القاسمي يُطلق المجلدات الأولى من «المعجم التاريخي للغة العربية»

  • 11/6/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في إنجازٍ ثقافي وحضاري فريد من نوعه، أطلق الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، مشروع «المعجم التاريخي للغة العربية»، وذلك في حفل انطلاق الدورة الـ(40) من «معرض الشارقة الدولي للكتاب»، مساء الثلاثاء (2 نوفمبر)، عبر إطلاق المجلدات السبعة عشر الأولى من المعجم، الذي يؤرّخ لمفردات لغة الضاد، وتحولاتها على مدى (17) قرنًا، فيما تغطي المجلدات هذه المجلدات التي تم إطلاقها الحروف الخمسة الأولى من الأبجدية العربية. وإلى جانب هذه المجلدات، دشّن حاكم الشارقة، الموقع الإلكتروني للمعجم، والتطبيق الرقمي المخصص للهواتف الذكية. ويجيء هذا المعجم، ليكون مرجعًا ضخمًا لكل الباحثين، والطلبة، والمهتمين، والدارسين، والمختصين، حيثُ يوثق لكل كلمةٍ استعملت في اللغة العربية، متناولاً إيها وفق صيغها، وأبنيتها، وتراكيبها، مع بحثٍ مفصلٍ حول جذورها، وكيفية استعمالاتها، وتاريخ استعمالها، والتطور الذي حصل لها عبر الزمن، وصولاً لدلالاتها المعاصرة. وهو ما يجعلُ من هذا المعجم الفريد، معجمًا جامعًا وشاملاً، وموثقًا بالشواهد، والمصادر، ليكشف بشكلٍ موسّع تاريخ اللغة العربية، والناطقين بها، وحضارتهم، حيثُ استند القائمون عليه على مختلف الوثائق والمصادر؛ من النقوش القديمة، إلى اللهجات الجاهلية، وصولاً للغات القبائل، والألواح، والشعر الجاهلي، وعلوم القرآن الكريم، والحديث، وكتب التراث وغيرها من المدونات الإسلامية والعربية. وبذلك يكون هذا المعجم، أحد أكبر وأضخم المشاريع الثقافية المتعلقة باللغة العربية، وأحد أكثر المعاجم العربية فرادةً، من حيثُ الشمول، وهذا ما أكد عليه الشيخ الدكتور القاسمي، في كلمته التي ألقاها في حفل افتتاح معرض الشارقة، واحتفاءً بتدشين المعجم بشكله المطبوع والرقمي، حيثُ أكد الشيخ القاسمي «أنتم تشهدون الأجزاء الأولى من المعجم التاريخي الذي كنا ننشهده منذُ زمن بعيد. بعد طول انتظار، وشدة اصطبار، أشرقت شمس المعجم من إمارة الشارقة، وهو ليس جهداً فردياً يحسب لدولة أو مجمع لغوي دون آخر، وإنما جهود مؤسسات ومجامع ومراكز لغوية اشتركت جميعها في هذا العمل الكبير تحت مظلة اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية بالقاهرة، وكان لمجمع اللغة العربية بالشارقة فخر التنسيق الإداري والمالي لهذه الجهود العلمية الحثيثة». وأكد الشيخ القاسمي، بأن هذا المعجم «يزيد على المعاجم العامة أنهُ الديوان الأكبر لألفاظ العربية، وسجل تاريخها؛ إذ من خلال النظر فيه يتبين للباحث الكلمات التي كانت رائجة في هذا العصر أو ذاك، والعبارات التي ألف أهلهُ استعمالها وتوظيفها في كلامهم اليومي، وفي كتاباتهم الوظيفية وإبداعهم الأدبي»، وتابع: «قد لا أكون مبالغًا إذا قررت أنه لا يوجد مشروع استقطب اهتمام اللغويين، ولفت انتباه عشاق لغة الضاد، كما لفتهم مشروع المعجم التاريخي؛ ذلك لأن عددًا من اللغات العالمية قد أنجزت معاجمعها التاريخية، وضل المشروع العربي يترنح بين نقص التخطيط، ومزالف ضخامة المشروع، وعوائق فداحة التكاليف المالية»، مشيراً للمحاولات العديدة التي حاولت إنجاز هذا المشروع على الصعيد العربي، ليتحقق أخيرًا على يد الشارقة، وحاكمها الذي أشرف إشرافًا مباشرًا على هذا المشروع، إذ يبين «تشرفت بأن أشرف، وتابعت شخصياً مع كوكبة كبيرة من اللغويين في جميع المجامع اللغوية، سير العمل في هذا المشروع لحظة بلحظة». ووعد حاكم الشارقة بأن هذا المشروع الذي أُطلق في أجزاءه الأولى، سيستمر حتى إنجازه كاملاً، «أعدكم أننا في الأعوام القليلة القادمة سننتهي من هذا المشروع العظيم في عشرات المجلدات». كما لفت إلى ضرورة أن يتواكب هذا المشروع مع التقدم التقني، ومن هذا المنطلق، جاء موقع المعجم الإلكتروني، الذي سيضم مكتبة إلكترونية ضخمة مكونة من أمهات كتب اللغة والأدب والشعر والفلسفة والمعارف العلمية المتنوعة، إلى جانب إمكانية الوصول إلى آلاف الكتب والمصادر والوثائق التي يُعرض بعضها إلكترونياً للمرة الأولى في تاريخ المحتوى المعرفي العربي. هذا، وتغطي المجلدات الـ(17) التي تم أطلاقها الأحرف الخمسة الأولى: الهمزة، والباء، والتاء، والثاء، والجيم، باحثاً عن المفردات والكلمات وتاريخها، وتقلباتها الصوتية، واستعمالاتها منذُ الجاهلية إلى العصر الحديث، مركزًا على الاستعمال الحي للغة، وكاشفًا عن تطوراتها عبر العصور، وتاريخ دخول الكلمات الجديدة المستحدثة، والكلمات التي اندثرت وزالت من الاستعمال مع تبيان الأسباب التي أدت لذلك. بالإضافة لذلك، يقدم المعجم، مقارنات بين الألفاظ في اللغة العربية، وبين ما انحدر منها في اللغة العبرية، والأكادية، والسريانية، والحبشية... إلخ، وقد تم تكليف لجنة متخصصة برصد أوجه الشبه والاختلاف بين الألفاظ العربية وما يقابلها في تلك اللغات. يذكر بأن المعجم التاريخي، الذي يشرف عليه اتحاد المجامع اللغوية والعلمية بالقاهرة، ينجزُ بمشاركة عشر مجامع عربية، ويتولى مجمع اللغة العربية بالشارقة إدارة لجنته التنفيذية، كما أن هذا المعجم يستند في إنجازه على قاعدة بيانات تم جمعها وأتمتتها ووضع منهجيات وأنظمة الرجوع إليها خلال الألعوام الأربعة الماضية، لتضم اليوم، قرابة عشرون ألف كتاب ومصدر ووثيقة تاريخية خاصة باللغة العربية، منها نقوش وآثار تعود لحقب ما قبل الإسلام.

مشاركة :