ظهرت لمحة من قدرات الألماني يورغن كلوب المدير الفني الجديد لفريق ليفربول على التحفيز عندما شرح السبب وراء تنامي صداقته بالجناح جوردون أيبي مؤخرًا. عندما نجح فيليب كوتينهو أو فيل، حسبما يدعوه مدربه الجديد في تسجيل هدف التعادل لصالح ليفربول أمام تشيلسي قبل نهاية الشوط من لمباراة التي فاز بها فريقه 3 / 1 على ملعب ستامفورد بريدج، تحول كلوب باتجاه البدلاء ووجه تحية حماسية وودودة لأيبي. وعندما وبخ أيبي لاحقًا لعدم استعداده للنزول إلى أرض الملعب في الشوط الثاني من المباراة، سرعان ما ظهر كلوب في غضون دقائق وهو يتودد إلى اللاعب الشاب ويحفزه للوصول إلى الحالة الذهنية التي دفعته للقيام بدور محوري لتسجيل الهدف الثالث لليفربول. وعندما انطلقت صفارة الحكم معلنة نهاية المباراة، اندفع كلوب إلى داخل الملعب للاحتفال بفوزه الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم. وخلال احتفاله، اختص أيبي بعناق حار. أثناء المباراة، مرر أيبي الكرة في الدقيقة 83 ليلتقطها آدم لالانا ويصوبها بذكاء يسارًا باتجاه كريستيان بنتيكي ليجهز على آمال تشيلسي. في الواقع، من السهل التعرف على سبب عشق لاعبي ليفربول لكلوب، وفهم النظرات الحاسدة من حين لآخر من جانب لاعبي تشيلسي اليائسين تجاه المدرب الألماني الذي بدا متوهجًا بالحماس والطاقة بجانب جوزيه مورينهو المكتئب. جدير بالذكر أن تشيلسي يأتي في المرتبة الـ15 في الدوري وذلك بسبب سوء خط الدفاع لديه والذي أصبح من السهل اختراقه، وبطء حركة خط الوسط المتكدس باللاعبين والصعوبة الشديدة التي يواجهها خط الهجوم في خلق الفرص. الملاحظ كذلك أن إيدن هازارد، الذي حصد لقب أفضل لاعب في الموسم الماضي، أصبح يقوم بدور هامشي هذا الموسم، وبالفعل جرى استبداله في الدقيقة 59 من عمر المباراة. ورغم أن تشيلسي كان له السبق في التسجيل خلال المباراة بفضل ضربة رأس من راميريز، فإن الحماس الذي أظهره بداية المباراة سرعان ما تلاشى، في الوقت الذي تزايدت بصورة تدريجية ثقة لاعبي ليفربول بأنفسهم، بعدما بدوا مذعورين خلال الدقائق الـ20 الأولى من المباراة. وسيكون من قبيل الخداع الادعاء بأن كلوب قبل جميع قرارات الحكم مارك كلاتنبرغ بسعة صدر. ففي لحظة معينة خلال المباراة، بدا كلوب غاضبًا بشدة من الحكم الرابع ليس ميسون وأشار إليه بأصابع الاتهام على نحو لا بد وأنه ترك تساؤلات مشروعة في نفس مورينهو، حول ماذا كان سيحدث لو أنه أتى بفعل مشابه. ومع ذلك، نجح كلوب في بث روح جديدة في الفريق وبدا قادرًا على خلق حالة من السعادة والبهجة في نفوس لاعبيه بعد انتهاء المباراة وتحقيقهم الفوز بفضل الهدفين المتأخرين من جانب كوتينهو وبنتيكي. وبينما كان أداء ليفربول بعيدًا كل البعد عن الوضع المثالي، المؤكد أنه استفاد من وقوف الحظ بجانبه عندما لم يحصل لوكاس ليفا على إنذار ثان لارتكابه مخالفة بحق راميريز. كما أظهر الفريق مؤشرات على وجود خطة معينة يتبعها وأنه بدأ في استجماع قواه والتحرك نحو الاتجاه الصحيح والتأقلم مع توجيهات كلوب. ولم يملك كلوب نفسه وخبط رأسه بضع مرات عندما أهدر روبرتو فيرمينهو، الذي تزعم خط هجوم ليفربول حتى انضم إليه بنتيكي والذي عمل كنقطة محورية للهجوم أكثر نشاطًا، فرصة محتملة من خلال تصويبه الكرة من مسافة بعيدة للغاية تجاه المرمى. الواضح أيضًا أن ليفربول افتقر أحيانا إلى الحماس، ناهيك بالقدرة على وضع اللمسة الأخيرة الصحيحة على الكرة. ومع ذلك، فإنه بمجرد استعادة الفريق نشاطه وحماسه، كانت النتائج مذهلة. وتعد هذه المرة الأولى التي يناضل ليفربول في مواجهة هزيمة ليحولها إلى فوز منذ فوزه على كريستال بالاس في بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في فبراير (شباط) . جدير بالذكر أنه يتعين على ليفربول السفر إلى روسيا لمواجهة روبين كازان في إطار بطولة دوري أوروبا، غدا، ثم الاستعداد لمواجهة كريستال بالاس مجددًا الأحد. ورغم أن كلوب لا يملك فريقًا مذهلاً في قدراته، فإنه يملك مادة خاما كافية للعمل عليها في الوقت الحاضر. وفي هذا الإطار قال كلوب: «كوتينهو لاعب ذكي، ولسنا بحاجة للحديث عن مهاراته. أحيانا يتعين عليك بذل مجهود كبير لجعل كرة القدم تبدو يسيرة. وهذا تحديدًا ما فعلته. لم تكن بداية كوتينهو مثالية، لكنه تمكن من العودة وكان رائعًا بما يكفي خلال اللحظة المناسبة كي يصوب الكرة باتجاه المرمى في اللحظة الصائبة». وأضاف: «رغم أن هذا هو مستوى مهارته، فإن الشمس لا تشرق دومًا، وكذلك هو. وأحيانا يتحتم علينا العمل بجد بالغ عندما تكون الأوضاع على غير ما يرام بالنسبة للفريق. ويسألني الجميع كل يوم حول ما إذا كنت قد رسمت ملامح الخطوة التالية». وبدا كوتينهو في غاية السعادة للتسجيل لأول مرة منذ انتزاعه هدف الفوز لليفربول في المباراة الأولى هذا الموسم أمام ستوك سيتي في 9 أغسطس (آب) الماضي وقال اللاعب البالغ من العمر 23 عاما: «مر وقت طويل منذ آخر مرة سجلت فيها. لم أقدم أفضل ما لدي لكنني كنت أعرف أنني يجب أن أواصل العمل لتتغير دفة الأمور لصالحي. هذا ما قمت به». وأضاف: «شعر المدرب بالسعادة وقام باحتضاني عقب لقاء تشيلسي. الجميع في التشكيلة يشعرون بالسعادة بسبب طريقة اللعب التي يطلب منا المدرب أن نقدمها». وتابع: «هو من نوعية المدربين الذين يطلبون الكثير من العمل الشاق. هذا ما نحاول القيام به كل يوم. يجب أن نواصل على نفس النهج». واستطرد كلوب كلامه مشيرًا إلى صدره: «أنت تحاول اللعب من خلال الروح المنطلقة بداخلك وبقلبك، لكن عندما تفقد هدوءك ومرونتك وشعورك بالاستمتاع باللعب، يتعين عليك حينها تلقي معلومات جديدة وتطوير ذاتك». من الواضح أنه بحاجة للدفع بليفربول نحو صفوف أندية الصفوة من جديد، وقد بدا السخط على كلوب لدى سؤاله حول ما إذا كان يتوقع نجاح فريقه في الوصول إلى أحد المراكز الأربعة الأولى بنهاية الموسم الحالي، خاصة وأنهم خلف مانشستر يونايتد بفارق أربع نقاط فقط. وحينئذ أجاب: «لا أصدق أن إنجلترا تفتقر إلى الصبر لهذه الدرجة!». وفي هذه اللحظة، وقعت عيناه على كلاتنبرغ، فوجه حديثه إلى الحكم قائلاً: «إنهم يسألونني عن المراكز الأربعة الأولى. مرحبًا في إنجلترا». وأضاف: «أنا هنا منذ ثلاثة أسابيع. ومع أنني لا أقرأ الصحف، فإن الجميع يخبرونني بأمور من عينة: أنت تريد شراء هذا اللاعب، وذلك اللاعب، وذاك اللاعب. إلا أن التطور الحقيقي أن تعمل مع مجموعة اللاعبين المتاحة لديك الآن. إن الأمر يشبه عندما تكون هناك مشكلة بينك وبين زوجتك، فهل ستستبدلها بأخرى كل يوم»! وأعقب عبارته الأخيرة بضحكة مجلجلة ترددت أصداؤها داخل ستامفورد بريدج لفترة طويلة.
مشاركة :