ألواح الطاقة الشمسية بديل اليمنيين عن الكهرباء

  • 11/2/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بدأ اليمنيون في البحث عن بدائل للكهرباء التي أصبحت غائبة عن منازلهم بشكل كامل منذ أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء قبل أكثر من عام، وأغرقوا مدن البلاد كافة في الظلام، وهي سياسة تضاف إلى السياسة الفاشلة التي اتبعها المخلوع علي صالح، حليف الحوثيين الحالي في الحرب ضد اليمنيين، حيث ورثت حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة تركة سيئة في أعقاب خروج المخلوع من السلطة عام 2011، على إثر احتجاجات شعبية واسعة. وقد بدأت المحلات التجارية في العاصمة صنعاء تكتظ بالألواح الشمسية، التي صار اليمنيون يقبلون على شرائها بشكل كبير، بخاصة منذ أن فقد الناس الأمل في عودة الكهرباء إلى منازلهم، بعد سنوات من الخدمة السيئة، حيث كانت الكهرباء تنقطع لساعات طوال وأحياناً لأيام، ما أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة في ممتلكات المواطنين. مزايدة سياسية كانت قضية الكهرباء واحدة من المشاكل التي تواجهها الحكومات اليمنية المتعاقبة، ودخلت في الصراع السياسي والاجتماعي في بلد يستخدم فيه المتصارعون الخدمات للتأثير على الواقع، حتى وإن كانت هذه الخدمات لها علاقة مباشرة بحياة الناس، مثل الكهرباء التي تعرضت للكثير من أعمال التخريب، ما ولد معاناة كبيرة لم تستطع أية حكومة معالجتها. ودخل الكهرباء على خط المزايدات السياسية خاصة أن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وعد في أحد خطاباته أثناء خوضه الانتخابات الرئاسية عام 2006، أنه سيعمل على توليد الكهرباء بالطاقة النووية، وهو ما أثار سخرية المتابعين داخلياً وخارجياً، وخاصة أن الكهرباء لا تعرفها كل مناطق اليمن، ومحصورة في المناطق الحضرية والمدن الكبرى، مثل العاصمة صنعاء وعدن وحضرموت والحديدة وغيرها من مدن البلاد الكبرى. وترجمة للوعود الانتخابية، وكجزء من إلهاء الناس، شكل المخلوع لجنة وطنية يرأسها رئيس مجلس الشورى حينها عبد العزيز عبد الغني، تتولى ملف توليد الطاقة الكهربائية بالطاقة النووية والتفاوض والبحث مع الشركات الأجنبية من أجل الحصول على تلك الطاقة عن طريق الاستثمار. وكرس رئيس اللجنة اليمنية للطاقة الذرية الدكتور مصطفى بهران الذي كان حينها مستشاراً للمخلوع، نفسه بالترويج لكذبة تنفيذ مشروع الكهرباء بالطاقة النووية ابتداء من مطلع عام 2007، معتبراً أن الحل والخيار الأمثل للخروج من أزمة الكهرباء في اليمن هو التوجه نحو التوليد بالطاقة النووية، بل إنه قال إن العلم لا حدود له وإن مستقبل توليد الكهرباء بالطاقة النووية ليس مستحيلاً وإنما قريب جداً. ولمزيد من إضفاء الجدية على الخطوة أكد بهران أن لجنته تفاوضت مع عدة شركات أمريكية وكندية على إنتاج الكهرباء بتقنية الطاقة النووية على أن تقوم الحكومة بدعمها بالأمن والحماية والأرض وتشتري منها. والحقيقة أنه لم تكن هذه التحركات سوى عبارة عن حقن مهدئة للغضب الشعبي المتنامي لسوء خدمة الكهرباء في البلاد، والتي لم تتمكن ثلاثة عقود من حكم المخلوع من توفير الحد الأدنى من الخدمات، بما فيها الكهرباء، إذ إن الطاقة التوليدية للكهرباء في البلاد حتى آخر سنوات حكم صالح لم تكن تتجاوز 850 ميجاوات، لكل اليمن، وهو إنتاج أقل مما تنتجه الصومال التي تشهد اضطرابات مستمرة منذ أكثر من عشرين عاماً. ويعاني اليمن عجزاً شديداً للطاقة الكهربائية، حيث تشهد معظم المدن انقطاعات متواصلة للتيار الكهربائي تستمر عدة ساعات، ويتفاقم الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه اليمنيون خاصة في المناطق الساحلية ذات الحرارة المرتفعة في الصيف، بخاصة عدن وحضرموت والحديدة وغيرها من المناطق، ناهيك عن الأضرار الناتجة عن غياب الكهرباء عن المستشفيات والمراكز الصحية وغيرها. وتؤكد مصادر حكومية أن بعض محطات الطاقة الكهربائية خرجت عن الخدمة بسبب انتهاء عمرها الافتراضي، وأن الحكومة كانت غارقة بالفساد، ما يمنعها من معالجة هذه المشكلة المزمنة التي تتهم مخربين بقطع التيار الكهربائي الذي تولده محطة مأرب الغازية، والتي تبلغ نحو 400 ميغاواط. أين تكمن مشكلة الكهرباء في اليمن؟ يقول مختصون إن قضية الكهرباء ليست متعلقة بمن يتولى مسؤولية وزارة الكهرباء، والتي تعاقب عليها الكثير من الشخصيات، بل إنها مشكلة متعلقة بالحكومات بشكل عام ومنها الجانب الأمني، حيث لم تستطع الأجهزة الأمنية حماية خطوط الكهرباء، فيما وزارة المالية لا تنفق المال لمؤسسات الكهرباء من أجل شراء المواد التشغيلية للمولدات وصيانتها. محطة مأرب الغازية يملك اليمن محطة مأرب الغازية لتوليد الكهرباء لعموم اليمن، إضافة إلى محطات فرعية في بعض المناطق خاصة المحطة الكهروحرارية في عدن التي تخرج عن الخدمة بين الحين والآخر، والتي كانت تغطي مناطق الجنوب قبل قيام دولة الوحدة، ولم يقم نظام صالح طوال 25 عاماً من الوحدة بزيادة قدرتها لتوليد الكهرباء. كان الهدف من إنشاء المحطة الغازية بمأرب تعزيز القدرة التوليدية الكهربائية بقدرة إجمالية تصل إلى 341 ميجاوات من أجل القضاء على العجز الحاصل في قدرة التوليد، لتجهيز الشبكة الوطنية لنقل قدرات أعلى، ومنذ ما بعد قيام دولة الوحدة عام 1990، زادت الأعباء على المحطة مع تزايد الاعتداءات على خطوط نقل الكهرباء لأسباب لها علاقة بمطالب القبائل من الدولة بتوفير وظائف في الجيش والأمن أو بالإفراج عن سجناء من أبنائها لدى الدولة. وكانت ولا تزال أغلب الاعتداءات تقع في محافظة مأرب في خطوط نقل الطاقة من مأرب صنعاء، المكونة من 490 برجاً ممتدة بين المحافظتين، وتنوعت أعمال التخريب ضد خطوط نقل الكهرباء في اليمن بين اعتداءات بالرصاص والقذائف والعبوات الناسفة، وبالخبطات الحديدية، أو حتى بمنع الفرق الفنية من إصلاح التخريب، وتؤكد بعض الإحصاءات أن عدد الاعتداءات على أبراج الكهرباء بلغ عام فقط 141 اعتداء، فيما بلغت خسائر الاعتداءات 33 مليار ريال يمني. ونشرت وسائل إعلامية تقارير عن وزارة الداخلية بأسماء المتهمين بالاعتداء على الكهرباء في الفترة من مايو/أيار 2012، إلى منتصف مارس/آذار 2013، وصل عددهم لأكثر من 75 مطلوباً أمنياً، وغالباً ما تكتفي الداخلية بالكشف عن أسماء أشخاص تقول إنهم متهمون بتفجير أنابيب النفط أو تخريب الكهرباء، لكنها لم تعلن أنها ألقت القبض على أي منهم. وخلال الأعوام الثلاثة الماضية اشتهر رجل من مأرب يدعى كلفوت، والذي تبنى عملية ضرب أبراج الكهرباء في مأرب، إلا أن السلطات الأمنية لم تتمكن من إلقاء القبض عليه أو حتى التحرك لملاحقته في المنطقة التي يقوم فيها بضرب أبراج الكهرباء. وقد دخلت قضية الكهرباء في صلب الصراع السياسي الدائر بين الأطراف المتخاصمة في البلاد، لدرجة أشار إليها المبعوث الأممي جمال بنعمر في تقرير له أمام مجلس الأمن قبل عامين، عندما أكد أن هناك من يسعى لتقويض العملية السياسية في اليمن من خلال الهجمات المتكررة على أبراج الكهرباء وأنابيب النفط. وتشهد العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى انقطاعاً متواصلاً للتيار الكهربائي منذ أكثر من سبعة شهور، بسبب تعرض خطوط نقل الطاقة في محافظة مأرب لأضرار بالغة، نتيجة المعارك الدائرة بين المقاومة الشعبية وميليشيا الحوثي في المحافظة. وحذرت وزارة الكهرباء من التوقف التام لخدماتها بسبب المعارك والأزمة السياسية في البلاد، مطالبة الحكومة بتقديم العون لها للحيلولة دون الوصول إلى مرحلة الانهيار، وبحسب تقرير للوزارة صدر في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإن خسائر مؤسسات الكهرباء بلغت 34 مليار ريال (156 مليون دولار)، منها 15 ملياراً جراء تخريب خط صنعاء مأرب، ومناطق المواجهات العسكرية في صنعاء، إضافة إلى 19 ملياراً عجزت المؤسسة عن تسديدها لمستثمري شراء الطاقة وشركة النفط وقيمة قطع غيار. معاناة مستمرة يعاني سكان اليمن الكثير من انقطاع الكهرباء التي أثرت في أوضاعهم الاقتصادية والصحية، وغالباً ما تلجأ المؤسسات الصحية من مستشفيات ومراكز صحية وغيرها، سواء في المناطق الريفية، حيث تنعدم الكهرباء بشكل كامل أو في عواصم المدن بما فيها صنعاء، حيث تنقطع الكهرباء بشكل يومي، إلى شراء المولدات الضخمة للحصول على الكهرباء لضمان تشغيل الأجهزة الطبية وغيرها. واتبع المواطن البسيط الطريقة ذاتها، حيث انتشرت تجارة المولدات الكهربائية ذات القدرات التشغيلية المحدودة، والمصنوعة في الصين، والتي صارت البديل المناسب للمواطن للحصول على الكهرباء خلال السنوات الماضية، لكن المشكلة التي واجهت الناس تمثلت في انعدام مادتي البترول والبنزين زادت من معاناة الناس، فبدأوا بالالتفات إلى بديل آخر، والمتمثل بالطاقة الشمسية، حيث لوحظ خلال الأشهر القليلة الماضية انتعاشاً لتجارة الألواح الشمسية بعدما فقد الناس الأمل في عودة الكهرباء إلى منازلهم ومحلاتهم التجارية. وفي ظل الحرب التي يشنها الحوثيون وأنصار الرئيس المخلوع، أصبحت الألواح الشمسية أكثر تجارة مزدهرة، حيث انتشرت في كل مكان، بعد أن كانت محصورة في عدد محدود من المحلات بشارع حدة وسط العاصمة، وهو شارع كان يعرف في فترة ما قبل الحرب بأنه شارع الإلكترونيات. ولم يقتصر بيع الألواح الشمسية على محلات بيع الإلكترونيات، وإنما طغت على محلات الأجهزة الكهربائية ومواد البناء والمواد الغذائية، بل إن بعض الصيدليات باتت تبيع هي الأخرى الألواح الشمسية بجانب الأدوية. وهناك عشرات المحلات الجديدة التي بدأت تبيع مستلزمات الطاقة الشمسية وتفتح منذ الصباح الباكر حتى وقت متأخر، حيث يحاول التجار تعويض خسائرهم من خلال تجارة جديدة مزدهرة وتشهد إقبالاً كبيراً. ويقول تجار عاملون في بيع ألواح الطاقة الشمسية، إن نسبة المبيعات لهذه المنتجات تضاعفت بشكل ملحوظ خلال الأشهر القليلة الماضية، كما تضاعف سعر اللوح الواحد 3 مرات، ووفقاً لمسح ميداني نفذته منظمة أهلية معنية بشؤون الاقتصاد، فإن مبيعات الألواح الشمسية وملحقاتها ارتفعت بمقدار 100% خلال الشهور الخمسة الماضية، لافتاً إلى أن 62% من منازل صنعاء تستخدم الطاقة الشمسية في الإنارة وتشغيل الأجهزة الكهربائية. ويعتبر مواطنون، أن ألواح الطاقة الشمسية تعد البديل الأفضل لمشكلة انقطاع الكهرباء، لكنها ليست للجميع، حيث الفقر يطحن أغلبية اليمنيين، وينظر الفقراء إلى نظام الطاقة المتجددة باعتبارها ترفاً. حل إماراتي في عدن في إطار الجهود التي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة، لمساعدة اليمنيين على مواجهة أزماتهم، تعهدت بحل أزمة الكهرباء في مدينة عدن والمناطق المجاورة لها، وبعد أيام من تحرير المدينة من قبضة ميليشيات الحوثي وصالح، في شهر يوليو/تموز، أرسلت الإمارات عبر هيئة الهلال الأحمر 17 مولداً إسعافياً لتشغيل محطات الكهرباء في المدينة التي خربتها القذائف الحوثية في الحرب الأخيرة. وأوضح المهندس خليل عبد الملك، مدير كهرباء عدن، أنه وباهتمام شخصي من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تم التوصل إلى اتفاق بأن يشترى الهلال الأحمر الإماراتي معدات محطة 22 مايو/أيار لصالح مؤسسة الكهرباء بعدن، على أساس أن تكون محطة مملوكة للمؤسسة مع دفع تكاليف التشغيل والصيانة لمدة عام كامل من جانب الإمارات. ولمواجهة أزمة الكهرباء وحلها بشكل نهائي في عدن والمناطق الجنوبية بشكل عام، أكد القائم بأعمال الإدارة الإماراتية في عدن الدكتور مبارك الجابري، خلال لقائه بقيادات السلطة المحلية بالمحافظة قبل أسبوعين أن هناك مساع حثيثة لحل المشكلة، وقال: نحن لا نريد أن ننير البيوت فقط ولا نريد حلولاً ترقيعية، بل نريد حلاً جذرياً للخمسين سنة المقبلة، هناك ألف ميغاواط جاهزة لعدن ولن نتوقف هنا، بل نطمح إلى زيادة هذه القوة، ما يعني أن الإمارات ستتكفل بتوفير طاقة كهربائية خلال أشهر قليلة أكثر بكثير من تلك التي كانت في عهد صالح منذ أكثر من 3 عقود.

مشاركة :