وجه الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمس، رسالة إلى الكونجرس يطلب فيها تمديد حالة الطوارئ المتعلقة بالسودان، وهي خطوة أعلنت أول مرة في عام 1997. وقال بايدن، في رسالته: إن السودان قطع خطوات واسعة في انتقاله نحو الديمقراطية منذ عام 2019، لكن «سيطرة الجيش على الحكومة واعتقال القادة المدنيين الآن مما يهدد تلك المكاسب الإيجابية». وأشار الرئيس الأميركي إلى أن الوضع في دارفور يشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. وختم بايدن رسالته، أنه بناء على ما جرى ذكره، فإن حالة الطوارئ ستبقى سارية المفعول إلى ما بعد الثالث من نوفمبر المقبل من العام الجاري. وفي هذه الأثناء، طالبت الخارجية الأميركية الجيش في السودان بالامتناع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين، عشية مظاهرات اليوم، وقالت: إن رد فعل الجيش سيكون اختباراً لنواياه. وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية للصحفيين، طالباً عدم نشر اسمه: «غداً سيظهر مؤشر حقيقي على نوايا الجيش». وأضاف: «ندعو قوات الأمن إلى الإحجام عن أي شكل من أشكال العنف ضد المحتجين والاحترام الكامل لحق المواطنين في التظاهر السلمي». وأشار المسؤول إلى شعور واشنطن بالارتياح للسماح لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك بالعودة إلى منزله، لكنه أضاف أن هذا لا يكفي لأن حمدوك لا يزال رهن الإقامة الجبرية، ولا يمكنه مواصلة عمله. من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الجيش السوداني إلى «ضبط النفس» خلال التظاهرات المرتقبة اليوم في الخرطوم، بعدما حشد معارضون للإجراءات التي أعلن عنها قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان الاثنين الماضي، إلى تظاهرة «مليونية». وقال جوتيريش، خلال مؤتمر صحفي أمس، عشية افتتاح قمة مجموعة العشرين في روما: «أدعو العسكريين إلى إظهار ضبط النفس، وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا»، مضيفاً: يجب أن يسمح للناس بالتظاهر سلمياً. ورغم تصاعد المواجهات في الخرطوم، حيث سقط ثمانية قتلى و170 مصاباً، منذ الاثنين، يحشد أنصار الحكم المدني لتعبئة عامة ومسيرات يريدونها «مليونية»، اليوم، في السودان ضد إعلان البرهان، الذي أطاح بالمدنيين من السلطة. ومنذ الاثنين، تغير المشهد تماماً في السودان بعد سنتين من حكم انتقالي. ففي عام 2019، اتفق العسكريون الذين تولوا السلطة بعد الإطاحة بالبشير إثر حركة احتجاجات شعبية عارمة غير مسبوقة، والمدينون الذين قادوا تلك الاحتجاجات، على تقاسم السلطة لمرحلة انتقالية يتم في نهايتها تسليم الحكم إلى حكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً. لكن البرهان أعلن، يوم الاثنين الماضي، حل مؤسسات الحكم الانتقالي. اعتقل جنود رئيس الوزراء عبدالله حمدوك والعديد من أعضاء حكومته والأعضاء المدنيين في مجلس السيادة المسؤول عن قيادة المرحلة الانتقالية. وأعيد حمدوك بعد أيام إلى منزله، بحسب مسؤولين دوليين تمكنوا من الحديث معه عبر الهاتف، لكن لم يتمكن أحد من مقابلته. ورغم قطع الإنترنت في البلاد، ينظّم المتظاهرون أنفسهم للنزول إلى الشوارع في الخرطوم ومدن أخرى. ورغم إعلان حل النقابات المهنية، إلا أن هذه المؤسسات التي دعت إلى «عصيان مدني»، وما تزال تحشد أعضاءها وقادرة على تنظيم «إضراب عام» حوّل العاصمة السودانية إلى مدينة شبه خالية منذ الاثنين. ويتواصل اعتقال شخصيات سياسية وناشطين وأشخاص. ونقل التلفزيون الرسمي خطبة الجمعة أمس، التي دعت إلى دعم الجيش. مبادرات وساطة في الخرطوم لحل الأزمة السياسية نشطت عدة وساطات داخل السودان من أجل إيجاد مخرج للأزمة السياسية الراهنة، بعدما حلّ الفريق أول عبدالفتاح البرهان الحكومة ومجلسي السيادة يوم الاثنين الماضي. وقالت مصادر سودانية لـ«الاتحاد»: إن شخصيات وطنية تشارك في هذه المبادرات، حرصاً على حقن الدماء، في حين أعلنت القيادات الثورية أنها ترفض بتاتاً الحديث عن أي وساطة بعد ما جرى فجر الاثنين الماضي. إلى ذلك، أعلنت قوى «الحرية والتغيير»، في بيان أمس، أن الأدوات والآليات التي ستحسم الصراع الحالي بين القوى العسكرية والمدنية هي الشارع، مؤكدة، في منشوراتها، أن مظاهرات اليوم الهدف منها تسليم السلطة لحكومة مدنية. وشددت لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير على أنه لا حوار ولا تفاوض مع أي من أعضاء المجلس العسكري. ودعت لحل كل التشكيلات المسلحة وإعادة تكوين القوات المسلحة، وفق عقيدة وطنية هدفها حماية حدود الوطن وحقوق الشعب، مؤكدة على ضرورة إبعاد القوات النظامية عن العملية السياسية، وتكوين كافة هياكل السلطة الانتقالية في فترة محددة. ودعت حركة تحرير السودان، بقيادة محمد نور، الشعب السوداني للخروج في مظاهرات اليوم، كما دعت الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو للخروج بقوة لمناهضة قرارات الفريق أول عبدالفتاح البرهان، بينما ظهر التململ وانشقاقات في أوساط حركتي العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، المنشقتين عن قوى الحرية والتغيير.
مشاركة :