تعدُ الثقافة الشعبية، بمختلف مجالاتها وتفرعاتها، موضوع دراسةٍ مهم، يستوجب لفت الإنتباه إليه، فهي بمثابة الحوافظ التي تحفظُ تراثات الشعوب، بكل مكنوناتها، من أدبٍ شعبي، وثقافة مادية، وممارسات، وموسيقى، وغيرها.. وعلى هذا جاءت الجلسة الحوارية «أسس وخطوات التأليف في التراث الثقافي غير المادي»، التي عقدت على هامش «معرض الشارقة الدولي للكتاب» في دورته الـ (40). في هذه الجلسة، التي شارك فيها الدكتور سعيد الحداد، من معهد الشارقة للتراث، والكاتبة شيخة الجابري، عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، تناول المشاركون، الخطوات المفترض اتباعها لجمع وتدوين التراث الشفهي، وغير المادي، وآليات التدوين، والتوثيق، والكتابة الأكاديمية. إذ أكد الدكتور حداد، بأن عملية توثيق التراث وكتابته تبدأ من الرواة الحافظين لهذه للمعلومات، مؤكداً أن هذه المرحلة مهمة جداً بحيث تتطلب من الباحث أو جامع المعلومات أن يكون دقيقاً وقادراً على التعامل مع كبار السن لتحفيزهم على تقديم المعلومات، إلى جانب إلمامه المسبق بمدى اهتمام الشخص الذي يلتقيه بالموضوع الذي يتم جمع المعلومات عنه. ولفت حداد إلى ضرورة الاعتماد على أكثر من راوٍ للموضوع الواحد ليتمكن الكاتب من المقارنة بين المعلومات ومدى دقتها، مع التأكيد على عدم مقاطعة الرواة للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات. لتأتي بعد ذلك مرحلة تفريغ وتدوين هذه المعلومات، فوفقاً للدكتور حداد ينبغي عدم تجاهل أي كلمة أو مصطلح أثناء التدوين، مبيناً: «في مرحلة الكتابة يجب أن يكون الكاتب أميناً على جميع المعلومات بعد فرزها ومقارنتها وتدقيقها، كما أن عليه أن يأخذ بعين الاعتبار أن المعلومات التي سيوثقها مادة دسمة وتحتاجها الأجيال القادمة ولذلك يجب أن تكون دقيقة». وأضاف: «يجب على الكاتب أن يكون شغوفاً بالموضوع الذي يتناوله، وأن يتبع منهج محدد في الكتابة سواء التحليلي أو الوصفي أو التفصيلي أو التعبيري أو التصويري». من جانبها قالت الجابري، بأن «رحلة البحث عن التراث ليست بسيطة، بل تحتاج إلى جهد ووقت، خصوصاً أن الباحث يستهدف استفزار ذاكرة الأشخاص الذين سيلتقيهم وهم الرواة أو ما نسميهم (الكنوز البشرية)»، مضيفةً بأن تسجيل التراث لا يتم اعتباطاً، «بل يجب أن يكون مدروساً، فهناك مجموعة من الأدلة التي تساعد الباحثين وجامعي المعلومات الميدانيين في مجال التراث، ومنها دليل دورة حياة العام (عيد الفطر، وعيد الأضحى، ورمضان، وليلة النصف من شعبان، واحتفالات الحج وغيرها)، ودليل الحياة الزراعية، ودليل دورة الحياة (الحمل، والولادة، والزواج، والوفاة)، وهذه الأدلة عبارة عن أسئلة يستخدمها جامع المعلومات عند لقائه بالرواة لتوفر عليه الوقت والجهد في عمله».
مشاركة :