فلسطين.. أطفال يتعلمون تحت فوهات البنادق الإسرائيلية

  • 11/3/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الجيش يجبر سبعة طلبة من قرية "طوبا" جنوبي الضفة على السير أمامه، لعبور شارع يهيمن عليه مستوطنون - لا يسمح لذوي الطلبة أو الناشطين استخدام وسائل لنقل الأطفال إلى المدرسة رغم برد الشتاء وحر الصيف - الناشط باسل العدرة: الجنود الذين يهدمون المنازل يلازمون الطلبة خلال ذهابهم إلى المدرسة والعودة منها - الطفل عيسى عوض: المستوطنون يعترضوننا ويضربوننا بالحجارة والجيش لا يفعل شيئا عند السابعة صباحا، ينتظر طلبة قرية "طوبا" الفلسطينية، المركبة العسكرية الإسرائيلية التي تسوقهم أمامها في طريق الذهاب إلى بلدة "التوَانة" حيث تقع مدرستهم؛ ويتكرر المشهد عند العودة. ويصل بين القريتين الفلسطينيتين طريق ترابي بطول نحو 5 كيلومترات، يُجبَر الطلاب على السير فيه على الأقدام باتجاه الغرب، وعلى يمينه ويساره تقع مستوطنتا "ماعون" و"حفات ماعون" الإسرائيليتان. وفي نهاية الطريق الفاصل بين المستوطنتين، يكون في انتظار الطلاب ناشطون ينقلونهم إلى مدرستهم، حيث يحظر لأي كان، مرافقتهم، خلاله. كما يحظر استخدام أي وسائل لنقل الأطفال إلى المدرسة عبر الطريق الترابي، حيث يتعرضون إلى صعوبات جمة خلال سيرهم في الطريق، وخاصة في فصلي الشتاء والصيف. ففي فصل الشتاء، يضطر الطلاب أحيانا، للمشي في الوحل، وسط برد قارس، تلامس درجته الصفر مئوي، أما في الصيف، فيسيرون تحت أشعة الشمس وسط درجة حرارة تلامس الأربعين. وطوال السنوات الماضية، ظل الأطفال يعتمدون بشكل كبير على مرافقة المتضامنين الأجانب لهم في رحلتي الذهاب والإياب (خارج الطريق الترابي)، لكنّ إجراءات مواجهة كورونا منذ 2020 غيبتهم للعام الثاني على التوالي. وحلّ مكان المتضامنين الأجانب، نشطاء فلسطينيون، يعملون على حماية الطلاب البالغ عددهم سبعة، وتراوح أعمارهم بين 6 و16 عاما. ويقول الفلسطينيون إن هذا النظام الغريب، ابتدعه الجيش الإسرائيلي بزعم "حماية الطلاب" من اعتداء المستوطنين. لكن الطلاب أنفسهم والسكان يقولون، إنه لا يبذل أي جهد حقيقي لمنع اعتداءات المستوطنين، ويؤكدون أن الجيش قادر على وقف الاعتداءات دون الحاجة إلى إجبار الطلاب على هذا النظام المرهق. ولا تتوفر مدارس في قرية طوبا التي يبلغ عدد سكانها قرابة 84 نسمة، وتقع إلى الشرق من بلدة يَطّا جنوبي مدينة الخليل. ويعيش طلاب "طوبا" وسط هذه المعاناة منذ عام 2004، حيث لا تسمح سلطات الاحتلال لهم بالذهاب إلى مدرستهم، إلا تحت مراقبتها وتحت أعين جنودها وفوهات بنادقهم. ** التعليم تحت السلاح الطالب عيسى علي عوض (13 عاما)، أحد الطلاب السبعة الذين يعيشون المعاناة يوميا "طلبا للعلم"، يقول إن الجيش يدعي حراستهم، لكنه لا يفعل ذلك. ويضيف لوكالة الأناضول: "المستوطنون والجيش سيّان، أحيانا يعتدي علينا المستوطنون بالسيارات ويضربونا بالحجارة، حتى أثناء مرافقة الجيش لنا الذي لا يفعل شيئا". ويضيف أنهم يتعرضون للسباب والشتائم من قبل المستوطنين، على مسمع ومرأى الجنود، مضيفا: "يسبونا والجيب يمشي خلفنا، وكأن شيئا لم يكن". أما الطالبة سجود محمد عوض (13 عاما) فتشكو من التأخير عن دوامها المدرسي، وتقول إنه لا بديل للذهاب عبر الطريق الذي يحاذي المستوطنة، وفي الطريق "يضربونا (المستوطنون) بالحجارة". وتضيف أنها تخشى دائما من هجوم المستوطنين، واعتداءاتهم. ** اعتداءات وضرب من جهته، يقول باسل العدرة، وهو ناشط محلي ينتظر وصول الطلبة صباحًا على أطراف بلدة "التوانة" لنقلهم إلى مدرستهم، إن سبعة طلبة أعمارهم بين 6 و16 عاما يعيشون المعاناة يوميا. ويضيف: "لا يوجد في قريتهم مدرسة، يمشون إلى قرية التوانة في طريق بين مستوطنة ماعون وبؤرة حفات ماعون، كي يتعلموا". ويشير إلى أن البديل للطريق الذي يحاذي المستوطنة هو جبال وعرة، لا تقل خطورة بسبب المستوطنين. ويضيف أن طلبة "طوبا" يتعرضون لاعتداءات وهجوم المستوطنين أثناء توجههم إلى المدرسة، وبدل اعتقال الجناة، فرض الجيش الإسرائيلي على الطلبة الذهاب إلى مدرستهم سيرا على الأقدام، وتحت أعين الجنود وبمرافقة مركبة عسكرية. ويتابع العدرة: "بعد بناء البؤرة الاستيطانية حفات ماعون عام 2004، أحضروا مستوطنين مجرمين، يشنون هجمات بشعة جدا (على السكان)". ويضيف: "أخطر شيء، المرور بهذه الطريق، الاعتداءات عليهم غير طبيعية من قبل المستوطنين، وضربوا حتى المتضامنين معهم". ويردف: "بدل وضع حد لاعتداءات المستوطنين، قرر الاحتلال أن ترافق الطلبة سيارة الجيش يوميا، صباحا ومساء، بدل اعتقال المجرمين الذين يعتدون عليهم". ويقول إن الجيش يرافق الطلبة تحت عنوان حمايتهم، لكنه يسوقهم بالقوة أمامه، مضيفا: "هو لا يحمي الطلاب، حتى بوجودهم هناك مستوطنون اعتدوا على النشطاء والطلاب، الجيش يُسهل هجمات المستوطنين". ويشير العدرة إلى أن الجنود "لا يستطيعون توقيف مستوطنين أو حتى سؤالهم عن هوياتهم (بطاقاتهم الشخصية)"، متسائلا باستنكار: "كيف يحمي هؤلاء الطلاب؟". ويقول إن ذات الجنود الذين يهدمون بيوت الأطفال ويداهمون منازلهم ليلا ونهارا ويعتقلونهم في المراعي، يراقبونهم ويتابعونهم في رحلتي الذهاب والإياب من وإلى المدرسة. ويلفت الناشط الفلسطيني إلى أن الطلبة ينتظرون لساعات طويلة أحيانا، حتى وصول السيارة العسكرية، مما يتسبب في "تأخيرهم لساعات عديدة". بدوره، يقول محمد الهريني، إنه يتناوب مع ناشطين آخرين، على اصطحاب الأطفال إلى المدرسة لحمايتهم ومساعدتهم نفسيا. ويضيف الهريني لوكالة الأناضول: "أنتظرهم يوميا، نتحمل مسؤولية نقلهم للمدرسة عند وصولهم إلى قرية التوانة، ونساعدهم نفسيا". ** أطماع استيطانية تقع قريتا طوبا والتوانة في منطقة مصنفة "ج" من الأراضي الخاضعة لسيطرة إسرائيلية كاملة، وفيها يمنع السكان الفلسطينيون من إحداث أي تغيير على الوضع الذي كان قائما فيها قبل احتلالها عام 1967. وصنفت اتفاقية أوسلو 2 (1995) بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل أراضي الضفة إلى 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة. ووفق تقرير للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير، فإن تهديدات الاحتلال جنوبي الضفة "ومطامعه الاستيطانية تطال سكان منطقة تبلغ مساحة أراضيها نحو 38500 دونم. وأضاف في تقرير نشره في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن التهديدات تطال "تجمعات يُقيم فيها أكثر من 3 آلاف مواطن". بينما تقول منظمة "بتسيليم" الحقوقية الإسرائيلية (غير حكومية) في زاوية مخصصة لمنطقة جنوب الخليل عبر موقعها الإلكتروني، إن إسرائيل تتبع في تلك المنطقة "سياسة تهدّد وجود نحو ثلاثين قرية فلسطينية يعتاش معظمهم على الزراعة ورعي الأغنام". وتضيف أن هذه السياسة تتجسد "في منع البناء منعًا شبه مطلق، وهدم متكرّر للمنازل والطرق وآبار المياه، وعنف قوات الأمن، وغياب تطبيق القانون على المستوطنين، عند ارتكابهم أعمال عنف". وتشير بيانات حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية، إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :