ملايين من الخطابات دخلت مصر تحمل عنوانا واحدا هو الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، كانت تلك الرسائل من مختلف الجنسيات من الشرق والغرب والشمال والجنوب، تحمل في طياتها مشاعر وأحاسيس الملايين الذين يحبونه لأعماله ووطنيته وتوجهاته القومية العربية. هذه مثلا رسالة من لبنان من ابنة (صائب سلام): «حضرة الرئيس الحبيب جمال عبد الناصر حفظه الله، أهدي إليك عاطر سلامي وأحر تحياتي وأرجو الله تعالى أن تكون في تمام الصحة والعافية بمناسبة انضمام سوريا ومصر، رأيت من واجبي أن أكتب إليك هذه الرسالة لأعبر لك عن محبتي طالبة من الله تعالى أن يوفقك بهذه الجمهورية وأن يعيد علينا هذا العيد السعيد باليمن والسعادة راجية من الله أن يطيل في عمرك (ابنتك ثريا سلام)» علما بأنها كانت طالبة صغيرة في بيت الأطفال بجمعية المقاصد الخيرية في بيروت، وعندما أعلنت الجمهورية العربية المتحدة في الأول من فبراير 1958 وبزغت شمس الدولة الوحدوية في سماء الشرق الأوسط انهالت على مصر الكثير من الخطابات وكلها تحمل عنوان الرئيس جمال عبد الناصر في يوم 3 فبراير 1958، وصل إلى مكتب الرئيس 35 ألف خطاب، وفي يوم 4 فبراير وصل 29 ألف خطاب، وفي يوم 5 فبراير وصل 27 ألف خطاب، ومن يوم 6 فبراير حتى يوم 11 فبراير كان عدد الخطابات التي وصلت (192 ألف) وبرغم مشاغل الرئيس جمال عبد الناصر كان يقرأ ملخصا يوميا كل هذه الآلاف، ويدون ملاحظات خاصة بخط يده ولاسيما من الخطابات التي تحمل أسئلة خاصة عن الوحدة، وبقية الخطابات يتولاها المكتب الخاص للرد عليها. وبالإضافة إلى أن هناك برقيات ترد إلى الرئيس من الخارج وكذلك من الداخل عن طريق «البوستة» القادمة من الصعيد والأقاليم، لقد كانت هذه الحقيقة التي عاش فيها المحيطون بجمال عبد الناصر والتي تعبر عن عشق كبير ومحبة ومشاعر لهذا القائد، ووصل الأمر إلى حد أن أفرادا من الشعب الأمريكي أرسلوا خطابات إلى عبد الناصر بلغ عددها نحو ستة آلاف خطاب ومن بينها خطاب ورد من (ميس ايفاكس) علقت على الوحدة بين مصر وسوريا بقولها: «إنني أهنئك بالوحدة مع سوريا وأتمنى أن تدخل باقي الدول في هذا الاتحاد لصالحها العام وأتمنى أيضا أن يتم في ظل الدولة الجديدة بناء (السد العالي) كما أحب أن أنقل إليك فكرة واضحة عما تقوله الصحف الأمريكية، وقد قرأت أن النية متجهة إلى إدخال الأردن في (حلف بغداد)، إنني أبعث إليك مرة أخرى بخالص التهاني مؤقتا حتى أحضر إلى مصر وأتمكن من رؤيتك». من فرنسا أرسلت (مدام مارلين هوبير) تقول: «إن قلبي مع العرب في هذه اللحظات الخاصة والحاسمة، إنني أعتقد أن الفضل يرجع إليك في تحقيق هذه الوحدة، يرجع إلى كلمتك وتجاربك وسديد رأيك في سياستك الداخلية والخارجية». وهذه رسالة أخرى من (كندا) قال جونسون: «إنني سعيد جدا لمجيء اليوم الذي اتحدث فيه قوى العرب، وسوف يترتب على ذلك ازدهار الجمهورية العربية المتحدة، اقتصاديا وزراعيا وثقافيا وسوف يتم بناء السد العالي وسوف تعمر الصحراء. وإنني أريد أن أدخل في الدولة الجديدة لكي أعتنق الدين الإسلامي». من إنجلترا، أرسل مايكل فوجن، يقول: «إنني أتمنى لك وللجمهورية الجديدة النجاح والسلام لأنك نجحت في تحقيق جميع الأعمال التي قمت بها»، من ألمانيا، دكتور س. م اختار، يقول: «أنا واثق من أن الاستفتاء القادم سوف يظهر بوضوح أنك الزعيم الوحيد المخلص الذي بإمكانه أن يقود العرب والمسلمين لمواجهة جميع الأخطار والمؤامرات الموجهة إليهم». من الدنمارك: وفيقة على زيدان، وهي فلسطينية في أرض المهجر، تقول: «أهنئ نفسي بالوحدة لأنها أمل كل عربي وإن شاء الله تتبعكم باقي الدول العربية الأخرى (فلسطين) في المقدمة». من سويسرا جوليان بوب فوفر، يقول: «كنت أسعد إنسان بهذا الخبر وأتمنى أن يجتاز الرئيس جمال عبد الناصر جميع المصاعب ويتخطى جميع العقبات، كعادته، بالدولة الجديدة». من اليونان: جورج فوزنتس: يقول: «لقد أرسلت إليك هذا الخطاب لكي أهنئ بالصديقتين القديمتين، مصر وسوريا بالاتحاد وأتمنى لهما النجاح والتقدم تحت زعامتك». من البحرين: سعيد أحمد مزعل، يقول: «إن وحدة مصر وسوريا هي وحدة العرب كلهم وبداية لطريق طويل مجيد يجمع شملهم ويعيد مجدهم تحت قيادة زعيمنا جمال عبد الناصر». ومن إيطاليا: شارلس باربيرس: يقول: «إنني أتزعم 15 ألف رجل وكلهم مستعدون لفدائك بأرواحهم وخدمتكم طول العمر بالرغم من أنني رجل فقير إلا أنني أضع نفسي تحت تصرفك في أية لحظة». من إسبانيا: جوستر بريبارينا يقول: «أتمنى لك أسعد الأوقات بالنصر العظيم الذي أحرزته وأرجو لك التوفيق والنجاح في إكمال خطواتك لوحدة جميع العرب». من اليابان: روكر ساكاي يقول: «اسمح لي أن أنقل إليك أجمل الأماني من جيراني وأصدقائي وشعب اليابان بأجمعه، إن كل واحد منا يود لو صافحك وقبلك وهنأك بنفسه». من أستراليا: جورج ترياد، يقول: «أهنئك من قِلبي أيها الزعيم بالاتحاد المصري السوري وليت باقي الدول العربية تنضم تحت زعامتك الحقة الوطنية المخلصة». من المكسيك: نجيب بلوط، يقول: «أنا أتابع أخبار انتصاراتك كل يوم في الإذاعة المصرية وصوت العرب وبعد أن سمعت خبر الوحدة كتبت إليك هذا الخطاب لكي أقول لك إنني أجيد الرماية بالمسدس وفي فرقة البوليس المكسيكي وبودي لو قبلت انضمامي إلى الجيش العربي الموحد تحت قيادتك وتسمح لي بالعودة إلى سوريا بعد أن هاجر منها أجدادي هربا من الاستعمار». من البرازيل: أحمد سرحان يقول: «هل تعرف السبب الذي بعثت إليك بخطابي من أجله؟ إنني أريد أن أقول لك (مبروك) على انتصاراتك المتوالية في جميع المعارك التي خضت غمارها من أجل العرب والشرق وأدعو لك بالتوفيق». من العراق: منير النبراوي أرسل خطابا من برلين يقول فيه بالحرف الواحد: «تحية من عراقي شردته وحوش الظلم المسيطرة على العراق، أقولها من أعماقي وتنطق بها قطرات دمعي (تعيش يا جمال) للأمة العربية التي فرق الاستعمار كيانها وأخذت أنت تعيد تكوينها وتضمد جراحها من جديد وتعيش لوقفتك الخالدة أمام جيوش الاستعمار وانهيارها، لقد انبثق فجر الحرية في سماء مصر وسوريا ولابد أن ترتفع شمس الحرية في باقي الدول العربية الأخرى فتضيئ وتحيط شعب العراق وتحطم الأصفاد والأغلال». من الأردن: لبيبة الشيخ ياسين، تقول: «أخي في العروبة جمال عبد الناصر هذه تهنئة بميلاد الوحدة العربية الحقيقية هذه تهنئة من أختك في العروبة». من لبنان: «155 من شباب منطقة خندق الغميق وقعوا على عريضة قالوا فيها، يشرفنا أن نعلن لمنقذ العروبة أننا على استعداد للتضحية بأرواحنا وأموالنا في سبيل توحيد الوطن العربي الأكبر ونضع أنفسنا تحت تصرفك». من الكويت: مبارك راشد العميري، يقول: «نحن في الكويت فرحون بهذا الاتحاد نرجو أن يتم بين جميع الدول العربية في أقرب وقت. لقد كان جمال عبدالناصر الرجل المنقذ الذي طالما احتاج إليه الوطن العربي ومعه شهدنا انبعاث دولة قوية بالوحدة بين مصر وسوريا تمسك زمام سيادتها بنفسها وترسم سياستها على أساس الاستقلال الوطني»، هكذا كانت لغة الخطابات التي كتبها مواطنون من بلدان كثيرة تعبر عن احترامهم وتقديرهم للزعيم العربي الوحدوي جمال عبد الناصر.
مشاركة :