أجرى الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، اليوم (الإثنين) مباحثات مع قادة لبنان بهدف تجاوز الأزمة مع السعودية ودول خليجية، وسط ترحيب لبناني بمساعي الجامعة العربية. وعقد زكي الذي يزور لبنان موفدا من الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، لقاءات منفصلة مع كل من الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيسي البرلمان نبيه بري والوزراء نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب. وقال زكي في تصريحات بعد الاجتماعات إن أبو الغيط كلفه بزيارة لبنان ل"التعرف على الموقف في الأزمة بين لبنان والسعودية وعدد من دول الخليج على خلفية التصريحات الإعلامية لوزير الإعلام جورج قرداحي منذ فترة". ووصل زكي إلى بيروت اليوم في زيارة رسمية للبنان. وأوضح أن الزيارة تهدف إلى الحوار مع القيادات اللبنانية حول "ما يمكن أن يكون لتجاوز الأزمة والوصول إلى مخرج يناسب الجميع في شكل من أشكال التوازن بين تحقيق المصلحة اللبنانية والمصلحة السعودية والخليجية عموما". وتأزمت العلاقات بين لبنان من جهة والسعودية ودول خليجية من جهة أخرى على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، خلال لقاء متلفز سجل قبل أسابيع من تعيينه وزيرا وبث في 25 أكتوبر المنصرم، قال فيها إن الحوثيين في اليمن "يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي منذ سنوات". وأعلنت السعودية في 29 أكتوبر الماضي سحب سفيرها من لبنان ومغادرة السفير اللبناني إلى بلاده، ووقف دخول الواردات اللبنانية إلى المملكة، احتجاجا على تصريحات قرداحي. وحذت كل من البحرين والكويت حذو السعودية قبل أن تعلن الإمارات سحب دبلوماسييها من لبنان ويستدعي اليمن سفيره في بيروت للتشاور. وقال زكي إن "التحرك الذي نقوم به نابع من مسؤولية أمين عام الجامعة ومتابعته منذ اللحظة الأولى للوضع، وكيف تطورت الأمور وأوصلتنا إلى الأزمة التي نحن بصددها حيث كان يمكن ألا تكون، وكان يمكن من البداية احتواؤها". وردا على سؤال حول إن كان حل الأزمة ممكنا منذ البداية باستقالة وزير الإعلام اللبناني، قال زكي "هذا واضح والجميع يعلم أن هذا الأمر كان يمكن أن يحل الموضوع منذ البداية، والآن حصلت تطورات وتصريحات، وأخذت الأزمة منحى آخر". وأضاف "نأمل أن يجد الجميع الحس الوطني الكافي لديه ليتعامل مع هذه الأزمة بما يليق بها من أهمية، لأننا لا نريد إضافة أزمة جديدة إلى هذا المسار الذي صار معقدا بين لبنان والخليج". واعتبر زكي أن "مسألة استقالة قرداحي كان يمكن أن تنزع فتيل الأزمة من البداية، لكن الأمور استمرت على حالها". وقال إن "موضوع استقالة قرداحي مطروح نوعا ما، والرئيس ميشال عون حريص على العلاقة مع السعودية، وهو يعول على الحس الوطني للوزير قرداحي". وأشار إلى أن "الحوار قائم دائما مع السعودية، وكان هناك حوار قبل هذه الزيارة على مستوى الأمين العام للجامعة العربية ووجدنا ثقبا في الباب نحاول أن نمر منه". وعن إمكانية زيارته للسعودية، قال زكي "إذا احتاج الأمر زيارة المملكة فهذا وارد (..) لكن يجب أولا أن نشعر أن هناك حلحلة في الأزمة حتى يمكن أن نأخذها إلى مرحلة مقبلة". وأشار في هذا السياق إلى "إشكاليات قائمة" بين لبنان والخليج والسعودية "ولا أحد ينكرها" وقال "لا نريد لهذا الجو العام والإشكاليات أن تحول دون حل هذه الأزمة التي يراها الجميع والأغلبية تعرف الطريق إلى حلها، ولكن لم يبدأ أحد بهذا الطريق (..) ومن الضروري حل الأزمة أولا ثم مناقشة الأمور الأخرى". وشدد على "وجوب أن ننزع فتيل هذه الأزمة أولا لنتمكن من أن نرى إمكانية لبوادر حسن نوايا بين الطرفين تمهد للدخول نحو المسار الأصعب والأكثر تعقيدا وهو معالجة تراكمات العلاقة". وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قد رأى في تصريح تلفزيوني اليوم أن "الإشكالية في لبنان أكبر من تصريح وزير وإنما تكمن في سيطرة وكلاء إيران". وقال الوزير السعودي إن "هيمنة حزب الله على النظام السياسي في لبنان تقلقنا وتجعل التعامل مع لبنان غير ذي جدوى للسعودية ودول الخليج"، معتبرا أن "لبنان يحتاج إلى إصلاح بسبب سيطرة حزب الله على مفاصل القرار"، وأكد أنه "على قادة لبنان إيجاد مخرج لإعادة البلد إلى مكانته في العالم العربي". وحول الخطوة التالية للجامعة العربية، قال زكي "سنقيم الموقف عقب العودة إلى القاهرة (مقر جامعة الدول العربية) والتحدث مع الأمين العام ونقرر بعدها الخطوة المقبلة، وكيف سنتصرف في سبيل إتمام الجهد في حلحلة هذه الأزمة". ورحب قادة لبنان بمساعي الجامعة العربية لحل الأزمة مع السعودية. وقال بيان للرئاسة اللبنانية إن الرئيس عون رحب خلال اللقاء مع زكي بـ"أي مسعى تقوم به جامعة الدول العربية لإعادة العلاقات الأخوية بين البلدين إلى سابق عهدها". وأضاف أن "المصارحة في مثل هذه الأوضاع هي عامل أساسي لتقريب وجهات النظر ورأب أي صدع". وأكد أن "لبنان لن يتردد في اتخاذ أي موقف يساعد في تهيئة الأجواء لمثل هذه المصارحة التي تأخذ في الاعتبار السيادة الوطنية والحرص المتبادل على مأسسة العلاقات بين الدولتين الشقيقتين لضمان ديمومتها وعدم تأثرها بأي أحداث فردية وعابرة". بدوره، أكد رئيس الوزراء اللبناني، لـ زكي أن "لبنان حريص على عودة علاقاته الطبيعية مع السعودية ودول الخليج"، بحسب بيان صدر عن مكتبه. وأبلغ ميقاتي السفير زكي "أن الجامعة العربية يمكنها القيام بدور أساسي في هذا المجال، ونحن نشدد على اضطلاعها بمهمة تقريب وجهات النظر وإزالة الخلافات والتباينات حيثما وجدت". من جهته، اعتبر وزير الخارجية اللبناني في تصريح للصحفيين عقب اجتماعه مع زكي أن "دور الجامعة العربية مقدس ونقدره كثيرا في لبنان". وأضاف حبيب أن الجامعة العربية "صلة الوصل بين الدول العربية، ونحن نتمسك بالجامعة ومساعدتها من أجل القيام بأي مسعى بين أي دولتين عربيتين".
مشاركة :