بعد أسبوع على قرارات قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبدالفتاح البرهان، التي تضمنت حل مجلسي "السيادة" و"الوزراء"، وإقصاء المكون المدني بالسلطة الانتقالية، قطع محتجون طرقات رئيسية في العاصمة الخرطوم، أمس، تنديدا بـ"انقلاب الجيش"، وغداة نزول عشرات الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بحكومة مدنية و"إسقاط حكم العسكر". وبعد أن تراجعت حدة التظاهرات التي دعا لها "تحالف قوى التغيير" و"تجمع المهنيين"، ليل أمس الأول، في الخرطوم وأم درمان، عاد المتظاهرون صباح أمس إلى الشوارع، واستخدموا الحجارة والإطارات لإغلاق الطرقات، في حين لا تزال المتاجر مغلقة في العاصمة، حيث يرفض الكثير من موظفي الحكومة العمل في ظل استمرار الاحتجاجات. وعادت خطوط الهاتف، التي كانت معطلة إلى حد كبير خلال تظاهرات أمس الأول الحاشدة، إلى العمل، لكن انقطاع خدمة الإنترنت استمر في ظل مخاوف السلطات العسكرية من اعتماد النشطاء على مواقع التواصل لتنظيم الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل 12 وجرح نحو 300 خلال اشتباكات مع قوات الأمن في مناطق متفرقة. في السياق، دعا حزب "المؤتمر"، في بيان، إلى "تسليم جميع أعضاء المجلس العسكري الانقلابي لمحاكمات عاجلة وفورية بتهمة الانقلاب وتقويض السلطة الانتقالية". وفي وقت تتواصل الضغوط الخارجية على السلطات السودانية للعودة الى المسار الانتقالي، الذي تم الاتفاق عليه مع المدنيين عقب عزل البشير عام 2019، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه بعد تقارير العنف في السودان، داعيا الجيش إلى العودة "للترتيبات الدستورية الشرعية"، ووصف احتجاجات السبت بالشجاعة والسلمية ضد "الحكم العسكري"، مطالبا بـ"تقديم الجناة إلى العدالة". وبحث ممثل الأمم المتحدة الخاص بالسودان فولكر بيريتس، مع رئيس الوزراء المعزول عبدالله حمدوك، خيارات الوساطة، وسبل المضي قدما في السودان، وقال بيريتس، عبر "تويتر"، إن "حمدوك بصحة جيدة، لكنه لا يزال قيد الإقامة الجبرية في مقر إقامته". في هذه الأثناء، أكدت مصادر مقربة من حمدوك، لشبكة "سي إن إن"، أنه "لن يتنحى عن منصب رئيس الوزراء طواعية أبدا". وكشفت مصادر مقربة من حمدوك ووسطاء، للشبكة الأميركية، أن حمدوك يريد 4 مطالب رئيسية من الجيش هي: "العودة إلى الوضع الراهن كنقطة انطلاق، ثم إعادة هيكلة المجلس السيادي، ومنح رئيس الوزراء السلطة والاستقلالية الكاملة لتشكيل حكومة تكنوقراط من اختياره، وتوسيع المشاركة السياسية من أجل تمثيل أكبر". وقال أحد المصادر: "يقر رئيس الوزراء بأن الوضع لا يمكن تحمله، لكن التغيير يجب أن يحدث من خلال عملية سياسية"، مضيفا: "ما يعرقل المحادثات حاليا هو أن القيادة العسكرية موحدة في مسار عملها الحالي، واعتقادها أن هذا ليس انقلابا بل تصحيح للثورة أي جزء من العملية السياسية". وتابع المصدر: "بدون هذا الإقرار وبدون الالتزام بالعودة إلى ما كانت عليه الأمور، لن يتفاوض رئيس الوزراء، إنه يرفض التنحي طوعا كرئيس للوزراء". وجاء ذلك بعد أن كشف البرهان، في وقت سابق، أنه عرض على حمدوك تشكيل حكومة سودانية جديدة دون تحزب و"دون تدخل منهم في تحديد أسماء الوزراء". في المقابل، ندد العميد الطاهر أبوهاجة، المستشار الإعلامي لقائد القوات المسلحة، بأطراف لا تريد الاستقرار للسودان، وقال إن من يريد العبث بالمرحلة الانتقالية الجديدة "عليه البحث عن بيئة أخرى". من جانب آخر، ذكرت تقارير أمس أن السلطات السودانية منحت السفير البريطاني جايلز ليفر مهلة 21 يوما لمغادرة البلاد. وانتقد السفير البريطاني في السودان إجراءات الجيش السوداني التي طالت الحكومة المدنية، معتبرا إياها غير شرعية.
مشاركة :