على الرغم من تراجع معدلات التضخم وفق البيانات الرسمية، مازالت الأسر المصرية تواجه مشكلة تتعلق باستمرار ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات. حيث شهدت الفترة الماضية ارتفاعا متواصلا في الأسعار وخاصة اللحوم، إضافة إلى أسعار السلع الاستراتيجية، في الوقت الذي رفعت فيه وزارة التموين أسعار بعض المنتجات الخاصة بالدعم. وأمس، كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، عن انخفاض معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 6.3% من أعلى مستوى له في 20 شهرا في أكتوبر الماضي، وذلك على خلفية تراجع معدل الزيادة في أسعار المواد الغذائية عن الشهر السابق. وتراجع معدل التضخم السنوي العام في المدن المصرية إلى 6.3% الشهر الماضي، من 6.6% في سبتمبر، والذي يعد أعلى مستوى للتضخم السنوي منذ يناير 2020. ويعتبر الارتفاع المتواصل لأسعار السلع الغذائية السبب الرئيسي وراء هذه الشكاوى، وذلك على الرغم من تراجع التضخم في البيانات الرسمية، والذي يعود إلى تباطؤ تضخم السلع غير الغذائية الشهر الماضي إلى 3.7% من 4.6% في سبتمبر. في مذكرة بحثية حديثة، قالت وحدة البحوث في "بلتون" المالية القابضة، إن بيانات التضخم التي أعلنها جهاز الإحصاء جاءت متوافقة مع توقعات المجموعة. فقد جاء تراجع القراءة السنوية متأثراً بارتفاعها في فترة المقارنة بنحو 1.5%على أساس شهري مقارنة بـ 1.1% في سبتمبر، وهو يتفق مع توقعاتنا. في حين ارتفعت القراءة الشهرية متأثرة بالإنفاق المرتبط بموسم العودة للمدارس، حيث شهد قطاع التعليم ارتفاعاً بنسبة 12.7% إلى جانب الأثر التضخمي لارتفاع أسعار البترول. نشير إلى أن المراجعة الأخيرة لأسعار الوقود تضمنت زيادة المازوت للاستخدام الصناعي. نتوقع استمرار ارتفاع قراءة التضخم العام السنوي في الربع الرابع من 2021 مع بدء انعكاس ارتفاع الأسعار العالمية للسلع تدريجيا على السوق المحلي. وتؤكد تطورات قراءات التضخم العام السنوي الاتجاه الصاعد المتوقع من جانبنا للتضخم، مقترباً من نطاق هدف المركزي عند 7% (+/-2%) في المتوسط بحلول الربع الرابع من 2022. ونظراً لارتفاع أسعار السلع الغذائية على أساس شهري مع ارتفاع ملحوظ لأسعار السلع والوقود عالميا، رجحت "بلتون" إبقاء البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل الذي سيعقد يوم 16 ديسمبر. وذكرت أن الحاجة للحفاظ على جاذبية الاستثمار في سوق أدوات الدخل الثابت، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً، تشكل ضغطا على التدفقات للأسواق الناشئة. أما أسباب تراجع التضخم في البيانات الرسمية، فترجع إلى تباطؤ تضخم السلع غير الغذائية الشهر الماضي إلى 3.7% من 4.6% في سبتمبر. وهذه هي أبطأ وتيرة منذ أكثر من عقد، وفقا لمؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" التي عزت ذلك إلى انخفاض تضخم الإيجارات وتباطؤ زيادة أسعار الملابس وتكاليف التعليم. لكن أسعار المواد الغذائية استمرت في التسارع، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 11.6% على أساس سنوي في أكتوبر، مقارنة بـ 10.5% في الشهر السابق، وهو أعلى مستوى في عامين. وجاء هذا الارتفاع مدفوعا بشكل أساسي بزيادة قدرها 4.6% في أسعار اللحوم الحمراء والدواجن. كما ارتفعت أسعار المساكن والغاز بنسبة 3.1% على خلفية الزيادة الثالثة في أسعار الوقود هذا العام، في حين قفزت الأنشطة الترفيهية والثقافية بنسبة 14.7%، وهي أكبر زيادة في التضخم بالمدن لهذا الشهر. في الوقت نفسه، فقد استمر التضخم في التسارع على أساس شهري، حيث ارتفع إلى 1.5% في أكتوبر من 1.1% في سبتمبر. وجاء هذا مدفوعا بارتفاع تكاليف التعليم بنسبة 12.7%، وزيادة قدرها 6% في الأنشطة الترفيهية. على عكس الأرقام السنوية، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل أبطأ، إذ انخفضت إلى 1% من 3.5% في سبتمبر. وارتفع معدل التضخم السنوي الأساسي خلال الشهر ليصل إلى 5.2%، من 4.8% في الشهر السابق. وصعد معدل التضخم الشهري الأساسي إلى 2.1% من 1.7% في سبتمبر. ويستبعد التضخم الأساسي نمو أسعار السلع المتقلبة مثل الطعام والوقود.
مشاركة :