طهران - الوكالات: حضّت إيران أمس الولايات المتحدة والدول الأوروبية على اعتماد مقاربة «واقعية وبنّاءة» في المباحثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق بشأن برنامجها النووي، والمقرر استئنافها أواخر الشهر الحالي. ونقلت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان عن الوزير حسين أمير عبداللهيان قوله إن «التقدم السريع للمباحثات يتطلب من الأطراف الأوروبيين والأمريكيين اعتماد مقاربة واقعية وبنّاءة من خلال تفادي المطالب المبالغ بها والتي تتجاوز متطلبات الاتفاق النووي»، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وشدد أمير عبداللهيان على «جدية» طهران في المباحثات وأهمية «عودة كل الأطراف إلى التزاماتهم»، موضحا أنه «إذا عاد الطرف الأمريكي بشكل كامل إلى التزاماته، الجمهورية الإسلامية ستحترم كامل التزاماتها أيضا». وعكست الخارجية الروسية موقفا مشابها، بتأكيدها في بيان أن الطرفين يدعوان إلى «إحياء الاتفاق النووي في صيغته الأساسية المتوازنة التي صادق عليها مجلس الأمن الدولي». واعتبر الطرفان، وفق موسكو، أن «هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان حقوق ومصالح كل المشاركين» في الاتفاق. أعلنت طهران والاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع أن المباحثات ستستأنف في 29 نوفمبر، بعد تعليقها منذ يونيو. وتهدف المباحثات إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا. أتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. لكن مفاعيله باتت في حكم اللاغية مذ قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه عام 2018، معيدا فرض عقوبات على طهران انعكست أزمة اقتصادية حادة. وقامت إيران، بعد نحو عام من الانسحاب الأمريكي، بالتراجع عن تنفيذ الكثير من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق. وأبدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي خلف ترامب مطلع 2021 استعدادها للعودة إلى الاتفاق، شرط عودة إيران إلى احترام التزاماتها كاملة. بدأ الأطراف الذين مازالوا منضوين في الاتفاق مفاوضات في فيينا هذا العام، وشاركت فيها واشنطن بشكل غير مباشر. وأقيمت ست جولات مفاوضات بين أبريل ويونيو، قبل أن يتم تعليقها لأجل غير مسمّى. وتزامن تعليقها مع فوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية في إيران، خلفا للمعتدل حسن روحاني الذي أبرم الاتفاق في عهده. وكرر مسؤولون إيرانيون في الأشهر الماضية أن تحديد موعد استكمال المباحثات يرتبط بإنجاز الحكومة الجديدة مراجعة لملف الجولات السابقة. وأشار أمير عبداللهيان أمس إلى أن طهران «ستأخذ في الاعتبار (...) مسار المباحثات السابقة في فيينا». وكان رئيسي قد أكد الخميس أن إيران لن تترك «طاولة المفاوضات، لكننا سنرفض أيضا الطلبات المبالغ فيها التي تؤدي إلى ضياع حقوق الشعب الإيراني»، معلنا تأييد بلاده «المفاوضات التي تعقبها نتائج مجدية، وسوف لن نتراجع إطلاقا عن مطلب الشعب البديهي والمتمثل في إلغاء الحظر الظالم عن البلاد».
مشاركة :