لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله بعدد من المثقفين والإعلاميين، لم يكن تاريخياً كما يزعم بعضهم، لأن اللقاءات بين الملك سلمان وبين المثقفين وأصحاب الرأي دائمة ومستديمة، كما أنه حفظه الله متابع لكل ما ينشر للكتاب وما يكتب في الصحف ويؤلفه الأدباء. قد يغيب عن كثير، حتى بعض المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام والمؤسسات الثقافية، إن الملك سلمان حفظه الله، على اتصال دائم بالمثقفين وعلاقته بكثير من أدباء الرعيل الأول، ومن بعدهم يعرفهم بأسمائهم، منذ أن كان أميرا للرياض ورئيسا لمجلس دارة الملك عبدالعزيز، الحق يقال، زمن اللقاء في هذا الوقت يعد عبقرياً، لأهميته، كما أنه يأتي امتداداً للعلاقة التي تربط الملك سلمان حفظه الله بكثيرين، وإن غابت عنه من أسماء كثير من نخب ورموز الثقافة والأدب. بعد بيعة الملك سلمان ملكا على عرش البلاد، كتبت في هذا المكان من الجريدة في فبراير الماضي مقالا عنوانه (سلمان بن عبدالعزيز المثقف)، تناولت فيه جانبا مهما في شخصيته حفظه الله، وتحدثت عن علاقته بالثقافة والمثقفين. وإذا كان لي من تعليق على الكلمة التي، وجه بها الملك سلمان أصحاب الرأي والفكر والعلم، أؤكد أن قراءة مضامين الكلمة، تحتاج إلى عقل ثاقب ورؤية واضحة حتى نصل لمعانيها، والأهداف البعيدة لها، فالأجواء من حولنا ضبابية ومعتمة، لذا بعيدا عن العناوين البارزة لها، التي رسخت في ذهن وقلب العقلاء، فإن المغزى والعنوان الأبرز هو أننا لسنا معصومين من الخطأ، ولابد لنا أن ندرك أن سماع الرأي الآخر، سواء كان الحق فيه للآخر أو لنا فيه رأي آخر، لابد أن يكون أساسه الاحترام وحسن المجادلة والحوار لتصحيحه، وهو ما يرانا أن نتمسك به الملك سلمان حفظه الله، مجسدا قول الخليفة العادل عمر الفاروق (رحم الله من أهدى لي عيوبي)، وإن ظننا أننا النخب التي لا تخطئ في آرائها وكلماتها، مع علمنا أن الأنبياء كانت لها أخطاؤهم وذنوبهم، وهي التي لا تقارن بأخطائنا وذنوبنا. تبدو لنا هذه الرؤية واضحة، بما لاحظناه على الكتاب والمفكرين من أخطاء انزلقوا وراءها في الإعلام الجديد تحديدا، بكل قنواته وفضاءاته وهو ما نعده هاجسا حقيقيا، وهو الأهم، حيث يشكل لنا قضية شائكة بما لهذا الإعلام الجديد من تأثيرات سلبية وإيجابية، ولأنه حفظه الله كان قريبا من الإعلاميين، وخص الإعلام ومؤسساته برعايته واهتمامه منذ بداية حياته كما تقلد عديداً من المناصب التي تولاها حفظه الله في سدة الحكم والقيادة في هذا الوطن، أدرك الملك سلمان بفطنته خطورة ما انجرفت إليه الوسائل الإعلامية الجديدة، في التحريض والشحن العاطفي والطائفي المنبوذ، وما تأثر به منه شبابنا باعتناقهم الفكر التكفيري والإرهابي، وتنفيذ وصاياه المضللة. كان قلقنا كبيرا مما يبث عبر قنوات السوشال ميديا، وما له من إنتاج إعلامي قوي في الترويج للأخبار والمعلومات المغلوطة التي أثارت العواطف وشحنت النفوس، وقد لوحظ في الأشهر الأخيرة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما دار من حوار وما تم نشره من تعليقات وتغريدات، جندت الشباب للانضمام للجماعات الإرهابية، والتأثر بالمقالات والافتئات والتغريدات، التي أحلت سفك الدماء وأباحت قتل الأبرياء، وأثارت الضغائن والأحقاد وزرعت الفتن بين المسلمين. لذلك جاءت كلمة الملك سلمان حفظه الله نبراسا وميثاقا لكل مثقف وكل إعلامي يؤمن برسالته، ويجند قلمه ليكون مثالا في الصداق والإخلاص والوطنية، مؤكدا أن ومن واجبهم كإعلاميين في بلاد الحرمين القائم الحكم فيه، شرعة ومنهاجا، على الكتاب والسنة، أن يكونوا مؤمنين برسالتهم صادقين في نهجهم. والمهم في كل ما يروجون له ويسعون لإيضاحه وما ينشرونه ويكتبونه، الوصول للحقيقة والدفاع عن الحق، وذلك هو العنوان الأبرز في توجيه الملك للكتاب والمتحاورين من المثقفين، في حوارهم وتثاقفهم، أن يرقوا بأخلاقياتهم بالحكمة والكلمة الطيبة التي تليق بالصفوة من النخب المثقفة.
مشاركة :