بيروت - قال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي اليوم الاثنين إن بلاده "أمام منزلق كبير" وسط خلافها الدبلوماسي المتصاعد مع دول خليجية عربية بعد تصريحات انتقد فيها وزير الإعلام اللبناني التدخل بقيادة السعودية في اليمن، مدافعا عن المتمردين الحوثيين وهي التصريحات التي اعتبرت إساءة كبيرة لدول الخليج المنضوية في تحالف دعم الشرعية وخاصة لكل من الرياض وأبوظبي. ونقل تلفزيون الميادين الموالي لإيران ومقره بيروت عن ميقاتي قوله "نحن أمام منزلق كبير وإذا لم نتداركه سنكون وقعنا في ما لا يريده أحد منا"، مضيفا أنه ناشد وزير الإعلام جورج قرداحي "بأن يغلب حسه الوطني على أي أمر آخر" لنزع فتيل أزمة مع السعودية. وطردت الرياض السفير اللبناني وحظرت جميع الواردات اللبنانية يوم الجمعة الماضي احتجاجا على تعليقات قرداحي. وحذت البحرين والكويت حذوها في حين سحبت الإمارات دبلوماسييها من بيروت وحظرت على مواطنيها السفر إلى لبنان. وقال قرداحي إنه أدلى بهذه التصريحات قبل أن يصبح وزيرا وإنه لن يستقيل، معتبرا أنه لم يسئ لأحد حتى يعتذر، بينما حظيت تصريحاته بترحيب واسع في صنعاء من قبل ميليشيا الحوثي التي رفعت صوره في شوارع العاصمة اليمنية. ونقل تلفزيون الميادين اليوم الاثنين عن ميقاتي قوله إن مناشدته لقرداحي بوضع المصلحة الوطنية أولا "لم تترجم واقعيا". ويكابد رئيس الوزراء اللبناني الذي شكل حكومته بعد مخاض عسير وكانت نتاجا لتوافقات بالإكراه لتجنب الأسوأ بعد فشل سلفيه مصطفى أديب ولاحقا سعد الحريري في التأليف الحكومي، للخروج من أسوأ مأزق دبلوماسي وهو الذي كان يمني النفس برأب الصدع مع دول الخليج. والعلاقات متوترة منذ سنوات بين لبنان والخليج بسبب هيمنة حزب الله الذي تصنفه بعض دول مجلس التعاون الخليجي "تنظيما إرهابيا"، على السلطة ومصادرته لقرار الدولة اللبنانية وفتحه منافذ أوسع للتغلغل الإيراني. وكانت السعودية من أكبر دول الخليج دعما للبنان وساعدت في تعزيز أمنه واستقراره اقتصاديا وعسكريا، خاصة وهي التي كانت تشكل سندا ماليا للمركزي اللبناني بما حال في السابق من تأزم وضعه الاقتصادي. كما دعمت الجيش اللبناني بوصفه صمام الأمان. لكن في السنوات الأخيرة تراجع الدور السعودي، حيث لم تخف الرياض استياءها من غياب إرادة سياسية فعلية لكبح أنشطة حزب الله الذي تعتبره أحد وكلاء إيران في المنطقة. وطالبت المملكة مرارا بحصر السلاح بيد الدولة، معتبرة أن وجود السلاح المنفلت يضعف الدولة ويهدد استقرار لبنان. كما اتهمت حزب الله بدعم الحوثيين في اليمن من خلال برامج تدريب ومشركة قتالية على الأرض، فيما سبق أن أشارت تقارير متطابقة إلى أن خبراء من الجماعة الشيعية اللبنانية كانوا تلقوا تدريبات في معسكرات الحرس الثوري الإيراني، أشرفوا لاحقا على تدريب مسلحي ميليشيا الحوثي على استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية الإيرانية التي يستخدمها المتمردون في شن هجمات إرهابية على أهداف مدنية واقتصادية في المملكة. والمقاطعة الدبلوماسية الخليجية للبنان لم تأت من فراغ ولم تكن طارئة في توقيتها، فقد سبق للسعودية أن اشتكت من تهريب مخدرات إلى أراضيها من خلال واردات لبنانية وأحبطت أكثر من عملية تهريب مخدرات في صناديق رمان وغلال أخرى. وبالنسبة للكويت فهي بدورها كانت عرضة لأنشطة إرهابية كان حزب الله طرفا رئيسيا فيها في القضية المعروفة إعلاميا بخلية العبدلي وهي خلية إرهابية قامت بتخزين وحيازة السلاح في مزرعة بمنطقة العبدلي بكميات كبيرة وتمكنت الأجهزة الأمنية الكويتية من القبض على عناصرها في 13 أغسطس/اب 2015. أما البحرين فكانت الأكثر عرضة لأنشطة إرهابية لم يظهر فيها دور لحزب الله لكنها كانت في معظمها من تدبير الحرس الثوري الإيراني. ويبدو أن تصريحات قرداحي كانت القطرة التي أفاضت الكأس الخليجي وشكلت في توقيتها نهاية لصبر دول الخليج على الأذية القادمة من لبنان سواء من بعض مسؤوليه أو من حزب الله. والأرجح أن الأزمة الدبلوماسية هذه المرة قد تطول بينما يجد نجيب ميقاتي نفسه عاجزا عن الخروج من متاهة الحرب بالوكالة التي يقودها حزب الله محليا وخارجيا وهي الحرب التي عمقت أزمة لبنان منذ العام 2011 حين افتضح أمر مشاركته في الحرب السورية دعما للرئيس بشار الأسد.
مشاركة :