أحبك يا لبنان.. يا بلدي بحبك..

  • 11/9/2021
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

كنت ادرس في لبنان اول ما اندلعت الحرب الاهلية وكان سفير البحرين آنذاك استاذي علي ابراهيم المحروس، وطاقم السفارة كان يضم المرحوم الشيخ خالد بن علي آل خليفة الرجل الثاني الذي كان يعكس وجه البحرين الحضاري الجميل بابتسامته وحل مشاكل الطلبة والسياح البحرينيين، والمرحوم احمد العيتاني الذي كان شعلة من النشاط والعمل المخلص الجاد للبحرين. واذكر ان السفارة بسبب الحرب الاهلية رتبت للطلبة البحرينيين مغادرة لبنان على طيران الخليج ليلتحق البعض في جامعات كندا والبعض الاخر بجامعة عين شمس بالقاهرة -وانا كنت واحدا من هؤلاء الطلبة-، والبعض الاخر فضل البقاء في البحرين. إلا انني عدت الى لبنان من باب وزارة الخارجية بعد فترة قصيرة ورد ذكرها في مقالي السابق المهمات الدبلوماسية الصعبة 4. اعود الى لبنان.. ما الذي يجري في جنة الدنيا على الارض؟ سؤال مهم جدا في ظل التطورات التي يمر بها هذا البلد الجميل.. لأن ما وصل اليه يعود الى سنوات طويلة من القبول بالتدخلات الخارجية العربية والاجنبية التي احالت لبنان الى اكبر بؤرة للفساد في الوطن العربي. ربما يعترض على ذلك البعض ولكن تلك هي الحقيقة المرة والصعبة!! حتى وصل به الحال ان اصبح لا حول ولا قوة لحكوماته وقياداته وشعبه بعد ان تحول الى وكر للجاسوسية الدولية وساحة للصراعات العربية العربية، ثم ساحة للصراعات الفلسطينية السورية والاسرائيلية، وتيارات وولاءات متعددة وصحف مأجورة لمن يدفع منذ الستينات الى يومنا هذا، ليأتي اللاعب الجديد ايران وذراعها حزب الله بعد ان تراجعت القوى العربية وتركت ساحة المعركة لإيران لتفرض ارادتها بالقوة والعنف والارهاب والقتل لكل من يخرج عن اهدافها ورغباتها، او من يحاول الوقوف امام مخططاتها وتحقيق تطلعاتها التوسعية عقائديا وسياسيا.  احبك يا لبنان يا وطني.. اغنية رائعة في حب الوطن.. تغنت بها فيروز جارة القمر وتغنى بها كل اللبنانيين ومحبي لبنان في كل بقاع الدنيا، ولكن هذا البلد الجميل بيع في سوق المصالح الخاصة لمن يدفع.. حتي وصل الامر الى ما هو عليه الآن ليصبح اهم اللاعبين ايران التي وجدت في شيعة لبنان افضل حاضنٍ لأطماعها واهدافها في المنطقة العربية التي بدأت برحلة اغتيال الحريري رئيس الوزراء اللبناني الذي كان يشكل العقبة الرئيسة وراء تنفيذ المشروع الايراني الكبير في الشرق الاوسط، لينتهي الامر بهيمنة حزب الله على كل مفاصل الدولة في لبنان بالقوة والارهاب، وليصبح كل القادة اللبنانيين مجرد دمى يحركهم حزب الله حسب ما يهوى ويريد.. زعماء وطنيون ورجال دولة احبوا لبنان ودافعوا عنه وعملوا من اجله ينتهي بهم الامر ان يقفوا مكتوفي الايدي خوفا على انفسهم او رغبة في المزيد من جمع الثروات متناسين لبنان الذي وقع جريحا وأنهر من الدموع والدماء تسيل على صفحات تاريخه في مقاومة الانتداب الفرنسي والتخلص من تواجد القوات السورية على اراضيه.  ولكن لماذا ضاع لبنان..؟ ولماذا تطاول جورج قرداحي على السعودية والامارات؟ ولماذا يعلن نصرالله زعيم حزب الله الارهابي ان لديه تحت السلاح مائة الف مقاتل؟ ويصدر تصريحا مؤيدا لتصريحات قرداحي؟ لماذا لم يقدم ميقاتي رئيس وزراء لبنان اعتذارا صريحا وحاسما للسعودية والامارات؟ لماذ لم يطلب من قرداحي الاستقالة؟ او لماذا لم يستقل قرداحي نفسه؟  اسألة كثيرة تستلزم الرد والكشف عن الاسرار والخفايا التي اوقعت لبنان وقياداته وشعبه في مأزق اسمه حزب الله وايران!! تُرِكت الساحة لايران التي زادت من سيطرتها على القرار السياسي اللبناني الخارجي الذي يقوم على اتخاذ سياسة مؤيدة لايران ومواقفها وتصرفاتها، خاصة في اليمن التي تطاول وزير اعلامها قرداحي معتبرا ان الحرب القائمة فيه (عبثية) وانها اعتداء سعودي اماراتي على اليمن. وكأحدى ارهاصات ما يمر به لبنان من ازمات متلاحقة، يأتي التصعيد الاخير على مستوى الاوضاع الداخلية والتوتر القائم بين الاحزاب السياسية في لبنان وتهديدات أمين عام «حزب الله» اعادت المخاوف في لبنان من تطور الأوضاع إلى حرب اهلية في بلد ما زالت ذكريات الحرب الأهلية الأليمة في سبعينات القرن الماضي حية في أذهان مواطنيه، بعد ان اصبحت المسافة بين تجاوز الأزمة والانزلاق نحو الهاوية (غاب قوسين او ادنى). لأن ما جرى منذ فترة قصيرة في «منطقة الطيونة» حيث اندلعت قبل أيام اشتباكات بين مسلحين من «حزب الله» وحركة «أمل» من جهة ومسلحين من «القوات اللبنانية» من جهة ثانية، وراح ضحيتها سبعة أشخاص وعشرات الجرحى، تجاوز آثار الرصاص الذي اخترق الأبنية حديثا مع آثار الرصاص الذي لا يزال شاهدا على الحرب الأهلية -التي استمرت 16 عاما منذ اندلاعها في أبريل 1975- في الأبنية القديمة التي لم ترمم. كما ان طلبات استدعاء القيادات اللبنانية لتقديم افاداتهم عند كاتب العدل اثارت الكثير من التوتر في الوسط السياسي اللبناني التي قد تشعل حربا اهلية ثانية في هذا البلد الجميل الذي مزقته المصالح الخاصة والاطماع بعيدة المدى لايران في الوطن العربي الذي سيطر على خمس عواصم كما هو واقع قائم فعلا، وصرح به منذ فترة احد النواب الايرانيين في مجلس الشورى الايراني. ان هذا الانقسام الذي يعتري كيان وحال الامة العربية وانقسامها على نفسها امام الخطر الايراني الذي لن تستطيع ردعه الا بموقف عربي موحد. إلا ان مشكلة الامة العربية انها تعيش وتعاني مرحلة من التمزق والتدهور في علاقاتها، فلم يعد للجامعة العربية دور، ولم تعد للدول العربية الكبرى هي الاخرى دور مؤثر بعد ان لعب المال السياسي دورا مهما بأن تصبح لدول عربية صغيرة في الوطن العربي أدوارا مؤثرة على القرار السياسي العربي، واستطاعت وفي اطار استراتيجية بعيدة المدى تعزيز علاقاتها بمجموعات الرأي في الولايات المتحدة واوروبا والتنسيق معها حول خطط التغيير وبرامج التدريب للشباب العربي للتظاهر في الشوارع التي كان من اهم اهدافها اسقاط الانظمة العربية بأي ثمن لاحداث عملية التغيير وفقا لخطة كوندوليزا رايس استاذة العلوم السياسية ووزيرة الخارجية الامريكية السابقة، الا ان ذلك لم يحصل في لبنان الذي ظل بعيدا جدا عن كل التحركات والمظاهرات التي جرت ايام الربيع العربي في 2011. فهل كان ذلك بالصدفة ام مخططا له ان تبقى الساحة اللبنانية في يد ايران!!! وفي خضم التطورات السريعة التي مر بها الوطن العربي، خاصة بعد سقوط العراق في احضان ايران بعد الانسحاب الامريكي من العراق وظهور داعش، اتاح لايران فرصة ذهبية للتدخل المباشر في سوريا ولبنان، واصبح لبنان بلدا يهيمن عليه حزب الله بالتحالف مع عدد من الاحزاب الشيعية والمسيحية ويفرض نفسه في البرلمان وتشكيل الحكومة التي لم يكن ممكنا تشكيلها الا بمباركة من حزب الله، ليستمر الوضع كما عليه الآن رغم المظاهرات والاعتصامات التي قام بها اللبنانيون للتعبير عن استيائهم لما آلت عليه الاوضاع الاقتصادية المتردية وانخفاض سعر الليرة وندرة الحصول على الوقود وغيرها من الازمات الاجتماعية الكثيرة التي يعاني منها الشعب اللبناني، لتأتي تصريحات قرداحي لتضع لبنان في خانة التحالف التام مع ايران، ليزداد هم الشعب اللبناني ومعاناته.  حفظ الله لبنان وشعبه الشقيق.

مشاركة :