تمكن علماء من تطوير ”أدمغة صغيرة“ في المختبر، من خلايا مرضى الخرف ومرضى الخلايا العصبية الحركية، مما يفتح الباب أمام علاجات جديدة للحالات التنكسية العصبية. وأتاحت القدرة على تطوير نماذج صغيرة تشبه الدماغ، للباحثين من جامعة كامبريدج، بفهم ما يحدث في المراحل الأولى من شكل من أشكال مرض العصبون الحركي المعروف باسم التصلب الجانبي الضموري. وغالبًا ما تتداخل هذه الحالة مع الخرف وتميل إلى الحدوث عند البالغين الأصغر سنًا الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و 45 عامًا، بحسب صحيفة ”ديلي ميل“ البريطانية. وتساعد الأدمغة المصغرة العلماء على معرفة كيفية تطور الحالة، قبل وقت طويل من ظهور أي أعراض، وبالتالي فحص الأدوية المحتملة التي يمكنها علاج المشكلة. وتسبب هذه الحالات أعراضًا مدمرة لضعف العضلات مع تغيرات في الذاكرة والسلوك والشخصية، يمكن تخفيفها إذا تم اكتشافها مبكرًا بما فيه الكفاية. ويأمل الباحثون في المستقبل إمكانية تكوين أدمغة فردية صغيرة من خلايا جلد الشخص، واستخدامها لتطوير واختبار عقاقير مخصصة لعلاج أعراضهم المحددة. وأوضح علماء جامعة كامبريدج أن أحد الأدوية التي تم اختبارها على ”العقول الاصطناعية“ وجد أنه يدمر البروتينات السامة التي تتجمع في كتل. وقال قائد الدراسة الدكتور أندراس لاكاتوس: ”الأمراض التنكسية العصبية هي اضطرابات معقدة للغاية يمكن أن تؤثر على العديد من أنواع الخلايا المختلفة، وكيفية تفاعل هذه الخلايا في أوقات مختلفة مع تقدم الأمراض“. وأضاف: ”للاقتراب من التقاط هذا التعقيد، نحتاج إلى نماذج أطول عمراً، وتكرر تكوين مجموعات خلايا الدماغ البشرية التي تحدث فيها الاضطرابات عادةً، وهذا ما يقدمه نهجنا“. وأردف لاكاتوس: ”لا يمكننا فقط رؤية ما قد يحدث في وقت مبكر من المرض – قبل وقت طويل من ظهور أي أعراض للمريض – ولكن يمكننا أيضًا أن نبدأ في رؤية كيف تتغير الاضطرابات بمرور الوقت في كل خلية“. وتمت زراعة النماذج لمدة عام تقريبًا، مما أتاح تحليل الاضطرابات المرتبطة بالخرف على مدى فترة طويلة، حيث تم اشتقاقها من مرضى ”الخرف الجبهي الصدغي“ ومرض ”التصلب الجانبي الضموري“، وهو شكل شائع من مرض العصبون الحركي. وتتسبب هذه الحالات في ضعف العضلات ومشاكل في الذاكرة والسلوك والشخصية، ويمكن أن تؤثر على الأشخاص في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر. وتظهر الأدمغة الصغيرة أو ”العضيات“، ما يحدث قبل ظهور الأعراض بوقت طويل، ويمكنها فحص العلاجات المحتملة. واستمرت أنسجة المخ التي تم إنشاؤها سابقًا في المختبر لفترة قصيرة فقط، مما حد من نطاق التجارب، لكن هذه التجربة استمرت لمدة 340 يومًا. وبشكل عام، تستخدم أشباه العضويات، التي يشار إليها غالبًا باسم ”الأعضاء المصغرة“، بشكل متزايد لنمذجة البيولوجيا البشرية والمرض. وفي جامعة كامبريدج وحدها، يستخدمها الباحثون لإصلاح الكبد التالف، ودراسة عدوى السارس- CoV-2 في الرئتين، ونمذجة المراحل المبكرة من الحمل، من بين العديد من مجالات البحث الأخرى. وعادةً ما يأخذ الباحثون الخلايا من جلد المريض ويعيدون برمجتها إلى مرحلة الخلايا الجذعية، وهي مرحلة مبكرة جدًا من التطور حيث تكون لديهم القدرة على تطويرها إلى معظم أنواع الخلايا. ونظرًا لأن العديد من الأمراض ناتجة جزئيًا عن عيوب في الحمض النووي لدينا، فإن هذه التقنية تسمح للباحثين بمعرفة كيف تؤدي التغيرات الخلوية، المرتبطة غالبًا بهذه الطفرات الجينية، إلى المرض.
مشاركة :