'شيخوخة الريح' مفارقات بين حياة مأمولة وموت يجثم على الأنفاس

  • 11/1/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عمّان – يحتفل الشاعر اليمني حسين مقبل في مجموعته "شيخوخة الريح" بقيم الجمال والحياة، وتحضر المرأة حبيبة ومثلًا أعلى في غير مقطع داخل المجموعة.  ويوقن القارئ أنه أمام عمل يدعو إلى الحياة، ويبصّر القارئ بسبل تحقيقها والحفاظ عليها، بيد أنه يكتشف بعد ذلك أن الحب والحياة والمرأة كانت مقدمات لكشف صورة يمتلئ واقعها بالموت والدمار اللذين يئن تحت وطأتهما ضمير الشاعر. وجاءت المجموعة الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 142 صفحة من القطع المتوسط، ومزج مقبل في كثير من مقطوعاته بين مخاطبة الروح ووصف الحياة التي تواجه الروح في كل خطوة من خطواتها. كما أنه اختار أن يصف الذات ويخاطبها بشكل يتداخل فيه الشخصي بالعام. فيقول في أحد المقاطع: أنا نصف فلاحٍ ونصف أرضٍ يابسةْ.. أنا كلُّ تلك التجاعيد المزهرةِ في وجوه سكان الريفِ، ذلك الجفافُ الذي يرتدي أيديَهم.. أنا تلكَ الحقولُ الشاسعةُ الغارقةُ في عَرق الجداتِ في ضحكاتهنَّ الطاهرةْ. أنا تلك العصافيرُ النازفةُ في دمي المحلقة في الصباحات التائهة بي.. أنا البُعدُ عني في المداءاتِ والوصلُ القريبُ، بكاءُ الأطفال صراخُ الجياع وفرحة الزهور بالعطرِ. ويستحضر الحبيبة كلما سمت آفاق الكلمات نحو ما هو روحي ويحقق الصورة المثالية التي يتخيلها الشاعر عن الحب: أقفُ لأنادي عليكِ بصمتٍ: تعالَيْ شاخَ الفؤاد انتظارًا اكتهلَ الصباح.. أوحشتهُ كينونتهُ الأولى. هذا الطريقُ المؤدي إليكِ يمشي على هُدى نبضي.. امضي إليَّ.. سيرشدكِ خفقُ الهوى، وبعضُ طقوس اشتياقي وكلُّ هيامي. ثم ينتقل من الضد إلى الضد. وهو بذلك يقدم المفارقة التي تجعل القارئ مدركًا للألم الذي يسكن وجدان الشاعر، فتحضر عناوين صادمة مثل: "شعب المقابر"، و"خريف"، و"نحن اللاشيء"، و"موسم الموت"، و"شتات"، لتقدم في مجموعها صورة دقيقة للواقع الذي يعيشه الشاعر ومجتمعه. يقول في أحد المقاطع: يتساقطونَ كالريشِ في خفايا العدمِ، يتمزَّقونَ كأوتارِ عودٍ قديمٍ تجاوَزَهُ الفنُّ، يغادرونَ أجنحةَ الحياةِ تباعًا كأيّ شيءٍ يمضي حثيثًا إلى الانقراضِ. يطيرونَ قبل حلولِ الخريفِ، وقبل بلوغِ الربيعِ من العمرِ. هكذا كأوراقٍ هائمةٍ في مهبِّ الرياحِ.. ويقول في نص آخر يجمع بين الصورة القاتمة والسؤال الوجودي الذي يتكرر في ذهن الإنسان كلما واجه فاجعة من فاجعات الحياة: على قيدِ الليالي العارياتِ  ندَّعي الحياةَ وامتلاكَ زمامِ أمورِنا،  ونحنُ عبءٌ ثقيل على كاهلِ هذه الحياةِ  أو أثقلُ من ذلك..  كائناتٌ بشريةٌ مثلًا،  هل هناك عبءٌ أكبر من أن تكونَ كائنًا بشريًّا؟ وقد اختار مقبل أسلوب قصيدة النثر، ونوع في عباراته بين الجمل الطويلة الشارحة والقصيرة الخاطفة. واستخدم التصوير الفني بصورة قربت إلى ذهن القارئ كثيرا من المشاهد التي تحدثت عنها المقطوعات. ومن الجدير ذكره أن حسين مقبل ولد عام 1988، وهو ينتمي إلى جيل الشعراء اليمنيين الشباب. وقد عمل في مجال حقوق الإنسان. وهذا الإصدار هو الثاني له بعد ديوان "أصافح ظلي" الذي أصدره في العام (2019).

مشاركة :