خلال العام الماضي، شهدت البحرين إنجاز العديد من مشاريع التحول الرقمي لتلبية متطلبات العمل عن بُعد. وأسهمت الاستثمارات والإصلاحات التي شرعت بها المملكة منذ مدة طويلة لبناء بنيتها التحتية الرقمية في إنجاز هذا التحول بكل سلاسة وسرعة، ومساعدة القطاع الخاص على مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي فرضها تفشي جائحة كوفيد-19. لقد أدت الجائحة لتسريع وتيرة التحول الرقمي في البلاد، بحيث وجدت العديد من الشركات والمؤسسات -التي لم تكن مستعدة لهذا التغييرات- نفسها في مواجهة الهجمات الإلكترونية من دون أي دفاعات. وقد سجلت البلاد زيادة كبيرة في الهجمات الإلكترونية العام الماضي، حيث أشار تقرير لمؤسسة جارتنر بأن 75% من مؤسسات تكنولوجيا المعلومات ستواجه هجمة إلكترونية واحدة أو أكثر بحلول عام 2025. ولهذا السبب، أصبح من الضروري أن تبدأ مؤسسات القطاعين العام والخاص بتعزيز دفاعاتها الأمنية ضد الهجمات الإلكترونية، لا سيما أن الأخيرة قد سجلت زيادة كبيرة من حيث الكم والتطور، حيث لا ينفك المخترقون في ابتكار أساليب جديدة للوصول إلى أنظمة المؤسسات واستعادة معلوماتها الحساسة. ولمواجهة ذلك، يجب على المؤسسات في البحرين وضع استراتيجيات أمنية قائمة على البيانات ومواصلة العمل على تطوير وتحديث وتنفيذ خطة أمنية شاملة ومتكاملة على مستوى المؤسسة. الحكومة والأمن الإلكتروني تولي الحكومة البحرينية أهمية كبيرة للأمن الإلكتروني، حيث حددت استراتيجيات وطنية شاملة وأطلقت العديد من المبادرات في هذا المجال، بما في ذلك برنامج «ثقة» ومبادرة «إنترنت آمن». كما أصدرت المملكة قانون حماية البيانات الشخصية الذي يضع الإطار القانوني لحماية بيانات الأفراد من التهديدات الإلكترونية بطريقة تمنحهم الثقة في كل ما يتعلق ببياناتهم التي في حوزة الشركات والمؤسسات المختلفة. واسهمت هذه البرامج الوطنية التي تهدف إلى الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية وحماية البيانات الشخصية بتصنيف البحرين في مركز متقدم ضمن مؤشر تنمية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (IDI) ومؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII) الصادرين عن تقرير الأمم المتحدة لجاهزية الحكومة الرقمية لعام 2020. وقد أظهرت المملكة جهوزية عالية على مستوى الأمن الإلكتروني خلال فترة تفشي الجائحة وما بعدها، ولا سيما أنها قد حددت بالفعل التدابير الخاصة بالأمن الإلكتروني. وتسعى البلاد لتعزيز فضاء الأمن الإلكتروني مع توقعات بإنفاق ما يقرب من 2.1 مليار دولار أمريكي على تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بحلول عام 2024. كيف تستعد المؤسسات لهذه المواجهة بينما تسير البحرين بخطى ثابتة نحو العصر الرقمي وتخوض الصناعات على اختلافها رحلة التحول الرقمي بوتيرة غير مسبوقة، أصبحت المرونة الإلكترونية أكثر أهمية من أي وقت مضى بالنسبة للمؤسسات. إذ أصبح من المهم أن تستثمر في تقنيات الأمن الإلكتروني الأساسية والقوية مثل برامج جدار الحماية ومكافحة البرمجيات الخبيثة، وإجراء تقييم للمخاطر للمساعدة في تحديد وتحليل أي مخاطر قد تواجهها على مستوى الأمن. فخلال فترة تفشي الجائحة، وجد تقرير لشركة البيانات الدولية بأن ما يقارب من ثلث المؤسسات حول العالم تعرضت لهجمات الفدية واختراق بياناتها أو حظر الوصول إلى أنظمتها. وبالنظر إلى أن العديد من الهجمات الإلكترونية تتم نتيجة خطأ بشري، يجب على المؤسسات أن تحرص على مواكبة الاتجاهات الناشئة وإعطاء الأولوية لتدريب الموظفين وتعليمهم أفضل ممارسات الأمن الإلكتروني. ومن هنا تبرز الحاجة لبناء ثقافة يكون الأمان حجر الأساس فيها ضمن مكان العمل، على اعتبار أن الموظفين هم خط الدفاع الأول ضد الهجمات الإلكترونية. وكذلك، يجب أن يكون تنفيذ سياسات خصوصية البيانات وحماية بيانات العملاء جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأمنية للمؤسسة. فإلى جانب التأثيرات المالية المحتملة على المؤسسة، سيؤدي اختراق بيانات العميل لإحداث خلل في تجربته مما يضر بسمعة المؤسسة بشكل عام. ويعتبر اختيار كلمات مرور قوية، وخاصة بمكان العمل فقط خطوة مهمة وبسيطة عن طريق حماية بيانات العميل. ومن الضروري أيضًا استخدام عملية مصادقة متعددة العناصر لتحديد هوية المستخدم بدقة قبل السماح له بالدخول إلى البيانات، وهذه خطوة بالغة الأهمية لمنع التهديدات المحتملة. ويجب على الشركات أيضًا أن تحرص على تحديث برامج الأمان لديها بصورة مستمرة لضمان حمايتها ضد مختلف أشكال الفيروسات وتقنيات القرصنة الجديدة. وفي حالة حدوث أي عملية اختراق، لا يجب أبدًا التهاون في تدابير استعادة البيانات. الخلاصة بينما ندخل في عالم ما بعد الجائحة، يجب على الشركات في البحرين الاستثمار في تقنيات الأمن الإلكتروني القوية، وصياغة استراتيجيات شاملة وخاصة للأمن الإلكتروني مع مواصلة تحديثها باستمرار لمواكبة أية تهديدات جديدة. ومن المهم أيضًا مضافرة جهود القطاعين العام والخاص في البحرين لتطوير أدوات إلكترونية حديثة تعزز قدرة البلاد على مكافحة التهديدات الإلكترونية الحالية والمستقبلية، وتضمن بناء اقتصاد مزدهر وقادر على مواكبة أي تغييرات قد تطرأ. مدير أمن وحلول الشبكات الذكية لدى شركة الخليج للحاسبات الآلية
مشاركة :