سجلت أسعار النفط الخام تراجعات إلى أدنى مستوى في أسبوعين وذلك تفاعلا مع بيانات تكشف عن نمو جديد في المخزونات النفطية الأمريكية بالتزامن مع عودة ارتفاع مستوى الإصابات الجديدة بفيروس كورونا في أوروبا والصين ما جدد المخاوف من تعافي الطلب العالمي على النفط الخام. ويتأهب وزراء الطاقة في أوبك+ لعقد الاجتماع الشهري للمجموعة لتحديد مستوى إمدادات كانون الأول (ديسمبر) المقبل وذلك الخميس المقبل مع تدارس وضع السوق في ضوء المتغيرات الجديدة التي تساعد على البقاء في إطار السياسات الحذرة في زيادة الإمدادات خاصة مع تجدد أزمة وباء كورونا وارتفاع المخزونات الأمريكية واحتمالية عودة الصادرات النفطية الايرانية. ويقول لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون إن تراجع الأسعار جاء بسبب أنباء عن استعداد إيران والقوى الغربية لإجراء محادثات أوسع حول البرنامج النووي في الشهر المقبل وهو ما اعتبره المراقبون في السوق تمهيدا لعودة الصادرات الإيرانية من النفط الخام، فضلا عن تسجيل المخزونات أعلى مستوياتها منذ آب (أغسطس) الماضي، لكنها بقيت أقل بنسبة 5.6 في المائة تحت متوسط خمسة أعوام. وفي هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة إن الضغوط الأوسع على الأسعار جاءت بسبب بيانات عن تسارع وتيرة بناء المخزونات النفطية في الولايات المتحدة إضافة إلى تأثير الأنباء الخاصة بمفاوضات إيران حيث يرى كثيرون أنها قد تمهد لعودة ما يصل إلى 1.3 مليون برميل من النفط الإيراني إلى أسواق التصدير العالمية. وأشار إلى أن خسائر الأسعار تفاقمت عقب هذه الأنباء بنحو 2 في المائة بينما كانت قد سجلت في وقت سابق مستويات قياسية من الارتفاع عند أعلى مستوى في سبعة أعوام بفعل أزمة الغاز العالمية واستمرار قيود المعروض من جانب مجموعة أوبك + إضافة إلى تحفظ منتجي النفط الصخري الأمريكي من العودة إلى زيادة الإنتاج. ويرى فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة "سنام" الإيطالية للطاقة أن أوبك + على الأرجح في اجتماعها الأسبوع المقبل ستحافظ على مستوى الزيادة الشهرية المحدودة والبالغة 400 ألف برميل يوميا وتعزز هذه الخطوة الأنباء عن استئناف المحادثات الأوسع حول الاتفاق النووي الإيراني قبل نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل وهو ما يراه البعض مؤشرا على ضخ مزيد من المعروض في الأسواق. وأشار إلى أن الحديث عن عودة الصادرات الإيرانية أمر سابق لأوانه لأن المفاوضات ستكون على الأرجح عملية طويلة ولن تؤدي إلى عودة سريعة للنفط الإيراني إلى السوق وهو ما يعني أن تراجع الأسعار هو استجابة مؤقتة لتطورات مهمة في السوق ولكن سيعود تأثير أزمة الطاقة العالمية ليلقي بظلال أقوى على السوق في الأيام المقبلة. من ناحيته، قال ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية إن السوق تتطلع إلى مزيد من الإمدادات بفعل الضغوط التضخمية الحادة الراهنة بعد ارتفاع أسعار الغاز ومعها كل موارد الطاقة إلى مستويات قياسية، مشيرا إلى أن التقدم في ملف المفاوضات الإيرانية لن يقدم إسهامات مؤثرة في أزمة الطاقة العالمية والسوق تأمل في أن تقدم أوبك + خطوة جديدة ومختلفة في اجتماعها المقبل. ولفت إلى أن ارتفاع المخزونات النفطية الأمريكية مؤشر مهم في السوق ويعكس العديد من المخاوف المحيطة بتعافي الطلب خاصة مع تجدد إصابات فيروس كورونا في العديد من دول العالم موضحا أن المخزونات سجلت أعلى مستوياتها منذ آب (أغسطس) الماضي ولكنها بقيت أقل بنسبة 5.6 نحو في المائة، تحت متوسط الخمسة أعوام. بدورها، أوضحت ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكان إنجنيرينج" الدولية أن قلق المستهلكين مستمر من خطر نقص الإمدادات الذي كان جزئيا السبب وراء الارتفاع الكبير في أسعار النفط مشيرة إلى ثقة السوق بوعود أوبك + بأن تبقى السوق متوازنة ومزودة بشكل جيد، لافتة إلى أن بعض منتجي أوبك + يعانون بالفعل صعوبات في زيادة الإنتاج بسبب نقص الاستثمار منذ اندلاع الجائحة وقبلها منذ أزمة 2014. وأوضحت أن أزمة الطاقة المتمحورة حول الغاز أدت إلى زيادة الطلب على المنتجات النفطية في مقابل تمسك أوبك+ بزيادات محدودة في الإمدادات من النفط الخام موضحة أن المخزونات ستعود للتقلص لأن أسعار النفط للتسليم الفوري أعلى بكثير من أسعار التسليم في المستقبل ما يجعل تخزين النفط غير مربح. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، هبطت أسعار النفط لأدنى مستوياتها في أسبوعين، بعد أن أظهرت بيانات رسمية قفزة مفاجئة في مخزونات الخام الأمريكية ومع ارتفاع حالات الإصابة بمرض كوفيد - 19 في أوروبا وروسيا وظهور بعض بؤر العدوى في الصين ما قلص الآمال في الانتعاش الاقتصادي. وقد تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 1.58 دولار أي 1.9 في المائة، إلى 83 دولارا للبرميل في الساعة 05:02 بتوقيت جرينتش بعد أن هبط السعر إلى 82.32 دولار في وقت سابق الخميس وبعد تراجعها 2.1 في المائة في الجلسة السابقة. كما هبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.39 دولار أو 1.7 في المائة، إلى 81.27 دولار للبرميل وهو أدنى مستوياته منذ أسبوعين بعد أن انخفض بنسبة 2.4 في المائة الأربعاء. وأدى ظهور البؤر الجديدة لفيروس كورونا في الصين وتسجيل وفيات قياسية بالمرض والتهديد بالإغلاق في روسيا إضافة إلى ارتفاع حالات الإصابة في غرب أوروبا إلى وقف ارتفاعات أسعار النفط التي استمرت لعدة أسابيع. وفي الولايات المتحدة يرجح أن يكون الاقتصاد قد نما بأبطأ معدل في نحو 12 شهرا في الفترة من حزيران (يونيو) إلى أيلول (سبتمبر) مع ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد - 19 ومع الضغوط على سلاسل الإمدادات العالمية والنقص العالمي في بعض المنتجات منها السيارات. وكانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد قالت إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة زادت 4.3 مليون برميل مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع لـ"رويترز" بزيادة 1.9 مليون برميل. وقال محللو السلع لدى سيتي ريسيرش في مذكرة إن "الزيادة الكبيرة في المخزونات جاءت "على خلفية قفزة كبيرة في صافي واردات الخام واستمرار تباطؤ عمل المصافي". لكن مخزونات البنزين تراجعت مليوني برميل إلى أدنى مستوياتها في أربعة أعوام تقريبا على الرغم من معاناة المستهلكين الأمريكيين في الحصول على الوقود مع ارتفاع الأسعار. من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 83.72 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 84.52 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك الخميس إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، وكسبت السلة بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 83.30 دولار للبرميل.
مشاركة :