فاجأ المغني جابر الكاسر متذوقي الأغنية والجمهور باستغلال لحن قديم مشهور ونسبته لنفسه من دون مراعاة للحقوق الفكرية للمبدع الأصلي للحن، حيث قدم في ألبومه الجديد "بدا يتغير 2015" أغنية "صبرت" بكلمات تراثية وصفها الكاسر في ألبومه بأنها فلكلور! وبلحنٍ وضع عليه اسمه رغم أنه لحن شهير سبق أن قدمه فنان مشهور هو بشير حمد شنان في أغنيته "البارحة فزيت من غرقة النوم" كما تغنى به أيضاً في عمل ثانٍ يحمل عنوان "صبرت" بنفس المذهب الذي تغنى به الكاسر. ماذا يمكن أن ندعو هذا التصرف؟ هل هو اقتباس مشروع كما يدّعي المغنون الجدد؟! أم هو استغلال غير مشروع للتراث ولإبداعات النجوم القدامى؟ للأسف هذه الإشكالات ارتبطت باسم جابر الكاسر في السنوات الأخيرة حيث لا يصدر له ألبوم غنائي إلا ويكون هناك شبهة في الكلمات والألحان بكثرة استخدامه لكلمة "فلكلور" حتى وصل الأمر لتهميش شعراء الكلمة الذين ساهموا في تأسيس الأغنية السعودية. لكن كيف نلوم الكاسر وهذا التصرف أصبح شائعاً في الفترة الأخيرة يرتكبه أغلب النجوم في ظل عدم اهتمام إدارة الفسوحات في وزارة الثقافة والإعلام بهذه الخروقات الحقوقية التي يقترفها المغنون الجدد تجاه التراث؟، لقد أصبح التراث مصدراً يقتات منه هؤلاء من دون اعتبار لجهود من أسسوا هذا التراث وأبدعوه وأشاعوه. جابر الكاسر فنان مثله مثل بقية الفنانين الذين يشربون من نهر التراث الذي تركه الفنانون الأوائل، فأصبح من المألوف أن نرى في ألبوماتهم الجديدة ألحاناً مسروقة من ألحان قديمة وكلمات تنسب للفلكلور من دون اكتراث لأسماء شعرائها الأحياء منهم والأموات. وقد وصلت استباحة تراثنا الغنائي إلى درجة أن الألوان الغنائية السعودية المعروفة مثل "السامري والدوسري والخبيتي والمسحوب" تجد طريقها لألبومات فنانين عرب وتسجل بأسمائهم أو باسم "فلكلور" في مصادرة فادحة لجغرافية وتاريخ هذه الألوان السعودية المشهورة. توجد في المملكة جمعية حفظ التراث هي المسؤولة عن هذه التجاوزات، كما أن جمعية الثقافة والفنون تملك أرشيفاً ضخماً مسجلاً باستطاعتها مقاضاة من يسلب هذا التراث لنفسه، فضلاً عن قسم الحقوق في وزارة الثقافة والإعلام الذي يرتكز دوره على حماية الحقوق الفنية، لكن كل هذه الجهات غائبة عن السطو الصريح في الألبومات الجديدة. إن عملية الحفاظ على التراث لا تحتاج إلى جهد كبير، فكل ما هو مطلوب سماع الأعمال الجديدة قبل طرحها والتأكد من معلوماتها قبل منحها الفسح النهائي، أما أن تطرح الألبومات في السوق وهي محملة بهذه التجاوزات فهذا دليل على انعدام الرقابة وسبب رئيس في انتشارها؛ لأن "من أمن العقوبة أساء الأدب" وتمادى في تجاوزاته.
مشاركة :