حق كفله الدستور، وأملي الاستمرار بهذا النهج وإنهاء ظاهرة حرق الإطارات وقطع الطرق بالسرعة اللازمة»، مطالباً «المفوضية بالنظر بجدية بكل الطعون المقدمة لها من أجل طمأنة الجميع وإثبات حياديتها الكاملة». ووسط استمرار الانتقادات للمفوضية العليا والحملات ضد النتائج من قبل الخاسرين، وأبرزهم تحالف الفتح، الجناح السياسي لقوات الحشد الشعبي المقرّب من إيران، قرر مجلس القضاء، أمس، إعادة الطعون بالنتائج إليها، مبينا أن «الطعون جاءت قبل إعلان النتائج النهائية». وإذ أوضح أن مدة الطعون انتهت في 14 الجاري، دعا مجلس القضاء المفوضية إلى إعلان النتائج النهائية وانتظار طعون جديدة وتوحيد الطعنين أصولياً، ليتسنى تدقيقها وحسمها ضمن المدة الزمنية المحددة قانوناً». وكانت المفوضية العليا أعلنت، أمس الأول، أنها أغلقت عملية تسلّم الطعون والشكاوى ضمن المهلة القانونية للاعتراض على النتائج الأولية، وأن الهيئة القضائية شرعت بالنظر في 1381 طعناً، ومن المنتظر حسمها في غضون 10 أيام. وطالب ائتلاف الوطنية برئاسة إياد علاوي، المفوضية بإعادة العدّ اليدوي حسب قانون مجلس النواب، مشيرة إلى «وجود تكرار بنتائج التصويت واختلاف بأوقات إغلاق المحطات، التي يفترض أن تغلق تلقائياً في الوقت المحدد». وكشف القيادي في «الوطنية»، كاظم الشمري، أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أبلغ علاوي شخصياً بسهولة اختراق أجهزة الاقتراع. ومع استمرار مناصري «الحشد» في الاعتصام قرب المنطقة الخضراء، وسط بغداد، احتجاجاً على نتائج الانتخابات، أعلن رئيس تحالف قوى الدولة عمار الحكيم خلال اجتماعه مع وفد الكتلة الصدرية برئاسة حسن العذاري، أنه سيلعب دوراً في تقريب وجهات النظر بين القوى المختلفة، مشدداً على «أهمية الوئام الوطني ورسائل الاطمئنان المتبادلة بين جميع الأطراف». وأشار إلى أن الانتخابات كانت وسيلة لخروج العراق من أزمة سياسية عاشها في مرحلة سابقة، لذا لا بدّ أن تسهم نتائجها في تحقيق تطلعات الشعب العراقي ومطالبه بالخدمات وفرص العمل وحفظ الدولة وسيادتها»، كما نقل عنه مكتبه الإعلامي في بيان تابعته «إيلاف». وشدّد الحكيم على ضرورة النظر بالشكاوى والطعون المقدّمة من الكتل السياسية، مشيراً إلى أن هذه ليست سبيلاً لتقدّم هذه الكتلة أو تراجع تلك بقدر ما هي وسيلة لتعزيز الثقة بالممارسة الانتخابية، وإعطاء صورة ناصعة عن الديموقراطية العراقية وتراكمها الإيجابي». وفي مواجهة غرق الشوارع الرئيسية وسط بغداد بخيام المعتصمين المطالبين بإعادة الفرز اليدوي في جميع المحطات، اضطرّت السلطات الأمنية أمس إلى جميع مداخل المنطقة الخضراء، بما فيها المربع الرئاسي والمنطقة الدولية وجسر الطابقين المؤدّي إليها قبل إعادة فتحه أمام حركة المركبات لتجنب الاختناق والزحام المروري بالقرب من جسر الجادرية. ونشرت السلطات المئات من عناصر قوات الأمن لتعزيز الحماية لمكان الاعتصام والطرق المؤدية إليه، وفي البوابة المؤدية للمنطقة الخضراء من جهة الجسر المعلّق بحيّ الكرادة في بغداد. وأغلق المعتصمون وغالبيتهم من أتباع الأحزاب والكتل الشيعية التي لم تحقق نتائج كبيرة في الانتخابات الطرق الرئيسية المؤدية إلى المنطقة الخضراء بنصب عشرات الخيم والسرادقات. وعلى مدى اليومين الماضيين، شهدت بغداد ومحافظات أخرى جنوباً، احتجاجات متفرقة لأنصار القوى والفصائل المعترضة على نتائج الانتخابات، مؤكدين أنهم «باقون لحين إعادة العد والفرز يدوياً، وكشف حالات التزوير والتلاعب».
مشاركة :