تحتاج الشركات والمؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا إلى اتباع نهج مختلف لمعالجة التعقيدات والهجمات المتزايدة التي باتت تنطوي عليها التهديدات الرقمية، حيث لا تأتي الصعوبات من تعقيد الهجمات، لكن من الاتساع المتزايد في نوعية الهجمات، التي تتطلب مجموعة أكثر تنوعا من أساليب الحماية، وتعد هجمات استغلال موارد أجهزة الضحايا ضمن أكثر الهجمات التي تكبد الشركات خسائر طائلة. وتعد برمجيات التعدين برمجيات خبيثة مصممة لسرقة العملات الرقمية من الأجهزة التي تصيبها. وغالبا ما تثبت من دون علم المستخدمين قبل أن تبدأ ببطء في سحب أنواع مختلفة من العملات الرقمية، حتى إنها تنجح في بعض الحالات في سرقة ملايين. وبعد شيوع استخدام برمجيات التعدين ضمن الترسانات التخريبية الخاصة بمجرمي الإنترنت منذ 2018، بلغ متوسط الخسائر المالية من تعدين العملات الرقمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 938 ألف دولار. وكشف تقرير "اقتصاديات أمن تقنية المعلومات" عن الخطورة المتزايدة التي تنطوي عليها حوادث الأمن الرقمي التي يقع تأثيرها على الشركات من خلال الموردين الذين تتشارك هذه الشركات بياناتها معهم. وبلغ متوسط التأثير المالي لمثل هذه الحوادث في الشركات 1.4 مليون دولار في 2021، ما يجعلها أكثر أنواع حوادث الأمن الرقمي تكلفة في العالم، في حين إن النوع نفسه من الهجمات يكلف الشركات العاملة في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا نحو 915 ألف دولار. وبدأت الهجمات التي تتضرر فيها الشركات حول العالم من الشركات والأطراف المتعاقدة معها، تشكل توجها واضحا، وعادة ما تمنح الشركات جهات خارجية متعددة وصولا إلى بعض بياناتها المؤسسية، ومن تلك الجهات مزودو الخدمة والشركاء والموردون والشركات التابعة وغيرهم من أصحاب المصلحة. ويفرض هذا الأمر على الشركات النظر في مخاطر الأمن الرقمي التي قد تؤثر تأثيرا كبيرا في بنيتها التحتية التقنية، ومنها تلك المخاطر التي يمكن أن تأتي من الأطراف الخارجية. ووفقا للدراسة الاستطلاعية التي أعدتها "كاسبرسكي"، عانت 40 في المائة من الشركات الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، هجمات شملت بيانات مشتركة مع الموردين، ولم يتغير هذا الرقم كثيرا عن الرقم الذي أورده تقرير 2020، الذي بلغ 44 في المائة. وتمثلت الهجمات التي أحدثت أكبر خسائر مالية مؤسسية في الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا في الاستخدام غير المصرح به لموارد تقنية المعلومات من قبل الموظفين، بمتوسط بلغ 1.09 مليون دولار، تلتها الهجمات بالبرمجيات الخبيثة الذاكرية، التي تتسم بكونها خالية من الملفات بمتوسط بلغ 1.08 مليون دولار، ثم المشاركات غير المصرح بها للبيانات عبر الأجهزة المحمولة بمتوسط خسائر 976 ألف دولار. كذلك انخفض متوسط التأثير المالي لعموم الهجمات انخفاضا ملحوظا بنسبة قدرها 38 في المائة عن نتائج العام الماضي، فقد بلغ متوسط الخسائر 686 ألف دولار في 2021 مقابل 1.1 مليون دولار في 2020، ما قد يعزى إلى أن استثمار الشركات في التدابير الأمنية الوقائية والاحترازية لعب دورا مهما في التخفيف من وطأة الهجمات. أما السبب الآخر وراء انخفاض متوسط خسائر الهجمات الرقمية، فقد يعود إلى كون الشركات في المنطقة كانت أقل إبلاغا عن حوادث اختراق البيانات هذا العام، إذ وصلت نسبة الشركات التي تجنبت الإبلاغ عن مثل هذه الحوادث إلى 25 في المائة مقارنة بـ17 في المائة فقط في 2020، وقد تتردد الشركات الضعيفة ماليا في إبداء أي التزام وقتي ومالي تجاه إجراء تحقيق جنائي في الحوادث، أو لعلها تخشى على سمعتها إذا ما وصل خبر الحادث إلى جمهورها.
مشاركة :