◄ زيادة تدريجية في الانتشار خلال العقود الثلاثة الماضية.. والمعدل 21 مريضا لكل مليون نسمة ◄ الاضطرابات الوراثية النادرة تمثل عبئًا كبيرًا على نظام الرعاية الصحية ◄ حاجة ماسة لإيجاد معايير قياس تواتر مرضى الكلى الوراثي في المراحل المبكرة ◄ جهود حثيثة لإجراء تشخيصات جينية دقيقة تشرح الأنماط الظاهرية السريرية للمرض ◄ إدراج جميع الطفرات الوراثية بالدراسة في قواعد بيانات الجينوم البشري لهذه الأمراض ◄ نشر 5 أوراق علمية من مخرجات الدراسة في مجلات علمية مُحكمة مسقط- الرؤية أظهرت دراسة بحثية أنَّ مرض السكري يعد أحد المسببات الرئيسة للإصابة بداء الكلى والمسالك البولية؛ وهو الأكثر انتشارًا بين المرضى الأكبر سنًا (45 عامًا فما فوق)، وأن مرض الكلى الوراثي يشكل 5% من بين جميع أسباب الفشل الكلوي، كما إن ثمة زيادة حادة في انتشار معدل الأمراض المزمنة الناجمة عن الفشل الكلوي مع تقدم العمر. وبحسب الدراسة التي أجرتها الباحثة انتصار بنت حمد العلوية اختصاصي بمختبر الجينات بالمركز الوطني للصحة الوراثية بالمستشفى السلطاني، فإن هذه النتائج تتوافق مع ما تم نشره في بعض الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية. وبينت الدراسة أن الاضطرابات الوراثية النادرة تشكل عبئًا كبيرًا على نظام الرعاية الصحية في السلطنة، وتندرج ضمن الأسباب الرئيسة للتشوهات الخلقية والوفيات المرتبطة بالولادة في المستشفيات. لذلك ومن أجل إيجاد إحصائيات دقيقة لأمراض الكلى الموروثة في جميع أنحاء البلاد، أوصت الدراسة باستخدام موارد متعددة لتحصيل البيانات، بما في ذلك استخدام مختلف أنظمة المراقبة الصحية أو السجلات مثل وحدات العناية المركزة والعيادات الخارجية وبيانات المستشفيات الخاصة؛ بهدف رسم صورة كاملة ودقيقة عن المرض. وأشارت الدراسة إلى أن المجتمع العماني يتسم بالعديد من الصفات التي تسهّل دراسة الاضطرابات الوراثية المتنحية فيه؛ مثل: ارتفاع معدلات زواج الأقارب، ووجود الأسر ذات الحجم الكبير، إضافة إلى وجود تجمعات قبائلية وجغرافية مميزة. وبيّنت الدراسة أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية، شهدت السلطنة زيادة تدريجية في الإصابة بالفشل الكلوي؛ حيث ازداد معدل مرضى الكلى ليصل إلى 21 مريضا لكل مليون نسمة، إضافة إلى زيادة معدل الأمراض المزمنة الناجمة عن الفشل الكلوي. أهداف الدراسة وهدفت الدراسة البحثية التي أجرتها الباحثة وفريقها البحثي إلى تحقيق عدة غايات؛ أولها: إجراء مسح وبائي شامل لمعرفة الأمراض الرئيسة المسببة للفشل الكلوي في السلطنة، وثانيًا: تقييم حجم أمراض الكلى الموروثة. أما الهدف الثالث فيتمثل في التعرف على الأسباب الوراثية الجزيئية للأمراض المتعلقة بالتكيس الكلوي الموروث لدى المرضى العمانيين. وتمثل هذه الدراسة نظرة وراثية جزيئية شاملة للمرضى العمانيين المصابين بالتكيس الكلوي الوراثي والأنماط الظاهرية السريرية المرتبطة بهم، وتساهم في معرفة الطفرات المسببة في اعتلال جينات الكلى. وتوضح النتائج أنَّ السلطنة تواجه عوامل رئيسة مسؤولة عن تزايد حدوث هذا المرض في البالغين، مثل شيخوخة السكان، إضافة إلى عبء مرض السكري. لذلك ترى الدراسة أنه يتعين على مقدمي الرعاية الصحية التركيز على الإجراءات الاستراتيجية التي تسلط الضوء على الوقاية الأولية والكشف المبكر، والإدارة الديناميكية لمرضى الكلى المزمن. وقالت الدكتورة انتصار العلوية إنَّ من خلال هذه الدراسة البحثية تمَّ ولأول مرة وصف انتشار أمراض الكلى الموروثة المسببة لمرض الكلى في السلطنة بدقة؛ حيث إن البيانات التي جرى الحصول عليها من خلال هذه الدراسة البحثية تؤكد الحاجة إلى إيجاد معايير قياس تواتر مرضى الكلى الوراثي في المراحل المبكرة من مرض الكلى المزمن وتقييم معدل تقدمهم إلى المراحل المسببة للفشل الكلوي، تم تقدير انتشار أمراض الكلى الوراثية على أنه مرتفع على الرغم من عدم وجود قاعدة بيانات شاملة تقدر حجم مثل هذه الأمراض في السلطنة. الخطوات التنفيذية ولتنفيذ هذه الدراسة البحثية وتحقيق أهدافها في السلطنة، قالت العلوية: "عكفنا على تنفيذ الدارسة وفق 3 مراحل؛ المرحلة الأولى كانت عبارة عن مراجعة وبائية لأمراض الكلى في السلطنة خلال الخمس عشرة سنة الماضية، وذلك باستخدام المراجعة بأثر رجعي لسجل علاج الكلى التابع لمركز غسيل الكلى ببوشر؛ حيث قمنا بتحليل قاعدة بيانات المرضى العمانيين الذين تم تسجيلهم في المركز، وأجرينا تقييمًا للأسباب الوبائية المسببة للفشل الكلوي مع التركيز على أمراض الكلى الموروثة ومقارنة نتائجنا مع السجلات المماثلة في البلدان الأخرى". وأضافت أنه في المرحلة الثانية "عملنا على تصميم وتجريب منصة تسلسل الجيل التالي (Next Generation Sequencing) للتشخيص الجيني الجزيئي للأمراض المتعلقة بالتكيس الكلوي والتي من شأنها أن تتيح ولأول مرة صورة للأسباب الجينية الجزيئية الكامنة وراء هذا المرض". وأشارت العلوية إلى أن هذه الدراسة التجريبية شملت 86 مريضًا يعانون من مرض التكيس الكلوي وتمكن الباحثون من تحقيق معدل إجمالي للتشخيص الجيني الجزيئي بنسبة تفوق 75%. أما المرحلة الثالثة، فتوضح الباحثة أنها عبارة عن إثبات فائدة الاختبار التشخيصي السابق ذكره في المرضى المشتبه في إصابتهم بـهذا المرض، إضافة إلى وصف الأنماط الظاهرية السريرية لهذه المجموعة من المرضى؛ وذلك بسبب غياب دراسات سابقة تُقيّم أمراض تكيس الكلى المتعدد الوراثي المتنحي لدى العمانيين. وتضيف الدكتورة انتصار قائلة إنه في الوقت الحالي ينصب تركيز علم الوراثة الكُلوية في عُمان بشكل أساسي على إنشاء تشخيصات جينية دقيقة لشرح الأنماط الظاهرية السريرية باستخدام الآليات التشخيصية المحسنة للتقنيات الجينية. النتائج التشخيصية وأردفت العلوية موضحة أن النتيجة التشخيصية التي تم تحقيقها من خلال التسلسل الجيني بلغت 75% للمرضى العمانيين المشتبه في إصابتهم بأمراض الكلى الموروثة مرتبطة بالتكيس الكلوي شاملاً جميع الفحوصات المستخدمة في البحث. وأضافت أن النسبة المتبقية- وهي 25%- من العائلات التي لم يتم تحليلها؛ هي مجموعة ذات قيمة محتملة لاكتشاف الجينات الجديدة التي تسبب اعتلال الأعصاب الكلوي؛ حيث لا يزال هناك الكثير الذي يتعين اكتشافه، علماً بأن 46% من المتغيرات الجينية المسببة التي حصل الفريق البحثي عليها كانت نتائج وراثية جديدة تم نشرها للمرة الأولى في السلطنة. وأكدت العلوية أن هذه الدراسة وضعت أساسًا صلبًا لفهم ارتباط النمط الجيني بالنمط السريري أو الظاهري لبعض أمراض الكلى الموروثة لدى العمانيين، وبالتالي من المتوقع أن يكون لنتائج هذه الدراسة تطبيقات أوسع علميًا، سيما وأنَّ هذا النوع من الأمراض عادة ما يكون شديدا وطويل الأمد، وفي بعض الأحيان يُقيد الحياة. ومع ذلك، ترى العلوية أن الاستثمار المناسب في التقييم السريري المهني أمر بالغ الأهمية؛ لضمان أن التشخيص الذي يقترحه التحليل الجيني شامل سريريًا؛ حيث إن التعقيد البيولوجي يسلط الضوء على هذه الأمراض من حيث المظاهر السريرية والصفات الموروثة وأهمية التوثيق الدقيق لنمط المتغيرات الجينية والنمط السريري المصاحب له؛ لأنه "من المهم جدًا تقييم الفائدة السريرية والعوامل التي تؤثر على إتساق التشخيص الجيني وتحديد كمية ونوع معلومات النمط الظاهري المطلوبة لتوفير الممارسة الآمنة للطب الجيني". وقالت إنه غالبًا ما يتحقق نجاح ذلك من خلال إعداد فريق عمل متعدد التخصصات يشمل الأطباء والعلماء وخبراء المعلومات الحيوية. وأضافت أنه تم إدراج جميع الطفرات والمتغيرات الوراثية الجديدة المستنتجة من هذه الدراسة إلى مجموعة من قواعد بيانات الجينوم البشري المتعلقة بهذه الأمراض. إضافة الى ذلك، تم نشر ما يقارب من 5 أوراق علمية من مخرجات هذه الدراسة في مجلات علمية مُحكمة، وما زال الفريق البحثي يعكف على تحليل البيانات الأخرى ليتم نشر مخرجاتها في أوراق علمية قريبًا. ونُفِّذت الدراسة تحت إشراف الباحث الرئيسي البروفيسور عيسى بن سالم السالمي رئيس خدمات الكلى بالسلطنة ورئيس لجنة البحوث بالمستشفى السلطاني، ومساعدة الباحث الرئيسي الدكتورة عذراء بنت هلال المعولية مديرة البحوث والدراسات (سابقا) بوزارة الصحة، والباحث البروفيسور جون ساير أستاذ طب الكلى ونائب عميد الطب السريري بجامعة نيوكاسل في المملكة المتحدة. مستقبل الدراسة البحثية وعن مستقبل هذه الدراسة، تقول الدكتورة إنتصار إنه في الوقت الراهن يتم اعتماد نتائج ومخرجات هذا البحث للتشخيص الجيني من خلال إدراج بعض الفحوصات التشخيصية في المركز الوطني للصحة الوراثية بالمستشفى السلطاني. أما بالنسبة للخطط المقبلة، أوضحت العلوية أنها تتمثل في العمل على إدراج تقنية تسلسل "الإكسوم الكامل" لتشخيص جميع الأمراض الوراثية المتعلقة بالكلى، وهذا سوف يتم على مراحل متعددة، تبدأ بدراسة تجريبية لأمراض محددة. وأشارت إلى أنه في هذا الإطار، تم تقديم مقترح بحث جديد بتمويل من وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ويشمل مجموعة من أمراض الكلى الوراثية، كما إنه ضمن الخطط المقبلة أن يتم العمل على تأسيس تعاون بحثي تشخيصي مع الجامعات الأكاديمية والمراكز البحثية التشخيصية. وأشادت الدكتورة إنتصار العلوية بالجهود المبذولة في إنجاح هذه الدراسة البحثية، بفضل تعاون جميع الاستشاريين والأطباء والممرضات والمستشارين الوراثيين في جميع أقسام أمراض الكلى في مستشفيات السلطنة كافةً، موجهة لهم الشكر والتقدير على جهودهم لإرسال عينات المرضى والمعلومات السريرية. كما ثمنت العلوية تعاون جميع العائلات التي شاركت في هذه الدراسة وآمنت بأهمية البحث العلمي. ووجهت الباحثة الشكر إلى إدارة المستشفى السلطاني على الدعم المستمر للبحوث ولجميع العاملين في المركز الوطني للصحة الوراثية إدارة واستشاريي وفنيي المختبرات والممرضات وفرق الدعم الطبي.
مشاركة :