كتبت: فاطمة الماجد تتوالى أسباب ارتفاع أسعار الشحن من جمهورية الصين في الآونة الأخيرة في حين يرجح البعض الأسباب إلى تزايد الطلب. ويكشف مختصون في عالم الشحن وتجارة السفر عن الأسباب المختلفة لهذه الطفرة الحادة في أسعار الشحن، ويقارن بعض المختصين أسعار الشحن السابقة وتبعات ارتفاع أسعار الشحن على السوق المحلي. أكد المدير العام لشركة القوة للشحن حسين المهدي أن هناك ارتفاعا في أسعار الشحن البحري بسبب الطلب العالي جدًا من الصين وبسبب نقص الحاويات الحاد والذي أدى إلى ارتفاع السعر بعد عودة الحياة إلى طبيعتها بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا. وتابع حسين المهدي قائلا: إن ازدياد الطلب جعل خطوط الملاحة ترفع الأسعار وبعد أن كانت تعادل سابقًا 25 دولارا أصبحت اليوم تعادل 10 آلاف دولار. وأكد حسين أن هذا الارتفاع في أسعار النقل البحري غير مسبوق ولم يشهد العالم من قبل ارتفاعا كهذا، إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 300% في حين قلّ الطلب في مملكة البحرين من الصين بنسبة 30% إلى 40% بسبب أن المستهلك لا يقبل شراء البضائع بعد ارتفاع سعرها بسبب غلاء تكاليف الشحن. وأشار إلى أنه نتيجة لارتفاع الشحن البحري وازدياد الطلب ارتفعت أسعار الشحن البحري بنسبة 25% للأوزان الثقيلة، في المقابل لا تزال أسعار الشحن البري في مملكة البحرين إلى دول الخليج الجاف والمبرد من أرخص الدول عالميًا، وسعر الشحن بالنسبة إلى نصف الكيلو حوالي دينارين ونصف إلى 3 دنانير. ولفت إلى أن نسبة الأرباح التي كسبتها هذه الشركات 10 أضعاف أي تعادل أرباح 10 سنوات في فترة وجيزة وأن ازدياد الطلب يدفع شركات الشحن إلى الاستمرار في رفع الأسعار لجني مزيد من الأرباح، مشيرًا إلى أن ناقلين للبضائع والمالكين رجحوا أن هذا الارتفاع مؤقت ومن المتوقع أن تنخفض الأسعار في فبراير 2022، ولا توجد أي بادرة لانخفاض الأسعار بسبب أن الاستيراد مرتفع من خارج دول الخليج ومنخفض من داخل دول الخليج، وأن ذلك يؤثر سلبًا في حركة التصدير للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة مار فريتس عادل ترك: هناك ارتفاع حادّ في أسعار الشحن في الصين بسبب توقف الموانئ قرابة السنتين من جائحة كورونا، والآن مع عودة الحياة إلى طبيعتها أصبحت الموانئ تضج بالازدحام، والمشكلة ليست فقط في ارتفاع الشحن بل تطول صعوبة الحصول على حجز للشحن فباتت الحجوزات تتأخر كثيرًا. وأكد أن هناك ازدحاما غير اعتيادي أدى إلى ارتفاع تحميل البضائع بسبب ارتفاع أسعار النفط ومنافسة شديدة بين الشركات الناقلة ومحاولة الاستمرار في زيادة رفع السعر لتعويض خسارة شركات النقل منذ تفشي جائحة كورونا. وأشار إلى أن الأسعار بلغت 9000 دولار للحاوية التي يبلغ طولها 40 قدما بعد ما كان سعرها 1800 دولار، مؤكدًا أن هناك انخفاضا بنسبة 10% في أسعار الشحن ليومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين إلا أن هذه الطفرة في الأسعار سوف تعاود الرجوع مع حلول موسم الشتاء، واضطراب الأسعار لن يهدأ قريبًا، وما ورد عن انخفاض الأسعار بحلول الأشهر القادمة لا صحة له وأن الانخفاض سيكون تدريجيا. من جانبه أكد أن ارتفاع سعر الأعمال الإضافية (ex work) كنتيجة لارتفاع أسعار النفط وكذلك يأتي ارتفاع الأسعار كأثر رجعي للسفينة الضخمة التي علقت في قناة السويس وما سببته من تأخير وخسائر تقدر بالملايين. وتابع أن من أحد أسباب ارتفاع الشحن اشتراط شركات الشحن الصينية على الموردين عودة حاويات الشحن مفرغة مع دفع عمولة الذهاب والإياب، فكأن الشخص يدفع عمولة مرتين. وأضاف: لوحظ أن هناك نقصا حادا في الحاويات بسبب ارتفاع أسعار الشحن نتيجة لتخلص شركات النقل من الحاويات التي يبلغ عمرها أكثر من 25 سنة، ومحاولة تصنيع حاويات جديدة لتحسين جودة النقل. ولفت عادل إلى أن من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار سياسة تعامل جمهورية الصين مع فيروس كورونا إذ تعمد الصين في حالة إصابة شخص واحد في منطقة العمل إلى إغلاق المعمل أو المؤسسة بأكملها، وإذا أصيب أحد الأفراد في أكبر ميناء في الصين يغلق الميناء مدة أسبوع ما يؤثر على أسعار الشحن. وأكد عادل أن الارتفاع في الصين لم يشمل فقط أسعار الشحن بل وصل إلى أسعار السلع ذاتها حيث يواجه الموردون ارتفاعا يتراوح بين 5% و25% على البضائع، كذلك ارتفعت أسعار البضائع في كل من دول أوروبا وأمريكا بنسبة 100% وارتفعت بنسبة 200% من الخليج إلى أوروبا. وأضاف أن أسعار الشحن ارتفعت إلى أربعة أضعاف حوالي 400% إذ كانت في السابق 1800 دولار واليوم تتراوح بين 8000 و9000 آلاف دولار. وعلى أثر هذا الارتفاع في الشحن البحري في الصين توالى ارتفاع أسعار الشحن الجوي بنسبة 280% إذ كانت أسعار الشحن 2.5 دولار للكيلو وفي الآونة الأخيرة وصل إلى 7.5 دولارات بعد أن ارتفع إلى أعلى قيمة وقدرت بـ17 دولارا للكيلو. ولفت عادل إلى أن موجة الارتفاع أدت إلى توقف بعض التجار والموردين عن جلب البضائع والبحث عن بديل أرخص في دول أوروبا، مؤكدًا أن الشحن من أوروبا أرخص سعرًا وأسرع وأعلى جودة مقارنة بالبضائع الصينية. وتابع قائلا: «إنها أزمة اقتصادية بحرية بحتة حيث إن البضائع لا تصل في الوقت المحدد، وذلك يؤثر في السوق البحرينية والموردين بشكل سلبي في حال استمرار المشكلة لكون السوق البحريني يرفض شراء البضائع التي اعتادها بسعر أعلى من السابق. وفي إطار خبرة تنبع من 30 عاما في مجال الشحن ينصح عادل ترك التجار بالتعامل مع وكلاء الشحن لما لهم من صلة بالنقل والشحن بأنواعه ما يسهل عليهم عملية الشحن. وأكد محمد عبدالعال المدير التنفيذي لسفريات الوسط أن هناك ارتفاعا في أسعار الشحن في الصين بسبب ما خلفته الجائحة من انحسار في الطلب وعودة الحياة الطبيعية والإقبال على التسوق وشراء البضائع، لافتًا إلى أن للحرب الأمريكية الاقتصادية دورا في ارتفاع أسعار الشحن. وعلق قائلا: هناك سوق سوداء بشأن حاويات الشحن في الصين حيث أدى جشع تجار الشحن في الصين إلى رفع الأسعار بشكل جنوني لتعويض الخسائر الفائتة. وأضاف: «إن هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار أدى إلى تغيّر سياسة الاستيراد، وأصبح معظم التجار والموردين يبحثون عن مصدر آخر اقل كلفة لاستيراد البضائع مثل إسبانيا وتركيا. ولفت إلى تغير الأسعار وارتفاعها بنسبة تقدر بحوالي 500% إلى 400% إذ كانت في السابق 2000 دولار والآن أصبحت 9000 دولار ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن الجوي بسبب الضغط الكبير على الموانئ وبسبب تقارب أسعار الشحن الجوي والبحري مع انتظار يفوق الـ14 يوما في الشحن البحري. وأضاف: يقدر ارتفاع الشحن الجوي بنسبة 20% إلى 25% بحسب المنطقة ونتيجة لعودة الحياة الطبيعية تأثر سلوك المستهلكين الشرائي وأصبحت الناس تتسوق وتطلب عبر الشحن الجوي، ومن المتوقع عودة الأسعار نتيجة لتلبية حاجات العرض والطلب في الربع الثالث من السنة المقبلة. وقالت مريم عبدالهادي مدير المبيعات لمؤسسة بلو ويف: «إن انخفاض جائحة كورونا هو السبب في زيادة الطلب على البضائع من الصين وارتفاع أسعار الشحن حيث كان المتر المكعب يقدر بـ60-65 دينارا للمتر المكعب، والآن ارتفعت الأسعار لتصبح 85 دينارا للمتر المكعب». فيما أكد الخبير الاقتصادي الدكتور جعفر الصائغ إن لارتفاع تكلفة الشحن تأثيرات سلبية حيث أقرت بعض المؤسسات التجارية رفع أسعارها ابتداء من تاريخ معين. وتأتي تبعات هذا الارتفاع لتحمّل المواطنين ارتفاع الأسعار عوضًا عن الضريبة المضافة والالتزامات المالية. وأضاف د. الصائغ: «هناك نظرة تشاؤمية من قبل الخبراء والاقتصاديين وتوقعات استمرار الارتفاع على السلع والبضائع الضرورية». ويحذر الصائغ من شراء المستهلكين للسلع بشكل جنوني لتفادي ارتفاع الأسعار حيث سيؤدي ذلك إلى ارتفاع أكثر ومشاكل اقتصادية».
مشاركة :