واصلت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران ارتكاب جرائم السطو المنظم بحق ما تبقى من المنازل القديمة في المدن والمواقع التاريخية والأثرية الواقعة تحت قبضتها والتي يعود تاريخ الكثير منها إلى مئات السنين. ومع تصاعد حدة الاتهامات الموجهة للانقلابيين بتكرار استهدافهم لتاريخ اليمن وماضيه من خلال ارتكابهم سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات، كشف المدير التنفيذي للمركز الأميركي للعدالة عبد الرحمن برمان قبل أيام عن قيام الجماعة بالسطو على 47 منزلاً تاريخياً في صنعاء القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وأشار إلى أن عملية السطو تلك تمت بناءً على توجيهات صادرة عن القيادي في الميليشيات المدعو عبد الله الكبسي المعين وزيراً للثقافة بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها في صنعاء، تقضي بمصادرة ونهب منازل تاريخية وأثرية بعضها سبق أن هدمتها سيول الأمطار بأوقات سابقة. وقال برمان، وهو مستشار قانوني يمني، خلال تغريدة له على حسابه بـ«تويتر»، إن من بين المنازل التاريخية التي تمت مصادرتها من قبل الجماعة بحجة أن بعضها مهجورة وأخرى تعاني من خلافات الورثة منزل شاعر اليمن وأديبها الكبير الراحل عبد الله البردوني. وفي سياق متصل، قالت مصادر عاملة في وزارة الثقافة الخاضعة لسيطرة الميلشيات بصنعاء، إن التوجيهات الأخيرة الصادرة عن القيادي الحوثي الكبسي قضت بمجملها بحجز ونهب ومصادرة العشرات من المنازل القديمة الواقعة بمدن تاريخية ومواقع أثرية تحت سيطرة الجماعة. وأكدت أن الميليشيات بدأت قبل أيام بتنفيذ جزء من تلك التعليمات من خلال مصادرتها العشرات من المنازل في صنعاء القديمة تحت ذريعة أنها منازل مهجورة. وكشفت المصادر عن أن الجماعة تعتزم في قادم الأيام التوجه إلى مناطق ومدن تاريخية جديدة لاستكمال حصر ومصادرة العشرات من المنازل المدرجة في نص القرار الحوثي ومنها مدينة زبيد التاريخية بمحافظة الحديدة ومدينة جبلة بمحافظة إب وغيرها من المدن تحت سيطرة الميليشيات. وسبق للجماعة وفي سياق استهدافها المتعمد لماضي اليمن وحاضره أن أقدمت في فبراير (شباط) الماضي على هدم مسجد النهرين الأثري وسط مدينة صنعاء العتيقة المسجلة في قائمة المدن الأثرية لدى منظمة اليونيسكو بهدف إقامة «حسينية» على أنقاضه. وبحسب ما ذكرته مصادر مطلعة في صنعاء في وقت سابق فإن استهداف الميليشيات مسجد «النهرين» الأثري حينها جاء عقب اتفاق مسبق بين وزارة الأوقاف في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، ومستثمر حوثي لإزالة معالم المسجد الذي يقدر مؤرخون بأنه بني في العام الأول للهجرة وتمت توسعته فيما بعد. وفجرت حينها جريمة الاعتداء سخطاً واسعاً في الأوساط اليمنية على الصعيدين الشعبي والرسمي، وسط اتهامات للجماعة بأنها تسعى لتجريف تاريخ اليمنيين، وترسيخ الثقافة الحوثية المستوردة من الحوزات الإيرانية. وعبر موظفون وعاملون بهيئة الآثار والمتاحف خلال لقاءات سابقة لهم مع «الشرق الأوسط»، عن إدانتهم واستنكارهم لمواصلة الجماعة الموالية لإيران استهداف المعالم الدينية والأثرية. وأوضحوا أنه بموجب قانون الآثار اليمني يعد مسجد النهرين المعتدى عليه مؤخراً من قبل الميليشيات واحداً من أهم المعالم التاريخية والأثرية لمرحلة الحضارة الإسلامية، حيث يجرم المساس به أو هدمه تحت أي ذريعة. واتهم الموظفون ومعهم مواطنون وسكان في صنعاء شخصيات نافذة في الجماعة بالوقوف وراء عملية الاعتداء التي وصفوها بـ«السافرة» بحق ذلك المسجد التاريخي. وكان سفير اليمن لدى منظمة اليونيسكو محمد جميح قد شن هجوماً على الميليشيات بسبب انتهاكاتها المتكررة بحق مدينة صنعاء القديمة. وقال إنه وبدلاً من أن تمنع الميليشيات أي استحداثات أو بناء حديث في صنعاء القديمة، سمحت للتجار بشراء بعض بيوت صنعاء القديمة وهدمها وتحويلها إلى متاجر. واعتبر أن ذلك العمل يعد مخالفة واضحة للوائح اليونيسكو في الحفاظ على المدن التاريخية، مؤكداً بذات الصدد أن الانقلابيين الحوثيين يواصلون تدمير تراث صنعاء. ونتيجة لمضي الجماعة، ذراع إيران في اليمن، طيلة سنوات ماضية وما زالت في استهدافها للمنازل القديمة بصنعاء وهدم أعداد كبيرة منها بهدف تحويلها إلى محلات تجارية، كانت منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم «يونيسكو» قد حذرت في وقت سابق من استبعاد صنعاء القديمة من قائمة مدن التراث العالمي، نتيجة ما قالت إنه تزايد التهديدات التي يتعرض لها الطراز المعماري التاريخي في المدينة، بما فيها التشوهات والطلاء الأخضر لشعارات طائفية تحرض على الكراهية، بالإضافة لأعمال الهدم والاستحداث التي تنفذها الجماعة في المدينة.
مشاركة :