محاربة الفكر التكفيري والتطرف والإرهاب

  • 11/8/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعيش العالم العربي والإسلامي الآن مرحلة مفصلية حاسمة، ويواجه أخطر مراحل الغزو الفكري والثقافي والحضاري, ويجابه مخاطر وتحديات لم يعرفها أسلافنا طوال أربعة عشر قرنا مضى، ومن أهمها على الإطلاق تكاثر عدد الجماعات الأصولية والإرهابية والمتطرفة, وتنامي نشاطها وخطرها في شتى أنحاء المعمورة, والتي ارتدت عباءة الإسلام واختطت طريق العنف والإرهاب من أجل الوصول إلى مآربها الدنيئة.. ومما لا ريب فيه، أن هذه الفئة الضالة المضللة والتي لا تمت إلى الإسلام بصلة ولا تنطق باسمه, قد استغلت جهل وعدم وعي بعض من الشباب بأمور دينهم الحنيف وشجعتهم بشتى الطرق والوسائل على الانضمام اليها والانضواء تحت جناحها، وذلك من خلال إغرائهم بالأموال والجاه والمكاسب والسلطة, وأن ما نشهده كل يوم من قتل ودمار وخراب، وما نسمعه بين الحين والآخر من دعوات تكفيرية متعصبة ومتخلفة قد جعلت من هذا الدين الواحد أديانا، وجردته من قيمه السمحة ورسالته المقدسة (معاذ الله) وكل ما تقدم ينتهي بنا إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني الموجه لفئة الشباب، والذين يشكلون القطاع الأوسع من فئات المجتمع الأردني، وذلك لمخاطبتهم بخطاب ديني راشد معتدل متزن مستنير, بحيث يعمل على تبيان حقيقة دين الإسلام وتجلية جوانبه المشرقة، ويوضح الفرق بين الأعمال الإرهابية الإجرامية المدانة ومبادئ الشريعة الإسلامية السمحة, فالدين الإسلامي–الذي يستوعب النشاط الإنساني كله–يدعو إلى التسامح والرحمة والرفق واللين, وينبذ العنف والغلو والتعصب والتطرف، ويتبع منهج الحوار بقوله تعالى في محكم كتابه العزيز (وجادلهم بالتي هي أحسن) صدق الله العظيم.. ومن تمام هذا الموضوع ضرورة الإشارة هنا إلى أن دين الإسلام يحدد الفرق بين شرعية الجهاد في سبيل الله، والذي يستند إلى عقيدة وضوابط يحكمها منهج خلقي وروحي وإنساني, منطلقا في ذلك من مبدأ راسخ وهو عدم جواز قتل الأبرياء وترويعهم من جهة، وبين الإرهاب الذي لا يضبطه ضابط ويؤدي عمدا إلى قتل الناس الأبرياء العزل وترويعهم من جهة أخرى. وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على وسطية الإسلام واعتداله وانفتاحه على مختلف الحضارات، ورفض الانغلاق والتشدد والتزمت والتعصب الأعمى, والاعتماد على مبدأ الرفق واللين والموعظة الحسنة في منهج الدعوة إلى الله، وتجنب الغلظة والعنف في التوجيه والتعبير، واللجوء إلى الوسائل الأخلاقية والحضارية لتحقيق خير الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وتحريم الاعتداء على أرواح وأموال وممتلكات المدنيين المسالمين.. ومنذ بداية الألفية الجديدة، تنامى خطر ونشاط الجماعات الإرهابية والأصولية والمتطرفة أكثر فأكثر, الأمر الذي استدعى من سليل العترة المحمدية الطاهرة جلالة الملك عبدالله الثاني النهوض للدفاع عن مبادئ وقيم إسلامنا وديننا وعقيدتنا، وتبيان المعاني السامية والقيم النبيلة الطاهرة التي يتصف بها الدين الإسلامي الحنيف ورسالته الإنسانية الحضارية العظيمة، والتي هي رسالة خير ورحمة للناس أجمعين، وبالتالي تغيير النظرة النمطية المغلوطة لدى الغرب تجاه هذا الدين القيم والقويم، والذي يصورونه ظلما وبهتانا بأنه يشجع على القتل والإرهاب ويؤسس للغلو والتطرف والعنف. وتأصيلا على ما تقدم، فقد جاب جلالة الملك عبدالله الثاني مشارق الأرض ومغاربها، وذلك لتوضيح مضامين ودلالات ومفاهيم رسالة عمان, والتي تسعى إلى إظهار الصورة الحقيقية المشرقة لدين الإسلام، ودحض التجني عليه والتصدي لكل الافتراءات والادعاءات الزائفة والتعاليم الباطلة للمتطرفين والارهابيين، والذين يتسترون برداء الدين الإسلامي ويسعون إلى تلويث رسالته السمحاء عن طريق التشكيك بالمبادئ السامية والقيم النبيلة لهذا الدين الحنيف، وإلصاق تهم باطلة إلى روحه الطاهرة النقية, والتي تسعى إلى خير البشرية جمعاء، وقدمت أروع وأنصع صور التسامح والاتزان والعدل وقبول الآخر ونبذ العنف والتطرف والغلو والارهاب. وما من شك في أن هذه المرحلة المفصلية والحاسمة من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية, تستدعي أقصى درجات الوعي واليقظة والحس بالمسؤولية، فالأردن بحكم موقعه الجغرافي في وسط إقليم ملتهب يتأثر بكل ما يجري حوله من أحداث وتطورات، وأن السبيل الأمثل لمواجهة هذه المخاطر والتحديات يكمن في تعزيز دور أهل الفكر والعلم والفقه ومراكز الأبحاث والدراسات والمؤسسات الدينية والثقافية والأكاديمية في تحصين فكر الشباب وتنويرهم من مغبة الانزلاق في مسالك الفكر التكفيري الهدام, وتنبيه أبناء الأمة العربية والإسلامية بكافة الأخطار والمنعطفات الصعبة التي تتعرض لها في ظل هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، وخاصة من الذين يدعون الانتساب إلى دين الإسلام ويقومون بأفعال غير مسؤولة باسمه. (الرأي)

مشاركة :