قراءة في خطاب العاهل المغربي حول الصحراء الغربية ورهانات نظام المخزن المتعجرف

  • 11/10/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الدكتورة بهجة لعمالي مختصة في الشؤون الأمنية و الاستراتجية     قال ملك المغرب محمد السادس في خطاب بمناسبة الذكرى 46 لـ"المسيرة الخضراء"   إن مغربية الصحراء حقيقة ثابتة، وأمر لا نقاش فيه ولا تفاوض عليه. وأضاف أن مغربية الصحراء لم تكن يوما ولن تكون مطروحة على طاولة المفاوضات، وأن المغرب لا يتفاوض على صحرائه، وإنما يتفاوض من أجل إيجاد حل سلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، حسب وصفه . وكان مجلس الأمن الدولي اعتمد قبل أيام قرارا يجدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لسنة إضافية، وصوتت 13 دولة في مجلس الأمن لصالح القرار، في حين امتنعت روسيا وتونس عن التصويت.  في الوقت جاء الرد مناسبا لافتراءات نظام المخزن للمحاولة تزييف الحقائق الغير قابلة للتصرف والمغالطات فكان وصفت جبهة بوليساريو الأحد تصريحات العاهل المغربي محمد السادس حول الصحراء الغربية بأنها “افتراءات وأوهام”، بعدما أكد أن المغرب “لا يتفاوض” على الصحراء الغربية المتنازع عليها بين الرباط والانفصاليين.   كانت الجزائر التي قطعت مؤخرا علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب- أعلنت قبل ذلك رفضها العودة إلى محادثات المائدة المستديرة بشأن الصحراء الغربية رفضا رسميا لا رجعة فيه.  وشاركت الجزائر إلى جانب المغرب وجبهة بوليساريو وموريتانيا في آخر محادثات رعتها الأمم المتحدة، لكنها توقفت بعد استقالة المبعوث الأممي هورست كولر في ماي   2019، الذي خلفه هذا الشهر الدبلوماسي المخضرم دي ميستورا . إن انهيار الوضع القائم في الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو يثير مخاوف من ظهور بؤرة توتر جديدة في منطقة الساحل الافريقي والصحراء المضطربة أصلا خاصة بعد أن   نظام المخزن   استفاد خلال السنوات الأخيرة من ميل ميزان القوة الدبلوماسية لصالحه، خاصة في ظل مواقف أميركية وأوروبية وخليجية تدعمه  في حقيقية ان قراءتنا الأولية لهذا الخطاب الاستعماري المغربي حول الصحراء الغربية هو سلسلة من افتراءات وأوهام التي يواصل الاحتلال المتاجرة بها امام شعبه المغلوب عن امره و الكذب عن الراي العام الدولي في تزييف الحقائق و في هذا الصدد   اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب   (بوليساريو) أن ما جاء في خطاب العاهل المغربي هو   افتراءات وأوهام لتبرير التعنت والتهوّر ،   وحذّرت جبهة بوليساريو في بيان من أن “الشعب الصحراوي الذي قبل بالسلام الدائم مع المملكة المغربية من خلال التوقيع على مخطط التسوية سنة 1991، بعد 16 سنة من الحرب، لن يتوقف عن الكفاح حتى ينهي المغرب عدوانه واحتلاله اللاشرعي لتراب الجمهورية الصحراوية”. واعتبرت الجبهة في بيانها أن “ملك المغرب يعي جيدا أن الجمهورية الصحراوية، جارة المملكة المغربية، حقيقة لا مرد لها ولا يمكن تجاوزها والمغرب يجلس إلى جانبها في المحافل المتعددة الأطراف على المستويين القاري والدولي”.   وتطالب جبهة بوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية أقرّته الأمم المتحدة عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في سبتمبر 1991، فيما ترفض الرباط مدعومةً من باريس وواشنطن أيّ حلٍّ خارج حكم ذاتي تحت سيادتها في هذه المنطقة الشاسعة البالغة مساحتها 266 ألف كلم مربع . ركز ملك المغرب محمد السادس في سياق حديثه عن مسيرة الاجتياح العسكري للصحراء الغربية ،على موضوع القضية الصحراوية الذي أخذ الحيز الأوفر من الخطاب ضمن مسار مطبوع بالتعنت والتراجع عن كل التعهدات والالتزامات التي أقرها المجتمع الدولي بهذا الخصوص. ومن الوهلة الأولى تُستشف نبرة مطبوعة بمخاوف ذات الصلة بامتدادات الملف دوليا و إقليميا ومنه تنبري رهانات هذا النظام المتعجرف لكي يسبغ على تواجده الاستعماري بالصحراء الغربية نوعا من المصداقية والقانون ؛ ولذلك لجأ ملك المغرب إلى إعتماد خلاصات ومواقف بعض القوى رغم ضبابيتها لإضفاء هذه الشرعية المزعومة ؛ وهي مالا يعتد به في حسابات متابعة المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الامن الدولي لمعالجة هذه القضية .  وعلى ذات النهج الأرعن يمتطي محمد السادس الاعترافات البهلوانية التي هندسها وزير خارجيته بوريطة ،مشيرا في هذا الصدد إلى قنصليات روعي فيها بروتوكول و شكليات و مراسيم دنكوشوتية ؛ حيث لا يخفى على أحد أن تلك القنصليات وجدت في معظمها كإطار للإبتزاز والمقايضة وهي في الجوهر لا تحظى بأية أهمية تذكر   إذ كانت الغاية منها فقط القفز على تطلعات الشعب الصحراوي في الحرية و الاستقلال و على طبيعة القضية الصحراوية كقضية تصفية استعمار . إن هذا التخبط الملحوظ يكشف بالملموس أن النظام المغربي قد أعيته الحيل و أصبح يتلقف كل ما من شأنه مغالطة الرأي العام بغية إخفاء عزلته على الصعيدين الدولي و الإقليمي ،   ناهيك عن الأزمة الداخلية الغارق في أوحالها الشعب المغربي الشقيق نتيجة القهر و الطغيان والجبروت . مقابل ذلك لا يرعوي ملك المغرب و بكل إستهجان و صلافة أن يتحدث عن الرفاه و الإزدهار والمكاسب  وفي نفسه الوقت الذي اغتنم الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الذي يزور   الجزائر السبت والأحد،   ليدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، و دعوته إلى حل عادل ودائم   في الصحراء الغربية يولي الاعتبار الواجب لحقوق الشعب الصحراوي ،   وقال ماتاريلا “إننا نتابع عن قرب مسألة الصحراء الغربية ولطالما أيدنا عن قناعة الدور الذي تؤديه الأمم المتحدة في هذا الشأن. كما أننا رحبنا بتعيين الدبلوماسي الإيطالي-السويدي ستافان دي ميستورا كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة.  واضاف   نأمل في أن يساهم التزام السيد دي ميستورا في استئناف المفاوضات المباشرة بين الأطراف، على الرغم من التوترات الموجودة حاليا، بهدف الوصول إلى حل عادل ودائم للقضية، والذي يجب أن يولي الاعتبار الواجب لحقوق الشعب الصحراوي. و كانت وزارة الإعلام الصحراوية أكدت في ردها على خطاب ملك المغرب   أن الشعب الصحراوي الذي قبل بالسلام الدائم مع المملكة المغربية من خلال التوقيع على مخطط التسوية سنة 1991،بعد 16 سنة من الحرب، لن يتوقف عن الكفاح حتى ينهي المغرب عدوانه واحتلاله اللاشرعي لتراب الجمهورية الصحراوية.  وجاء في البيان "كرر ملك دولة الاحتلال في خطاب جديد في ذكرى الاجتياح العسكري ضد الشعب الصحراوي ما يمكن اعتباره إعادة لغط معهود يمزج بين المغالطات و الافتراءات والأوهام لتبرير التعنت والتهور والاستمرار في المغامرة. و بالفعل، فالمجتمع الدولي لا يعترف للمغرب بالسيادة علي الصحراء الغربية والتعنت على مواصلة العدوان لن يجني وراءه الشعب المغربي سوى المزيد من الفقر و الحرمان و التبعية و مزيدا من فقدان الكرامة و السيادة. ان   الأوضاع الدولية والإقليمية الراهنة، تشهد توترا واحتقانا، في ظل استفزازات متراكمة، ومحاولات متكررة لزعزعة الاستقرار الإقليمي نتيجة التنافس المستمر في خدمة أجندات متصارعة، ومصالح ضيقة مخالفة للقوانين الدولية، ومبادئ حسن الجوار.  اختفت تماما كلمة الجزائر من الخطاب الملك محمد السادس، لكن التلميحات إلى الجارة الشرقية، كانت حاضرة وبقوة، من خلال بعض الأوصاف التي اعتاد المسؤولون في نظام المخزن، ترديدها في مثل هذه المناسبات، من قبيل “أعداء الوحدة الترابية”، الذين أصبح عددهم يتعدى الجزائر.  في الخطاب الذي ألقاه العاهل المغربي قبل ثلاثة أسابيع بمناسبة “عيد العرش”، تردد اسم الجزائر على لسانه عشر مرات كاملة، غير أنه تحاشى الإشارة إليها مباشرة في خطابه الأخير ولو لمرة واحدة، مفضلا استعمال التلميح.. فلماذا يا ترى؟ لكن الرئيس عبد المجيد تبون وخلال لقائه الأخير مع وسائل الإعلام الوطنية، لم يتجاوب مع العرض المغربي، الذي جاء في شكل مبادرة معزولة من السياق العام للعلاقات الثنائية المأزومة، عندما قال: إن الجزائر لم تتلق استجابة من المغرب بخصوص التوضيحات التي طلبتها من الرباط حول ما قام به السفير المغربي في الأمم المتحدة.  في الوقت غابت القضية الصحراء الغربية في الخطاب الأول لعاهل المغرب، عادت بقوة في خطاب ما يسمى “ثورة الملك والشعب”، من خلال حديثه عن الوحدة الترابية لبلاده، وهو يعلم أنها من مسببات توتير العلاقات الثنائية، ما يعني أن الرباط باتت مقتنعة بعدم حصول تجاوب من قبل الجزائر، الأمر الذي كان وراء توجيه الملك بوصلته نحو إسبانيا وفرنسا عله يجد من يستمع إليه هناك.  فيما تخيم أجواء التصعيد والقطيعة بين الجزائر والمغرب، تبدو قنوات التواصل والحوار بين قيادتي البلدين شبه منقطعة. و يبقي الخوف من انزلاق نحو الأسوأ، وهو ما يطرح فكرة البحث عن دور تاريخي و عملية جراحية ضد النظام المخزن . يعيد الخطاب الملك المغربي   إلى نقطة الصفر،   فالاحتلال المغربي   يعيد تدبير ملف الصحراء   الغربية إلى نقطة الصفر لكن "نقطة الصفر" ليست سوى علامة يسجلها الفاعلون في صيرورة أحداث تشهدها العلاقات، وقد تعني منعطفا نحو   دخول العلاقات منطقة عالية المخاطر، في مرحلة حساسة تتزايد فيها حالة الاستقطاب الإقليمي والعالمي حول القارة الأفريقية وخصوصا شمالها. ويشكل ملف الصحراء الغربية اليوم بؤرة رئيسية لتعميق القطيعة بين البلدين، فهي الورقة التي يستخدمها الاحتلال المغربي   تاريخيا في مواجهة   الجزائر وعلى امتداد عقود ظلت الجزائر ظلت   تتمسك بموقفها الداعم لمبدأ تقرير المصير في الصحراء، وتقول إنها طرف مراقب في النزاع الذي يوجد تحت رعاية الأمم المتحدة، وترفض الخوض مع المغرب في طبيعة الدعم الذي تقدمه لجبهة البوليساريو. بينما يرى المغرب أن هذه المسألة هي مربط الجمل، إذ   أنه لولا الدعم العسكري والديبلوماسي والإعلامي الجزائري لجبهة البوليساريو منذ خمسة عقود لأمكن تسوية النزاع وفتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة.     بعد صدور قرار الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب،   فكان تجاوب كبير من الرأي العام الوطني والنخب السياسية والأوساط الشعبية في الجزائر وخصوصا مع مسألتي مناهضة التطبيع مع إسرائيل ومسألة استقلال منطقة القبائل الحساسة، ارتفعت أصوات وبشكل غير مسبوق في أوساط الشباب والمثقفين والمجتمع المدني وخصوصا عبر مواقع التواصل الاجتماعي،   تدعم   قرار قطع العلاقات وترى بأن المغرب ، اصبح العدو الأكثر خطورة علي الامن الوطني الجزائري فهو يقود حرب بالوكالة مع الكيان الصهيوني   كعدو لصرف الأنظار نحو الخارج عن مشاكل يواجهها   نظام المخزن   منذ   سنوات بسبب تداعيات أزمة كوفيد   علي الاقتصاد المغربي. مما زاد طين بلة   العملية الإرهابية   التي أدت الي مقتل سائقي شاحنات جزائرية قرب موقع "بئر لحلو" الواقع في المنطقة العازلة على الجدار الرملي القائم بالصحراء الغربية، هل يكون نقطة تحول نحو تبني   الجزائر استراتجية شاملة اكثر صرامة   إلى مواجهة أوسع، وكيف يمكن أن تكون ملامحها؟  حادث تفجير شاحنات جزائرية ومقتل سائقيها الثلاثة قرب موقع بئر لحلو الواقع في المنطقة العازلة الشرقية على الجدار الرملي القائم بالصحراء الغربية، يشكل حادثا مأساويا من الناحية الإنسانية، ويثير مخاوف بأن يكون شرارة تُنذر بمواجهة جزائرية مغربية تتجاوز النطاق المحسوب لها لحد الآن، لكن أسئلة تُطرح عما إذا كانت ستؤدي إلى حرب بين البلدين، وكيف يمكن أن تكون طبيعة تلك الحرب إذا وضعت أوزارها بالفعل؟  و يأتي الحادث الجديد بمنطقة بئر لحلو في توقيت حسَاس للغاية، إذ كان لافتا وقوعه بتاريخ فاتح نوفمبر ذكرى احتفال الجزائر بثورتها التحريرية، وبعد أقل من أسبوع على صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بتمديد مهمة بعثة مينورسو، القرار الذي نص على أنه يجب استئناف المفاوضات تحت رعاية المبعوث الأممي الجديد ستافان دي ميستورا "بهدف الوصول إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين بهدف تقرير مصير شعب الصحراء الغربية . فقد توعدت الجزائر برد على حادث مقتل مواطنيها في تفجير الشاحنات، وبعد ساعات قليلة على صدور بيان الرئاسة أعلن البرلمان الجزائري قرارا بإعطاء الضوء الأخضر "لأي قرار تتخذه السلطات" ردا على مقتل المواطنين الثلاثة. وليس من باب التخمين القول بأن قرارا جزائريا   بمعاقبة المغرب يكون قد اٌتخذ، بيد أنه من الصعب التكهن بطبيعة التحرك الجزائري ومداه خاصة بعد   تعديل الدستور الجزائري في نوفمبر   2020، وفتح الباب لقيام الجيش الجزائري بمهمات في الخارج، تحدث الرئيس عبد المجيد تبون بلغة غير مسبوقة عن الوضع في ليبيا ودور الجزائر وإمكانية تدخلها العسكري   في هذا البلاد و حتى دولة مالي..  إن زيف الخطاب و غوغائية صاحبه ينمان عن عقدة الخوف التي تشكل الهاجس الأقوى للنظام المغربي الذي يعد أنفاسه الأخيرة لأن الشعب المغربي الكريم حتما لن يظل صامتا إلى ما لا نهاية. كل هذا التخريف السياسوي   يرتهن لحسابات مصلحية ضيقة و نوايا إلتوائية ليختزل   عنوانا لهذه المرحلة سمته الهروب من الواقع و تزييف معالمه ؛ فلا غرو أن يعتمد هذا النهج مسلكا   لمعظم التحركات المغربية في السنوات الأخيرة . طبعا لا يختلف اثنان أن هشاشة النظام المغربي جعلته عرضة للخنوع لأطراف خارجية   أخرها كان الاستقواء بالكيان الصهيوني والذي لن يجلب له سوى المذلة و العار مجسما خيانة فارطة لقضيتنا القومية الفلسطينية. طبعا تدخل في ذلك عدة عوامل أهمها ضعف النظام و هشاشة الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي ؛ فكان لا مناص من الاحتماء بهذا الكيان على أساس مقايضة سياسية سخيفة   الصحراء الغربية مقابل فلسطين.  وما من شك ان المغرب اليوم قد فقد جميع أوراقه و خاصة في الملف الصحراوي الذي دخل مرحلة حاسمة إذ لا خيار سوى العودة إلى الشرعية الدولية التي كرست على الدوام   أحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره   وهو ما حذا   بمحمد السادس في هذا الخطاب إلى التنصل من المفاوضات في وقت يدعو فيه إلى الالتزام بالخيار السلمي الشيء الذي ينم عن التخبط و الارتباك في هذه اللحظة التاريخية التي لم تترك مجالا للمناورة بتحديدها لطرفي النزاع المغرب و جبهة البوليساريو.  كان حريا بمحمد السادس أن   يحل الأزمات المتلاحقة التي يعاني منها السواد الأعظم من الشعب المغربي الشقيق ؛ لكن على ما يبدو أن نص الخطاب مستوحى من إملاءات جهات معينة و هو ما تدل عليه التعتعة و التأتأة و الأغلاط التي لا حصر لها !!!   و السؤال الذي يبقى   يطرح نفسه هنا هو، إذا كانت “مغربية الصحراء” قد حسمت كما يقول ملك المغرب ، فعلى ماذا سيتفاوض إذن، إذا كان جوهر الصراع اصلا هو قضية السيادة على الصحراء الغربية ؟ و في هذه الحالة ما الفائدة من الإعراب عن الاستعداد للتفاوض و التعاون مع المبعوث الشخصي ، و مع المينورسو في إطار المهمة الموكلة لها و مطالبتها بالحفاظ على وقف إطلاق النار؟ إذا كانت هذه الاخيرة قد أنشأت للفصل في إشكالية السيادة على الاقليم عبر تنظيم استفتاء حر و نزيه يتمكن من خلاله الشعب الصحراوي الاختيار بين إقامة دولته المستقلة أو الانضمام إلى المملكة المغربية، أليس هذه هي قمة التناقض ؟!!! و إذا كانت المفاوضات التي جرت طيلة ثلاثين سنة بين طرفي النزاع الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب و المملكة المغربية هي بهدف حسم قضية السيادة على الصحراء الغربية التي تعتبر مغربيتها محسومة حسب الملك !!! فعن أية عملية سلمية و عن اي نزاع يتحدث يا ترى ؟  إن ما ظهر من تناقض صارخ في خطاب ملك المغرب   ينم عن التخبط و الارتباك و ضياع البوصلة و هو محاولة جديدة للهروب إلي الإمام و مغالطة الرأي العام المغربي و الضحك عليه، و هو يذكرنا بنفس أسلوب والده عندما قال ذات يوم أن ملف الصحراء قد طوي و أغلق بالنسبة للمغرب ، ليعود بعد ذلك و يطلب التفاوض و يوقع على مخطط السلام و يلتزم أمام الأمم المتحدة باحترام نتيجة الاستفتاء كيفما تكون، و كأن التاريخ يعيد نفسه.  في واقع الأمر و الحال هذه إذا كان المغرب قد حسم كل شيء فعلى ماذا يريد ملك المغرب التفاوض ؟ و ما الداعي لوجود المينورسو ؟ و ما الجدوى من مطالبتها بالسهر على احترام وقف إطلاق النار؟ و ما جدوى الحديث عن عملية سلمية ؟ و بماذا تتعلق هذه العملية ؟ كلها أسئلة إجابتها الوحيدة هي ان نظام المخزن وصل درجة من الارتباك و التخبط حتى صار يكذب على نفسه لعلى وعسى ان تصير الكذبة حقيقة ذات يوم .   أن ملك الغرب لدولة الاحتلال المغربي، أظهر مجددا من خلال خطابه، ولعه المهووس بالتدليس والتضليل والتحامل على الغير وكعادته استغل الفرصة للتحامل المفضوح على الجزائر   بسبب دعمها القوي لكفاح الشعب الصحراوي المشروع ضد الاحتلال المغربي لأجزاء من الجمهورية الصحراوية.  أن موقف الجزائر يتماشى مع مبادئ الشرعية الدولية وقرارات منظمة الوحدة الافريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) والأمم المتحدة بما فيها, من بين قرارات أخرى, قرار الجمعية العامة A/RES/2983 للعام 1972 الذي أكدت فيه الأمم المتحدة من جديد شرعية كفاح الشعوب المستعمرة وتضامنها مع الشعب الصحراوي ومساندتها له في الكفاح الذي يخوضه من أجل ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال, وطالبت من جميع الدول منحه كل مساعدة معنوية ومادية ممكنة في هذا الكفاح (الفقرة 2 من المنطوق) . و بات من الواضح أن دولة الاحتلال لا تملك أي إرادة سياسية للانخراط في أي عملية سلام أممية لبلوغ حل سلمي ودائم للنزاع, لأن هدفها ببساطة هو الحفاظ على الوضع القائم مع محاولة الحصول على مبعوث شخصي +مفصل حسب المقاس+ ليخدم أجندتها, وهو ما ترفضه جبهة البوليساريو جملة وتفصيلا .

مشاركة :