أطلت المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري وهي تتبادل أطراف الحديث مع زينب سلبي مقدمة البرنامج، وترد على رسائل نساء عربيات تأثرن بها وأردن أن يوصلن أصواتهن المحبة والممتنة لهذه الشخصية الملهمة.. هذه المشاهد كانت ضمن مقتطفات من برنامج نداء، الذي عرض أيضاً قصة مؤلمة لرجل من العراق يدعى حيدر، حيث تطرح زينب سؤالاً إنسانياً صعباً، حول اختياره بين التوقف لإنقاذ ابنته التي سقطت من سيارة البيك آب بينما كان يحاول الفرار بعائلته من ملاحقة عناصر داعش لهم، والاستمرار لينجو بحياة الجميع؟ لتنقلنا بعدها إلى حكاية مختلفة لفتاة سعودية اشتهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي باسم افتراضي، وبالكثير من مقاطع الفيديو الطريفة التي جذبت إليها عدداً ضخماً من المتابعين، فتضحكنا معها.. مشاعر مختلفة عايشناها في البرنامج الذي بدا مختلفاً من خلال هذا العرض التعريفي السريع، خلقت لدينا الكثير من الفضول لنتعرف أكثر إلى زينب سلبي وإلى برنامجها الجديد نداء، على قناة تي إل سي في الحوار التالي.. } تحدثتِ عن دعم أوبرا وينفري لكِ في هذا البرنامج، هل تخبرينا عن التفاصيل؟ - أوبرا هي أقوى امرأة قابلتها في حياتي، فهي إنسانة استطاعت أن تمتلك نفسها وحريتها، هي ملكة في مملكتها وليست خائفة من أي شيء، وأنا ممتنة لها فقد تعلمت منها ما معنى أن يمتلك الإنسان مملكته الداخلية، بالإضافة إلى دعمها لي في هذا البرنامج حيث كنت أقصدها لآخذ منها النصائح، فهذه المسيرة جديدة عليّ، وكنت قلقة جداً، ولكي تساعدني أطلعتني على عشرات الحلقات من برنامجها وأعطتني الكثير من النصائح، وأخبرتني أيضاً أن الكثير من النساء قد أخبرنها أن برنامجي سوف يكون خلفاً لبرنامجها، لكنها هي أوبرا ولا يمكن أن أكون نسخة عنها لهذا سوف يكون برنامجي متفرداً ومختلفاً، وناجحاً لذاته. } أي من القصص التي استضفتها كانت الأكثر أثراً في نفسكِ؟ - جميعها تركت أثراً في نفسي، كنت أتفاعل مع الناس وأعيش حكاياتهم بصدق، وقد اختبرت كل المشاعر في هذا البرنامج، وما زلت حتى اليوم أبكي قصة حيدر الذي لم يستطع التوقف لإنقاذ ابنته، لكن رغم أنه لم يستطع القيام بواجبه كأب، إلا أنه استطاع أن يرينا إنسانية الرجل، أما الفتاة المنقبة فغيرت موقفي من المنقبات، فيما تأثرت بقصة محمد عساف عندما أخبرني عن كآبته قبل وصوله إلى البرنامج، وكيف كان يائساً من تمكنه من الخروج من غزة للمشاركة في البرنامج وكانت عنده خيبة أمل، وأيضاً من بين القصص نساء كتبت لهن النجاة من داعش، وامتلكن الجرأة للتحدث عما فعله بهن. } من أين جاء اسم نداء؟ - هذا البرنامج للنساء، لكنني لم أشأ أن أطلق عليه اسماً أنثوياً لأنه للنساء ولأجل الرجال، والهدف منه أن نسمع أصواتنا بعيداً عن التفكير بالأحكام. } من هن النساء اللاتي استضفتهن في البرنامج؟ - ليس هناك تصنيف للنساء اللاتي استضفتهن، فلم أكن أبحث عن المرأة القوية أو الضعيفة كما يميلون للتصنيف، والمرأة العربية ليست ضعيفة كما هو شائع، الأهم أنني قابلت نساء قلوبهن متفتحة، قابلت امرأة مغربية في إحدى الحلقات أخبرتني أنها سمحت لقلبها أن ينكسر لكي تساعد امرأة أخرى، وامرأة من مصر رفضت أن تعرض ابنتها لعملية الختان رغم أنها تنتمي لحارة شعبية، ورغم كونها غير متعلمة إلا أنها كانت ترفض هذا التصرف بداخلها، أما وئام فكانت لها قصة غريبة، وهي فتاة في الواحد والعشرين من العمر، أخبرتني أنها كانت تشعر بأنها رجل، وحتى شكلها كان أقرب إلى الرجال منه إلى النساء، كانت من عائلة تقليدية ملتزمة، وعاشت صراعاً كبيراً لفترة طويلة بين ما تشعر به بداخلها والعائلة والمجتمع، لكنها استطاعت أن تقول الصراحة، والإنسان يتحرر من خوفه الاجتماعي عندما يقول الصراحة، وهذا ما شعرت به عندما حررت نفسي من مخاوفي وكتبت مذكراتي، فالطريقة الوحيدة للتحرر من الخوف أن نحكي حقيقتنا.. فبعد قيامي بهذه الخطوة اكتشفت أن معظم مخاوفي كانت خاطئة، وهذا ما حدث مع وئام، فقد فوجئت حينها بأن الجمهور في الاستوديو كان متعاطفاً معها، حتى إنهم راحوا يبكون، وكنت أعتقد أنهم سوف يحكمون عليها، وهذا يثبت أننا قادرون على إحداث التغيير في مجتمعاتنا لكن خطوة، خطوة. } إلى أي حد كان سقف الحرية التي تحدثت عنها في برنامجكِ مرتفعاً؟ - أنا بدأت من الصفر، كونت نفسي بنفسي واستطعت أن أحقق الكثير مما حلمت به في مجال دعم النساء، لم يكن من الممكن أن أقبل بخيارات لا تناسبني، فقد ناضلت ليبقى صوتي ملكي، ولهذا اخترت قناة تي إل سي التي أتاحت لي حرية التعبير، وشعرت فعلاً بأنه ليس هناك سقف. } يبدو أن الخوف لا يشبهكِ، لماذا تخافين من ردود فعل المجتمع العربي؟ - لأنني أحبه، وأخاف ألا يتقبل أفكاري التي أطرحها في هذا البرنامج. } من يراكِ يتوقع أن تكون ثمة قصة وراء قصة شعركِ بهذه الطريقة، هل تخبرينا عنها؟ - هذا صحيح، عندما توفيت والدتي قبل 16 عاماً، شعرت بحزن عميق وبحالة من النزق والرفض لكل ما حولي، فقصصت شعري، وبعدها شعرت بأنني حرة، فأحببت هذا الشعور ولم أغير شكلي من حينها، لأنني أرى نفسي هكذا، لا أريد أن أخفي شيبي ولا أن أتجمّل، بل على العكس أحتفي بتقدمي بالسن بالامتناع عن إخفاء علامات هذه السنوات، فهذه أنا وأنا سعيدة بنفسي وحرة. } قبل برنامج نداء أين كنتِ؟ - عشرون سنة وأنا أعمل في الحروب، مذ أسست منظمة نساء من أجل النساء، وأنا أتنقل من منطقة مشتعلة إلى أخرى، من حرب البوسنة إلى أفغانستان والعراق وفلسطين وكل البلدان التي عانت ويلات الحروب، وتمكنت من مساعدة حوالي نصف مليون امرأة حول العالم من خلال هذه المنظمة، حيث كنا نقدم لهن المعونات المالية، ونعتني أيضاً بالجانب النفسي والمهني على مدار عام كامل لنقوي من عزيمتهن ونجعلهن يتعرفن إلى حقوقهن كنساء، ونعمل على أن يتدربن على اكتساب مهارة أو مهنة ما، لنوفر لهن فرصة عمل في الحروب. } كيف تمكنتِ من تحقيق هذا الإنجاز في دعم النساء؟ - لم أكن وحدي طبعاً، هناك أكثر من سبعمئة موظفة تعمل معي لتحقيق أهداف المنظمة، وكنت دائمة التنقل من منطقة إلى أخرى لأتابع سير العمل، ورغم هذا لم يكن العمل سهلاً أبداً، لكنني مؤمنة بالله، وأشعر بأنني أفعل هذا حباً بالله، وأنني إذا لم أفعل ما يمليه علي ضميري وكأنني أخون هذه المحبة. } ألا تخشين عدم وصول البرنامج إلى شريحة كبيرة من الناس بسبب تشفير القناة؟ - بالنسبة لي هذه بداية جديدة، وأسلوب البرنامج مختلف، أعتقد أنه من الأفضل أن نتقدم بالتدريج، وبعد الخطوات الأولى نسعى للانتشار، فما زلت متخوفة من ردود أفعال الناس والمجتمع.
مشاركة :