وندد الأميركيون والأوروبيون مسبقا بهذه الانتخابات التي وصفوها بأنها "مهزلة" و"مسرحية"، منكرين أي شرعية لها. ومنع صحافيون من وسائل إعلام دولية عدة من دخول البلاد ورفضت الحكومة وجود مراقبين مستقلين. واقتحمت الشرطة أخيرا مقر "لا برينسا"، آخر صحيفة معارضة كانت لا تزال تصدر في نيكاراغوا، وزجت مديرها في السجن. وقبل أسبوع من الاقتراع، أعلنت "ميتا"، الشركة الأم لشبكة فيسبوك، تفكيك ألف حساب على فيسبوك وإنستغرام تديرها "مزرعة متصيّدين" تابعة لحكومة نيكاراغوا، تعمل على التلاعب بالرأي العام. وبعد توقيف جميع قادتها أو خروجهم إلى المنفى، تعدّ المعارضة لتظاهرات في كوستاريكا وميامي ومدريد وترفع شعارا واحدا للناخبين "الأحد ابقوا في منازلكم". والناخبون ليسوا مخطئين. فالمرشحون الخمسة المسجلون لمنافسة أورتيغا يؤدون دورا صوريا لا يهدف سوى إلى تعزيز موقع أورتيغا، وهم بالأساس من دوائر السلطة. وبالتالي، فإن نسب المقاطعة هي التي ستعطي مؤشرا إلى مدى تأييد المواطنين فعليا لأورتيغا وزوجته روساريو موريو التي تشغل منصب نائبة الرئيس منذ 2017. ودانيال أورتيغا الذي يبلغ بعد أيام 76 عاما وزوجته البالغة 70 عاما، على استعداد للقيام بأي شيء للاحتفاظ بالسلطة المطلقة التي يمارسانها بقبضة من حديد. وكشف استطلاع للرأي أجراه معهد "سيد-غالوب" أن 65 في المئة من الناخبين المسجلين البالغ عددهم 4,3 ملايين، كانوا سيصوتون لمرشح معارض لو توافر هذا الخيار، مقابل 19 في المئة للرئيس المنتهية ولايته. في المقابل، يفيد استطلاع أجراه معهد "ام اند آر" القريب من الحكومة بأن أورتيغا وتسعين مرشحا للبرلمان قدمتهم الجبهة الساندينية للتحرير الوطني الحاكمة، حصلوا على 70 في المئة من نوايا التصويت. وقالت سيدة تبلغ 46 عاما لصحافية من وكالة فرانس برس، طالبة عدم كشف هويتها "ليس هناك أي شخص يستحق أن نصوت له. كلهم في جيب دانيال" أورتيغا. واضافت "لا يمكننا أن نتكلم وإلا يضعوننا في السجن". مطاردة المعارضين وبعد ثلاث سنوات ونصف سنة من حملة قمعية سقط فيها أكثر من 300 قتيل من المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشارع في ربيع 2018 مطالبين باستقالة أورتيغا، وقبل ستة أسابيع من الانتخابات، بدأت حملة مطاردة المعارضين، فأدت منذ حزيران/يونيو إلى اعتقال 39 من السياسيين ورجال الأعمال والفلاحين والطلاب والصحافيين، وبينهم المرشحون السبعة الذين كان يمكن أن يشكلوا خطرا على أورتيغا. وكانت كريستيانا شامورو (67 عاما)، ابنة الرئيسة السابقة فيوليتا شامورو (1990-1997) والمرشحة الأوفر حظا للفوز في الاقتراع حسب استطلاعات الرأي، أول الذين اعتقلوا ووضعت في الإقامة الجبرية. والمعارضون متهمون بتقويض السيادة الوطنية ودعم العقوبات الدولية ضد نيكاراغوا و"خيانة الوطن الأم" و"غسل الأموال" بموجب قوانين أقرها في نهاية 2020 البرلمان الذي تهيمن عليه السلطة مثل القضاء والمحكمة الانتخابية. ويسيطر الخوف على البلد البالغ عدد سكانه 6,5 ملايين نسمة، والذي يعتبر أففر بلدان أميركا الوسطى ويعاني منذ اضطرابات 2018 من التضخم والبطالة ومن تفشي وباء كوفيد-19 الذي تنكر السلطة مدى انتشاره. ومنذ تظاهرات ربيع 2018، اختار مئة ألف من سكان البلاد الرحيل فيما لا يزال 150 معارضا مسجونين ويصفهم أورتيغا بأنهم "مجرمون" و"دعاة انقلاب" لحساب واشنطن. وبعدما كان بطل الثورة في نيكاراغوا، بات أورتيغا متهما من قبل معارضيه بالعمل بالطريقة نفسها التي اتبعها الديكتاتور أناستازيو سوموزا الذي ساهم هو نفسه في إسقاطه في 1979. وترى المحللة النيكاراغوية إلفيرا كوادرا المقيمة في المنفى أن عزلة البلاد ستؤثر على الاستثمار والتمويل الدوليين مع عواقب اجتماعية وهجرة متزايدة. وبالإضافة إلى العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، توترت العلاقات حتى مع حلفاء تاريخيين لنيكاراغوا مثل المكسيك والأرجنتين. في المقابل، لا تزال كوبا وفنزويلا وروسيا تدعم حكومة أورتيغا وزوجته.
مشاركة :