ارتفعت أسعار النفط الخام في ظل تزايد الطلب العالمي خاصة في الصين، قبل أن تتراجع، مع استمرار قيود العرض من جانب تحالف "أوبك +"، حيث بلغت نسبة امتثال المنتجين لخفض الإنتاج 118 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وتترقب السوق النفطية غدا أعمال الاجتماع الشهري عبر الفيديو لوزراء الطاقة في مجموعة "أوبك +" برئاسة السعودية وروسيا لتحديد مستوى إمدادات النفط الخام الملائمة لكانون الأول (ديسمبر) المقبل وسط توقعات قوية بالإبقاء على الزيادات الإنتاجية التدريجية التي تبلغ 400 ألف برميل يوميا على أساس شهري، ويأتي ذلك بينما قامت الصين بالإفراج عن بعض احتياطياتها الاستراتيجية من النفط والغاز لتهدئة وتيرة صعود الأسعار. وتوقع لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون أن تسهم قمة المناخ المنعقدة حاليا في جلاسكو في زيادة الضغوط على شركات الطاقة لإبطاء وتيرة المشاريع التقليدية خاصة مع تعهد كبار اقتصادات العالم بتقديم مساهمات فاعلة في هذا المجال في الأعوام المقبلة للوصول إلى مستوى الصفر من الانبعاثات وهو ما يفاقم من أزمة نقص الاستثمار في القطاعات النفطية التي تحد بدورها من قدرة المنتجين على زيادة الإنتاج. وقال سيفين شيميل مدير شركة في جي إندستري الألمانية، إن أسعار النفط الخام واصلت مكاسبها كما صعدت العقود الآجلة للنفط مع انخفاض إنتاج "أوبك" وبقاء المعروض شحيحا في مقابل تعافي سريع فيما يخص العرض مع انتعاش حركة السفر والطيران العالمية وعودته إلى مستويات ما قبل الجائحة إضافة إلى التوسع في توزيع الجرعة الثالثة من لقاحات كورونا في أوروبا وعديد من دول العالم. وأشار إلى أن ضغوط مؤتمر المناخ في جلاسكو ستبقي إمدادات الطاقة التقليدية محدودة وقد تضيف مزيدا من الأعباء على أزمة الطاقة المشتعلة في العالم بسبب نقص الغاز وهو ما قد يجعل منتجي "أوبك +" الخميس مستمرين في الإبقاء على مستوى الزيادات الشهرية المحدودة رغم ضغوط المستهلكين التي تهدف إلى خفض أسعار البنزين وتقليل حدة الضغوط التضخمية. من جانبه، أوضح روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات أن إنتاج "أوبك" تقلص على نحو يفوق التوقعات المسبقة في النمو بسبب قيود اتفاق الإنتاج في "أوبك +" الذي تجري مراجعته الخميس إضافة إلى الانقطاعات الإنتاجية المؤثرة في نيجيريا وليبيا التي تجاوزت 100 ألف برميل يوميا على الأقل. ورجح استمرار مكاسب النفط في ضوء نقص المعروض وضغوط مؤتمر المناخ علاوة على استمرارية أزمة الطاقة العالمية وظهور تأثيرات أعوام متوالية من قلة الاستثمار في مشاريع المنبع خاصة في أثناء ذروة أزمة الوباء في العام الماضي. من ناحيته، ذكر ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز أن أسعار النفط الخام واصلت مسيرة حصد المكاسب بعد أن أظهرت أحدث البيانات الشهرية أن مجموعة المنتجين في "أوبك +" لم يحققوا أهدافهم الإنتاجية السابقة، لافتا إلى أن اجتماع الخميس في الأغلب سيؤيد استمرار الزيادة المحدودة خاصة بعدما أعلنت كل من الكويت والعراق أنهما يؤيدان الحفاظ على خطة الإنتاج التدريجية البالغة 400 ألف برميل يوميا دون تغيير. وذكر أنه لا توجد أي مؤشرات على تراجع الأسعار على الرغم من قيام الصين بالإفراج عن جزء من احتياطيها الاستراتيجي من النفط والغاز ونمو المخزونات النفطية الأمريكية ولكن نمو الطلب في المقابل جاء قويا وسريعا ولم يجعل لهذا القرار تأثيرا كبيرا في الأسعار، مشيرا إلى أن أحدث بيانات بنك "أوف أمريكا" تتوقع أن تصل أسعار النفط الخام إلى 120 دولارا للبرميل بنهاية حزيران (يونيو) 2022. بدورها، قالت جولميرا رازيفا كبير المحللين في مركز استراتيجيات الطاقة في أذربيجان إن أسعار النفط تترقب بيان المخزونات لهذا الأسبوع والذي سيكون له تأثير ما على مسار الأسعار بعد الارتفاعات المفاجئة في الأسبوع الماضي، موضحة أن أغلب التوقعات تشير إلى أن نمو المخزونات على الأرجح سيكون أبطأ كثيرا من الأسبوع الماضي وستظل المخزونات عند نسبة 6.3 في المائة أقل من متوسط الخمس أعوام. ولفتت إلى أن تحالف المنتجين في "أوبك +" أعلن منذ البداية أنه سيتخذ القرار المناسب وفقا لقراءته لوضع السوق وأنه لن يتحرك بموجب الضغوط من بعض الدول المستهلكة حتى لو كانت في حجم اقتصادات الولايات المتحدة واليابان والهند مجددا التأكيد على أن الصعود الحاد للأسعار يعود إلى أزمة الغاز العالمية وانقطاع ونقص الاستثمارات النفطية بسبب التعهدات المتعلقة بتغير المناخ بينما تظل أساسيات السوق النفطية جيدة ومزود بشكل جيد. وفيما يخص الأسعار، تخلى النفط عن مكاسبه الأولية وتحول للهبوط ليتراجع خام برنت القياسي العالمي إلى 84 دولارا للبرميل في تعاملات متقبلة أمس قبيل تقارير أسبوعية بشأن الإمدادات الأمريكية من المتوقع أن تظهر زيادة في مخزونات الخام، واجتماع تحالف "أوبك +" غدا. وبحسب "رويترز، كانت عقود برنت منخفضة 0.45 في المائة عند 84.33 دولار للبرميل بعد أن هبطت في وقت سابق أكثر من 1 في المائة إلى 83.76 دولار. وانخفضت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 0.40 في المائة إلى 83.69 دولار للبرميل بعد أن سجلت في وقت سابق 83.02 دولار. وارتفع النفط إلى أعلى مستوياته في عدة أعوام الأسبوع الماضي، مدعوما بانتعاش الطلب بعد جائحة فيروس كورونا وتمسك منظمة أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا، فيما يعرف بتجمع "أوبك +"، بزيادات تدريجية شهرية في الإنتاج تبلغ 400 ألف برميل يوميا، على الرغم من دعوات كبار المستهلكين لضخ المزيد من النفط. وخلص مسح لـ"رويترز" أمس الأول إلى أن زيادة إنتاج نفط أوبك في تشرين الأول (أكتوبر) لم تصل إلى مستوى الارتفاع المخطط له بموجب اتفاق مع الحلفاء، إذ بدد توقف الإنتاج لدى بعض المنتجين الصغار أثر زيادة الإمدادات من السعودية والعراق. ووجد المسح أن أوبك ضخت 27.50 مليون برميل يوميا في تشرين الأول (أكتوبر) بزيادة 190 ألف برميل يوميا عن الشهر السابق لكن أقل من 254 ألف برميل يسمح بها اتفاق الإمدادات. وفي الوقت نفسه، عززت شركات النفط الوطنية في الصين معدلات تشغيل المصافي، مما زاد من شهيتها للنفط الخام لتجنب نقص الديزل في ثاني أكبر مستخدم للنفط في العالم. من جانب أخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 82.49 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 82.87 دولار للبرميل في اليوم السابق. وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول تراجع بعد ارتفاع سابق، كما أن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 84.66 دولار للبرميل.
مشاركة :