مازالت أزمة الإسكان تفرض نفسها على المجتمع، وتسعى لدق ناقوس الخطر اجتماعيا، حرصا على الاستقرار الذي يعد تملك السكن المريح الواسع أساسه، وهو الكفيل بتحقيق جزء كبير من سعادة الإنسان في الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد (15409) عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ : الْجَارُ الصَّالِحُ ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ ) صححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3029) . وما زال خبراء الإسكان والعقار يفتحون صدورهم وقلوبهم للمدائن لمناقشة موسعة للمشكلة بحثا عن أسبابها وعلاجها، ومناقشة القرارات التي يتم مناقشتها خاصة أنها قضية مجتمعية ومنها قرار فرض رسوم وضرائب على الأراضي، حيث طالب أحد كبار المطورين العقاريين بضرورة وجود مرجعية شرعية لقرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء، عن طريق رأي هيئة كبار العلماء من أجل أن يكون هذا المال بركة للدولة والمواطن في حال الحل، اما إن كان هذا الأمر غير جائز شرعا فحكومتنا وفقها الله تحكم الشرع ولن ترضى إلا بما يرضي الله عز وجل. وأشار أنه من الناحية الواقعية فإن فرض رسوم على الأراضي غير مجدٍ في حل أزمة الإسكان نظرا لأن الأراضي التي ستستهدفها الرسوم لا تشكل إلا قرابة 10 % من الأراضي المطلوبة للإسكان، فلو اضطر جميع ملاك هذه الأراضي لبيعها فلن يكون هناك حل سوى لـ 10% من الأزمة فقط وستظل 90% من المشكلة باقية تبحث عن حلول غير تقليدية وواقعية. كما أكد على ان رسوم الأراضي إن تم فرضها سيتحملها فعليا المواطن بشكل كامل، لأن صاحب الأرض سيرفع قيمتها بسبب الضرائب وبالتالي يزيد الطين بلة، والمطلوب هو توفير مساحات من الأراضي أكثر من المطلوب لينقص السعر تلقائيا. وحول تطور أسوق العقار في المملكة أشار أن السوق كان ميسرا وسهلا، في بدايته نظرا لقلة عدد المواطنين، وبساطة المعيشة وسهولتها، ولكن بعد الزيادة المطردة في السكان وحاجتهم الملحة للسكن أصبحت هناك حاجة ماسة لمساحات كبيرة من الأراضي، وهو ما لا يتوفر حاليا مما ساهم في زيادة الأزمة وتعميقها بشكل كبير. واعتبر المطور العقاري أن أزمة الإسكان واضحة كالشمس في وضح النهار، وباعتراف جميع وزراء الإسكان السابقين، معتبرا أن أسبابها منها ما هو متعلق بالجهات الحكومية ومنها المتعلق بأهل العقار، أما المتعلق بالجهات الحكومية فتأخر إجراءات التخطيط والمخططات الجديدة ،وبطء توفير الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصرف لها، وكذلك شح المخططات والأراضي المعروضة للبيع خاصة أن المطلوب للسوق يتجاوز المليون ونصف قطعة أرض، والموجود منها حاليا ومتاح للبيع لا يتجاوز 5% من هذه المساحات، فقلة المعروض مع زيادة الطلب زاد وعمق الفجوة مما ساهم في الارتفاع الكبير في الأسعار وكما يقول العرب إذا كثر الجراد رخص اللحم فالإشكال الأكبر هو قلة المعروض بسبب عدم وجود إنجاز في المخططات ، وعدم وجود خدمات للمنح. وطالب بضرورة تزامن الإعمار مع استكمال الخدمات بحيث يسيرا جنبا إلى جنب، فلا يعقل أن ينتظر المطور العقاري من 3 إلى 4 سنوات لدخول الخدمات ثم يبدأ في الإعمار، الأمر الذي يكلف وقتا كبيرا فلابد من البدء في الإعمار وفي نفس التوقيت تستمر مسيرة توفير الخدمات، ويمكن أن تقوم الدولة وفقها الله بتحمل تكلفة الخدمات على أن تقوم بتقسيطها على المواطنين، وهذا يسهم بشكل كبير في توفر قطع الأراضي بأسرع مما نتخيل وبشكل كبير. أما المتعلق في أزمة الإسكان بالمطورين فالعوائق أمامهم كثيرة ومن أهمها نقص المادة وتأخر الاعتماد، وكذلك العمل بشكل فردي من أفراد وشركات صغيرة بالرغم من حاجة السوق إلى شركات وكيانات استثمارية ضخمة، لتمويل الخدمات المطلوبة من ماء وكهرباء وإنارة ورصف طرق، فإمكانات الأفراد والشركات الصغيرة قد تعجز عن تمويل هذه الأعمال، بسبب تكلفتها العالية والتي تتجاوز 80 ريالا للمتر الواحد. وأكد أن الحل يكمن فيما ذكره وزير الإسكان قبل أيام، من ضرورة توفير مساحات كبيرة من الأراضي وعمل مخططات جديدة يتم إنجازها بسرعة، من خلال التعاون بين القطاع الحكومي والخاص بإشراف وزارة التجارة وهيئات شرعية وأهل العرف لنختصر الطريق، وتنتهي أزمة الإسكان خلال مدة قليلة بفضل الله، ثم بفضل جهود الحكومة وملكنا سلمان حفظه الله -الذي يشعر بما يعانيه المواطن ويسعى بكل الطرق لتوفير الحياة الكريمة والمسكن المناسب له. كما أعرب عن رفضه التام لتدخل البنوك في حل أزمة الإسكان، لأنها جهة نفعية وتسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب ويأتي هذا على حساب المواطن خاصة أن مشكلة السكن مشكلة اجتماعية تحتاج لمن ييسر على المواطن لا من يتكسب على حسابه، فلا جدوى من البنوك فلا يعقل أن ترتفع أسعار الأراضي وترتفع معها فوائد البنوك فكيف للمواطن ان يتملك وان يسكن. ورحب كذلك بدخول الشركات الأجنبية الكبيرة سوق العقار في المملكة، نظرا لخبرتها الكبيرة وإمكاناتها الضخمة، الأمر الذي يخلق جوا من المنافسة في الأسعار وفي الإنجاز والجودة، مع وجود ضمانات للجودة لمدة لا تقل عن 20 عاما، أما عن تدخل الدولة مباشرة في سوق العقارات فاعتبر انه غير مفيد، لأنه قد يسهم في تأخر حل المشكلة، بسبب الروتين الحكومي، وكذلك الرغبة في الفخامة الزائدة من الجهات الحكومية والتي تكلف الوقت والجهد والمال، خاصة مع الحرص الحكومي ان تخرج أعمالها شديدة الدقة والفخامة بشكل يليق بها. بينما أعاد المطور العقاري عبد العزيز بن محمد أبا الخيل، كلام وزير الاسكان الحقيل وفقه الله الذي أكد فيه أن أزمة الاسكان لن تُحَلَ بدون تعاون كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية. لأن المطلب الأساسي للمواطن هو الأمن والتعليم والصحة. أما ما يردده البعض من الإقبال وارتفاع الأسعار للعقار ولا يٌعتبرونه أزمةً حقيقية بل الأزمة الحقيقية هي عدم وجود الأرض، وذلك غير صحيح فالأراضي متوفرة حتى بالمدن الصغيرة التي ليست محل توجه لكبار التجار ولا يوجد حسب ما يزعمون شبوك ومع ذلك الأسعار مرتفعة. وأشار أن ارتفاع سعر الأرض يزداد طردياً بعد البناء وذلك بمعنى أن ارتفاع السعر هو نسبيُ بين الأرض وما أنشىء عليها. وطالب أن يُحصر دور وزارة الإسكان للفئة التي لا تستطيع امتلاك مسكنٍ حتى ولا عن طريق البنوك، وهؤلاء لن يشترطوا موقعاً معيناً وتصاميم معينة لأن حاجتهم الماسة للمسكن مُلحة، كما انتقد تحييد شيوخ العقار عن الظهور الإعلامي لمناقشة الأمر ووضع حلول له وتعمد تجاهلهم بالرغم من خبرتهم الكبيرة في هذا المجال وقدرتهم على المساهمة مع الدولة في حل هذه الأزمة. واعتبر أن المشكلة الكبرى للمطورين العقاريين هي مع وزارة الشئون البلدية والقروية مقدما أمثلة غير متداولة تبين تقصير الوزارة منها أنه بمجرد حصول الأرض الخام على قرار مساحي من الأمانة يرتفع سعرها أضعافا مضاعفة. وكذلك عند تحويل صك الأرض الأرض من زراعي داخل النطاق، إلى سكني أو صناعي أو خلافه تتغير قيمتها من الريالات إلى مئات الريالات وربما آلاف الريالات !! فلمصلحة من يتم هذا الأمر الذي يتسبب في ارتفاع جنوني لسعر الأراضي. وطالب أبا الخيل بضرورة إعادة التعامل مع المطورين كشركاء في الحل، وتدارك ما أمكن من تحويل استثماراتهم إلى الخارج، ولا ننسى ما حصل من إقبال على دبي التي استقطبت رؤوس أموال ضخمة جدا بسبب المرونة والترحيب بالتاجر السعودي، الأمر الذي أثر على السوق في الداخل السعودي. وتوقع أبا الخيل ارتفاع أسعار إيجار المساكن التي بدأت مظاهرها الآن.مشيرا أنه إذا انخفض سعر العقار بشكل ملحوظ سوف نواجه توقف البنوك عن دعم وإقراض المساكن. أما الضريبة على الأراضي والسعي لفرض رسوم عليها فاستبعد أبا الخيل تطبيقها نهائياً وذلك لعدم جدواها أولاً، ولأن الدولة وفقها الله لا تطبق أمراً يضر الوطن والمواطن، علماً بأن الضريبة هي في الأصل موجودة ولكن بطريقة لا يعلمها كثير من الناس وهي السبب الأول في ارتفاع الأسعار. وأشار أن العقار سلعة شعبية وتأثير اقتصاد الدول عليها محدود جدا، وأقرب مثال على ذلك عقارات مصر والسودان التي لازالت متماسكة ومستقرة بل وفي ارتفاع، بالرغم مما تعانيه هذه الدول من أزمات وعدم استقرار سياسي، ونذر انهيار اقتصادي.
مشاركة :