يروي المدافع الألماني أنطونيو روديغر كيف تغيرت النظرة إليه منذ تولي مواطنه توماس توخيل القيادة الفنية لنادي تشيلسي في يناير (كانون الثاني) الماضي، ويقول: «كثير من الناس لا يعرفونني». ويعد روديغر واحداً من أفضل اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، حيث يُمتع الجماهير بقدراته الدفاعية القوية وركضه السريع، لكنه لا يشعر بأي اختلاف عن ذي قبل، ويقول: «لقد كنت دائماً كما أنا الآن، لكن كل ما في الأمر أن الأمور تسير على ما يرام في الوقت الحالي. من الواضح أن كل شخص لديه رأيه الخاص، لكنني الشخص نفسه دائماً، ولم أتغير». ويشير روديغر إلى أنه «رجل جاد للغاية بشأن أشيائه الخاصة»، لكنه يميل إلى خلق أجواء جيدة في غرفة خلع الملابس. ويقول المدافع الألماني إنه ليس لاعب «جوكر»، كما يصفه بعضهم، لكنه يبذل قصارى جهده داخل المستطيل الأخضر. إنه صارم وشرس للغاية مع مهاجمي الفرق المنافسة، لكنه أظهر روح الدعابة عندما أخرج لسانه في وجه جماهير تشيلسي بعد الحصول على ركلة جزاء خلال المباراة التي حقق فيها الفريق الفوز على مالمو السويدي بدوري الأبطال. وعن ذلك، يقول روديغر: «هذا هو أنا على أرض الملعب؛ إنها عاطفة خالصة». ومع ذلك، كان يُنظر إلى هذه العاطفة بشكل مختلف في الماضي. ولحسن الحظ، أدرك توخيل أن المدافع الألماني البالغ من العمر 28 عاماً يمتلك شخصية قوية، ويكره الخسارة. ورأى توخيل أن هذه صفات إيجابية تدل على أن اللاعب يحب المنافسة، ولا تدل -كما قد يعتقد بعضهم- على أنه مثير للمشكلات. ولم يكن روديغر يشارك في صفوف الفريق تحت قيادة المدرب فرانك لامبارد الذي كان يريد بيعه خلال صيف عام 2020، وتم تصوير اللاعب الألماني الدولي على أنه مثير للانشقاقات داخل صفوف الفريق عندما أقيل المدير الفني الإنجليزي من منصبه. ويتحلى روديغر بالصدق الذي يجعله يعترف بأن أداءه كان دون المستوى خلال السنة الأولى للامبارد مع الفريق، لكنه لم يستطع فهم الأسباب التي أدت إلى انهيار الأمور في الموسم الماضي. لقد كان يعلم أنه لا يزال مدافعاً كبيراً، وقد أثبت ذلك بالفعل تحت قيادة توخيل، وساعد تشيلسي على الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا. يقول روديغر: «لقد منحني توخيل حياة جديدة؛ هذا لا يعني أنه طلب مني أن أكون المتحدث الأكبر في غرفة خلع الملابس، فأنا لست من نوعية اللاعبين الذين يحبون ذلك، لكنني أحب أن أظهر كل شيء داخل الملعب. لقد أخبرني بما يتوقعه مني؛ أن ألعب بطبيعتي، وأن أكون قوياً شرساً، وأن أكون قائداً». ويقول روديغر عن احتفاله الصاخب عقب سماع صفارة النهاية عندما فاز تشيلسي على مانشستر سيتي في نهائي دوري أبطال أوروبا: «لقد شعرت بارتياح كبير؛ لقد كان الأمر جنونياً. في مرحلة ما كان يتم تصويري على أنني بعبع لا يجب الاقتراب منه. وبالنسبة لي، كان هذا أمراً جيداً. في نهاية المطاف، لا يمكنك أن تمنع الناس من الكلام وتوجيه الانتقادات إليك، لأنهم سيواصلون الحديث دائماً، وليس هذا هو السبب في أنني ألعب كرة القدم، لكن من الجيد أنني أحقق الفوز». وابتسم روديغر الذي انضم إلى تشيلسي قادماً من روما في عام 2017 مقابل 29 مليون جنيه إسترليني، عندما سُئل عما إذا كان يتعين عليه أن يثبت شيئاً للجماهير، وقال: «هذا صحيح بنسبة 100 في المائة. لقد أقيل المدير الفني من منصبه، وكان هناك كثير من الناس الذين كانوا يحاولون القيام بأشياء لا أعرفها، لكن محاولاتهم لم تنجح». لكن دفاع تشيلسي تحسن بشكل ملحوظ، وأصبح من الصعب اختراقه، منذ أن بدأ توخيل يعتمد على 3 لاعبين في الخط الخلفي. والآن، يتصدر الفريق جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق 3 نقاط عن صاحب المركز الثاني ليفربول، بعد الفوز على نيوكاسل بثلاثية نظيفة يوم السبت الماضي. ويقدم روديغر مستويات استثنائية في مركز قلب الدفاع ناحية اليسار. يقول المدافع الألماني الدولي: «لقد لعبت في خط دفاع مكون من 3 لاعبين تحت قيادة أنطونيو كونتي في تشيلسي، ولعبت في خط دفاع مكون من 4 لاعبين تحت قيادة ماوريسيو ساري، وكان موسماً جيداً. إذا كانت هناك خطة واضحة بشأن ما يتعين عليك القيام به، فلا يهم إذا كان الفريق يلعب بثلاثة لاعبين أو بأربعة لاعبين في الخط الخلفي». ويضيف: «الأمر يتعلق ببناء وشكل الفريق ككل، وهذا هو الأمر الذي يجب أن أشيد فيه بالمدير الفني. في بعض الأحيان، نلعب بثلاثة لاعبين في الخط الخلفي، لكن في بعض الأحيان ينتهي بي الأمر بالضغط على لاعبي الفريق المنافس من الأمام، لذا فإننا في تلك اللحظات لا نلعب بثلاثة لاعبين في الخط الخلفي، بل بأربعة. إنها طريقة غريبة بعض الشيء، لكنها ساعدتنا على استقبال عدد أقل من الأهداف، وهذا أمر جيد». ويتابع: «عندما نلعب عدداً من المباريات المتتالية، ولا نستقبل أي أهداف، فإننا نبدأ في التفكير في هذه الطريقة، لكن الأمر لم يكن كذلك في الماضي، ولم نكن نحافظ على نظافة شباكنا في كثير من المباريات. وبالنسبة للمدافع، لا يوجد شيء أكثر أهمية من الخروج بشباك نظيفة». ومن الواضح للجميع أن مستوى روديغر قد تطور بشكل كبير تحت قيادة توخيل، فما أسباب ذلك؟ يقول المدافع الألماني الصلب: «عندما كنت أصغر في السن، لم أكن من نوعية المدافعين الذين يتقدمون بالكرة للأمام. يمكنني القيام بذلك، لكن الجوانب الدفاعية كانت أكثر أهمية بالنسبة لي. أنا أحب الضغط العالي على حامل الكرة، وقد منحني المدير الفني حرية القيام بذلك لأن هذا هو ما يتوقعه مني». ويقول روديغر عن كيفية الضغط على لاعبي الفريق المنافس: «إنه شيء يتعين عليك التدريب عليه كثيراً، ويجب على الجميع القيام بذلك بشكل جماعي. آسف لقول ذلك، لكن لا ينبغي أن يكون هناك أي لاعب يلعب بتراخ لأن عدم الاهتمام بأي تفاصيل صغيرة قد يكلفك الكثير. وعندما تمارس الضغط العالي على الفريق المنافس، تكون هناك مساحات خالية في مكان ما على أرض الملعب، وبالتالي إذا لم يكن اللاعب منتبهاً تماماً، فقد تحدث حالة من الفوضى». ويضيف: «ليفربول لا يتوقف عن الضغط على الفرق المنافسة منذ أن تولى يورغن كلوب قيادة الفريق. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على مانشستر سيتي الذي يضغط على المنافسين بشكل جيد للغاية. من الجيد أن تضغط بقوة، لأنك إذا نجحت في استخلاص الكرة، فإنك تصبح أقرب لتسجيل الأهداف». وعلاوة على ذلك، يحاول روديغر كثيراً إحراز الأهداف من خلال التسديد من مسافات بعيدة، ويقول عن ذلك: «أريد أن أعمل على تطوير قدرتي على التسديد. ربما يتعين علي أن أعمل مع مايسون ماونت لتطوير هذا الأمر، فربما يمكنه تعليمي شيئاً في هذا الصدد». وهنا، تطرق الحديث إلى محاولة روديغر تسجيل هدف من منتصف الملعب ضد أستون فيلا الشهر الماضي، لكن الكرة ذهبت إلى المدرجات. يقول روديغر: «اسمحوا لي أن أوضح هذا الأمر؛ لم أكن أفكر مطلقاً في التسديد، فقد كنت فقط أريد تشتيت الكرة. لقد اعتقد الناس أنني كنت أسدد على المرمى، لكن الحقيقة أنني كنت أشتت الكرة خوفاً من أن يشن الفريق المنافس هجمة مرتدة خطيرة علينا. إذا لم أفعل ذلك، كان من الممكن أن يستحوذ داني إنغز الذي كان قريباً مني على الكرة، ويشن هجمة مرتدة خطيرة من على بُعد 70 متراً». ولا يتوقف روديغر الذي سجل هدفاً في المباراة التي فاز فيها تشيلسي على توتنهام الشهر الماضي عن دعم زملائه في الفريق، ويدعم صديقه المقرب كالوم هدسون أودوي، كما يشجع تيمو فيرنر من أجل استعادة قدرته على التسجيل. ثم أشاد روديغر بحارس المرمى السنغالي إدوارد ميندي، وقال عنه: «في هذه اللحظة، هو أفضل حارس مرمى في العالم». وينصح كاي هافرتز الذي لا يقدم مستويات ثابتة بأن يبني على المستوى الجيد الذي قدمه في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر سيتي، عندما أحرز هدف الفوز لتشيلسي. يقول روديغر: «الحياة مليئة بالتقلبات وفترات الصعود والهبوط؛ إنه لا يزال صغير جداً في السن، وسوف يكتسب النضج بمرور الوقت. الوقت هو عنصر نادر في كرة القدم، وبالتالي يتعين علينا أن نستغله على النحو الأمثل. ولدينا كثير من اللاعبين الشباب المميزين في الفريق». ويتذكر روديغر نشأته في حي برلين - نويكولن بألمانيا، وكيف كان يجد صعوبة في السيطرة على أعصابه عندما يلعب كرة القدم، قائلاً: «لقد نشأت في مكان كان علي أن أكون شرساً فيه، ووجدت أنه من الرائع أن أدخل في معارك هناك، لكن في بعض الأحيان عندما كنت أتعرض للاستفزازات، كنت أبحث عن المزيد، وهو ما كان يجعلني أتعرض للطرد من الملعب. لكنني في نهاية المطاف، أدركت أنه يتعين علي أن أركز على كرة القدم، وأن أكون أكثر هدوءاً». ويبدو روديغر قانعاً راضياً الآن، على الرغم من أنه لم يحدد مستقبله مع تشيلسي حتى الآن. وينتهي عقد اللاعب الألماني الدولي مع تشيلسي خلال الصيف المقبل، ويرغب كل من بايرن ميونيخ وريال مدريد في الحصول على خدماته في صفقة انتقال حر. يقول روديغر: «أهم شيء هو أنني أشعر بالسعادة هنا. وأعتقد أنه إذا نظر الناس إلى الأمر، فسوف يدركون ذلك. أما فيما يتعلق بعقدي مع الفريق، فأنا في محادثات بالفعل مع النادي، والجميع يعلم هذا الأمر جيداً، لكن زادت الأحاديث والتوقعات نظراً لأنني سبق أن قلت إنني سأحدد موقفي بعد نهائيات كأس الأمم الأوروبية. وكان هناك حديث بين مارينا غرانوفسكايا، مديرة تشيلسي، ووكيل أعمالي. هذا هو الوضع الحالي، ولا علاقة لي بكل التكهنات التي تثار حول هذا الموضوع، لا أفكر في هذا الأمر. أنا أركز فقط على ما أفعله داخل الملعب لأن هذا هو سبب استيقاظي كل صباح». ولا يشعر روديغر بالقلق بشأن ما إذا كان المدافعون يحظون بالاحترام الكافي أم لا، ويقول: «بالنسبة إلى الأشخاص خارج اللعبة، فإنهم يهتمون دائماً باللاعبين الذين يسجلون الأهداف. إذا قام المدافع بعمل رائع، وأنقذ فريقه من هدف محقق، فربما يتم تذكر ذلك، لكن لا يتم تذكر أي شيء آخر». ويضيف: «اسمحوا لي أن أقولها على هذا النحو: لديكم ميسي ورونالدو وصلاح وبنزيمة وليفاندوفسكي، فمن أنا لأقول إنه يجب أن أكون مثلهم؟ أنا أعرف عملي جيداً، وأعرف ما يتعين علي القيام به. إذا حافظت على نظافة شباك فريقي، فسيكون هذا جيداً بالنسبة لي ولفريقي ولزملائي في خط الدفاع».
مشاركة :