أحمد عبدالعزيز ولهيب عبدالخالق (أبوظبي) أكد كبار الخبراء في «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الثاني 2015» الذي اختتم فعالياته أمس، أن التحولات في المنطقة تفرض على دول الشرق الأوسط تكوين قوة عربية، وطرح فرص الحلول حتى تخرج المنطقة من الوضع الراهن الذي أدى إلى انزلاق دول عدة في مستنقع العنف والإرهاب، وتفكك أنظمتها بسبب هبوب ما سمي «بالربيع العربي» الذي أدى إلى نتائج مآساوية حقيقية على أرض الواقع. وعرضت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات، العديد من المعطيات التي تعيشها المنطقة، والتي أدت إلى التحول العنيف الذي تشهده المنطقة في دول الخليج سواء كل دولة على حِدَة، أو منظومة مجلس تعاون، وما التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية الناتجة عن هذا التحول؟ وما الفرص التي توفرها هذه التغييرات؟ وقالت: «إن حديثي عن دولة الإمارات التي تستضيف هذا الملتقى كأحد أوجه الاستجابة للتحولات في المنطقة، من خلال البحث عن فرص الحلول، وتبادل الأفكار والتصورات حول القضايا التي تشغلنا جميعا، ولقد استبقت دولة الإمارات موجات الاحتجاج ومطالب التغيير التي اجتاحت أماكن متعددة في محيطنا العربي والإسلامي، من خلال الاستجابة لتطلعات وطموحات مختلف مكونات المجتمع، وخلق الفرص، ومراكمة الإنجازات. إذ خطَت الإمارات خطواتٍ واسعةً في المسارات التنموية كافّة كما هو مشهود، واستندت رؤيتها للمستقبل على تكامل الجهود، وتحرير الطاقات الكامنة في المجتمع الإماراتي، مع التركيز على العناصر الشابّة، والمتحفزة للإنجاز والتميز، ووظّفت إمكانات الدولة، الماديّة والمعنوية لرفع كفاءتهم، وإمدادهم بالمعرفة والخبرة اللازمة لدخول مستويات جديدة من العمل والبناء». وأضافت: إنه على الرغم من الاستقرار الداخلي الذي ظلت الإمارات تتمتع به بفضل هذه الجهود، إلا أن التحولات العنيفة التي شهدتها منطقتنا أَوْجَدت جملةً من التحدّيات لصانع القرار في الإمارات اتّسم بعضها بالخطورة البالغة، ما استدعى جملة من الاستجابات الحاسمة والقوية أحياناً كما هو الحال بالنسبة للأزمة في اليمن، إذ شاركت الإمارات بفاعلية في جهود التحالف العربي الرامية إلى تحقيق الاستقرار واستعادة الشرعية، ومنع انهيار الدولة الوطنية هناك. وأشارت الكتبي إلى أنه مع تنامي مخاطر التحولات العنيفة في الإقليم، تعزز شعور القيادة والنخب الإماراتية أن هذا النموذج التنموي المتميز الذي بنيناه في هذه المنطقة المشتعلة من العالم، يقتضي بناءَ نموذج موازٍ ومكافئ للقوة بمفهومها الشامل، لترسيخه وحمايته، وبالتالي فقد عملت دوائر صنع القرار، وبمساندة من النخب الفكرية والاجتماعية والدينية والاقتصادية، على تطوير فَهم ذاتي للقوة لا يكتفي بالتعامل مع المخاطر القائمة بحسم واقتدار فحسب، بل يتخطى ذلك إلى استباق المخاطر المحتملة عن طريق تطوير قدرات الاستشراف والتنبؤ بالأحداث، والعمل على إبطال مفاعيلها. وعن أهم الاستراتيجيات التي تتبناها دول مجلس التعاون الخليجي من أجل التخفيف من هذه المخاطر ومواجهة التهديدات وتعظيم المكاسب، أفادت بأن دول الخليج العربية تتعامل مع جملة متغيرات متسارعة وأحياناً عنيفة يشهدها النظامان الدولي والإقليمي، وهي متغيرات أفرزت وتفرز جملة من التحديات والفرص. وقال اللواء الركن الدكتور علي الرويلي مدير البرامج الخاصة في جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض: إن الوطن العربي أمام استراتيجيات إقليمية ودولية، وهذه الاستراتيجيات بدأت تحيك ضد الوطن العربي لإنهاكه وتفتيته. والاستراتيجيات الدولية تأتي من خلال محاربة الإرهاب، ومن خلال محاربة المنظمات الإسلامية المتشددة، ومن خلال التدخلات المباشرة في الدول العربية، ثم إن هناك سياسات واستراتيجيات إقليمية هدفها الهيمنة الإقليمية على الوطن العربي ولتصدير الثورات إليه. وقال: إن دولنا العربية أصبحت تعاني، ولذلك أصبح الكثير من دول العالم يخاف من سقوط دول الشرق الأوسط. وأضاف أن هذه التأثيرات بدأت تزحف الى دول الخليج ووصلت الى حدود دول مجلس التعاون الخليجي، من شمال الخليج في العراق، ومن جنوبه في اليمن، وفي وسطه في البحرين وهي مهددة، وهكذا أصبحت هذه الاستراتيجيات الان قاب قوسين أو أدنى من الحدود الخليجية، ولذلك فإن دول مجلس التعاون ليس لها إلا نفسها، وليس لها سوى أن تدافع عن استقرارها بقوتها الذاتية ولامانع إذا كانت هناك تحالفات عسكرية عربية أو دولية، لكن يجب ان تقوم دول الخليج بحماية نفسها. وأكد أن عاصفة الحزم التي يقوم بها التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات، هي نموذج موحد ومتميز في هذا العصر الحديث، وهي تؤشر أن العالم العربي بدأ بنفسه الدفاع عن نفسه، . وبشأن مستقبل التحالف العربي والقوة الدفاعية الجديدة في ظل المتغيرات الاستراتيجية والآيديولوجية في المنطقة العربية، قال الرويلي: إن القوة العربية أصبحت ضرورة ملحة الآن، نادت بها كثير من الدول العربية، وطالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قبل فترة بإنشاء قوة عربية، لكن الواقع أن هذه القوة تحتاج لدمل الكثير من جراحات العالم العربي، فهذه القوة عندما تتشكل ستساهم في حماية أي دولة عربية قبل أن تنهار، وقبل أن ينهدم عدم استقرارها، وهذا ما يجب أن يكون.
مشاركة :