تحرك الموالون لما بات يعرف بـ«الإطار التنسيقي»؛ الذي يضم معظم القوى والفصائل الشيعية الخاسرة في الانتخابات العراقية، مساء أول من أمس، باتجاه أبواب المنطقة الخضراء؛ التي تضم غالبية المواقع الحكومية ومباني السفارات والبعثات الأجنبية، في مسعى، على ما يبدو، لممارسة مزيد من الضغوط على مفوضية الانتخابات المستقلة لإرغامها على ما يرونه تصحيحاً لمسار العملية الانتخابية بإعادة النظر في نتائج الاقتراع بذريعة «تعرضها للتزوير وسرقة الأصوات». ويأتي التحرك الجديد قبل يوم من انتهاء مهلة الـ«72» ساعة التي حددتها «اللجنة التنظيمية للتظاهرات» لمفوضية الانتخابات من أجل الاستجابة لمطالبهم التي تركز هذه الأيام على إعادة عمليات العد والفرز يدوياً. وقام متظاهرو «الإطار التنسيقي»، مساء السبت، بنصب الخيام تمهيداً لاعتصام مفتوح قرب الجسر المعلق حيث المدخل الجنوبي للمنطقة الخضراء، مرددين شعارات منددة بنتائج الانتخابات التشريعية. وانطلقت احتجاجات القوى الرافضة نتائج الانتخابات مطلع الأسبوع الماضي، واشترك فيها أنصار قوى «تحالف الفتح» الحشدي الموالي لإيران الذي فقد نحو 30 مقعداً برلمانياً فيها بعد أن كان لديه 48 مقعداً في الدورة البرلمانية الماضية، وانضم لجماعة «الإطار التنسيقي» معظم القوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات، والتحق بهم «ائتلاف دولة القانون» الحاصل على 34 مقعداً في الانتخابات الأخيرة. وتتداول بعض المصادر المطلعة على تفاصيل الاحتجاجات والمظاهرات أن معظم المشاركين فيها مرتبطين بـ«الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة، وبعضهم خرج تنفيذاً لأوامر صدرت إليهم من قيادات عليا في «الحشد». وينظر مقتدى الصدر وأتباعه الفائزون بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الأخيرة (73 مقعداً) بعدم ارتياح وعدم اطمئنان للمظاهرات والاحتجاجات وتصدر عن بعضهم انتقادات علنية ضدها، ويقولون: «القوى الخاسرة تحاول ابتزاز مفوضية الانتخابات لإرغامها على تغيير النتائج»، إلى جانب دفاعهم المتواصل عن عمل مفوضية الانتخابات وطريقة إدارتها العملية الانتخابية. وكان زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي خاطب المتظاهرين في وقت سابق بالقول: «أرجو أن تكون اعتراضاتكم على نتائج الانتخابات بوقفة احتجاجية سلمية تحافظ على الأمن والنظام ولا يستثمرها مثيرو الشغب؛ لأن ذلك يتنافى مع دعواتنا وجهودنا لفرض الأمن والاستقرار». وليس من الواضح ما الخطوة التالية التي سيقوم بها المتظاهرون والمحتجون والجهات التي تقف وراءهم بعد انتهاء المدة وفي حال ثبتت مطابقة نتائج العد اليدوي للعد الإلكتروني، لكن المقرب من الفصائل المسلحة ومن يسمون أنفسهم «محور المقاومة» هاشم الكندي يقول: «الاحتمالات ستكون مفتوحة بعد انتهاء المهلة، وأبرزها دخول المنطقة الخضراء والوصول إلى مقر المفوضية ومكتب رئيس الوزراء». ولا يستعبد أن «يشمل التصعيد الوصول إلى مكتب مفوضية الانتخابات وبعض الدوائر الحكومية من أجل إجبار الحكومة على احترام خيارات الشعب». غير أن مراقبين محليين يستبعدون أن يصل تصعيد الجماعات الخاسرة إلى «نقطة اللاعودة»؛ نظراً للاحتمالات الخطيرة المترتبة على ذلك؛ ضمنها تفجر الأوضاع التي قد تصل إلى حالة من الصراع الدموي بين القوى الشيعية. ويرون أن التصعيد يستهدف الحصول على ما يمكن الحصول عليه من مقاعد نيابية إضافية، أو ضمان حصة الفصائل المقربة من إيران في نصيبها من المناصب في الحكومة المقبلة. ويعزز من فكرة ذهاب جماعات «الإطار التنسيقي» إلى خيار التهدئة ما كشف عنه عضو الإطار التنسيقي وزعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، أمس الأحد، حين كشف عن اجتماع مرتقب لـ«الإطار التنسيقي» من أجل احتواء أزمة تداعيات نتائج الانتخابات وإيجاد الحلول لها سياسياً. وقال المالكي في تصريحات نشرها مكتبه: «الاجتماع دعا إليه (الإطار التنسيقي) وسيعقد (مساء اليوم الأحد) ويضم جميع القوى الوطنية من أجل التداول في أزمة نتائج الانتخابات وموجة الاعتراضات التي أثيرت حولها». وذكر المالكي أن «الاجتماع سيبحث الأفكار والآليات لمعالجة واحتواء الأزمة ومنع تداعياتها وإعطاء المتضررين حقهم بموجب الدستور والقانون حتى لا تخرج المطالبات عن إطارها الشرعي». وقال عضو «الإطار التنسيقي» الآخر عمار الحكيم، أول من أمس: «على المفوضية والسلطة القضائية تحمل مسؤولية النظر بجدية في الطعون والشكاوى المقدمة من المرشحين والقوى السياسية، لإعطاء صورة ناصعة عن الديمقراطية في العراق». وشدد على «ضرورة اتباع الطرق القانونية والسلمية من قبل الجميع في المطالبة بحقوقهم». وكانت مفوضية الانتخابات المستقلة ردت نحو 95 في المائة من الطعون التي تقدم بها مرشحون وكتل سياسية منذ الخميس الماضي؛ نظرا لأن «الطاعن لم يحدد المحطة أو المركز الذي يطعن بنتائجه؛ فضلاً عن مطالبته بفتح جميع محطات الدائرة الانتخابية أو لثبوت تطابق النتائج المعلنة». وذكرت المفوضية، أمس، أن مجلسها قرر الموافقة على «إعادة العد والفرز اليدوي لـ234 محطة من المحطات الانتخابية المطعون بها؛ بناءً على 18 طعناً توزعت على محافظات: صلاح الدين والبصرة، إضافة إلى بغداد، كونها جاءت مدعمًة بالأدلة، وسيقوم المجلس بتقديم التوصية المناسبة بشأنها بعد استكمال إجراءات العد والفرز اليدوي». وأضافت أن «فرز الأصوات وعدها يدوياً سيكون بحضور ممثلي المرشحين المتنافسين في هذه المحطات وفق مواعيد وإجراءات وآليات يتم تحديدها لاحقاً».
مشاركة :