عامان فقط يفصلان حصول رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد على جائزة نوبل، أرفع جوائز السلام، وتحوله إلى مجرم حرب مجلل بالعار يوشك حكمه على السقوط تحت ضربات المعارضة المسلحة.وفيما وصفته صحيفة واشنطن بوست بمجرم الحرب، وقالت وكالة «بلومبيرج» الأمريكية «إن خطأ آبي أحمد الأفدح هو فشله في فهم طبيعة الانقسامات الإثنية العميقة الضاربة بجذورها في المجتمع الإثيوبي منذ ستينات القرن الماضي، إلى أن أصبح مستقبله السياسي على المحك، محاصرا بين معارضة مسلحة ترفض حكمه، وعزلة دولية لنظامه تختنق بسببها البلد الفقير إثيوبيا». تتحدث الأنباء عن اقتراب رئيس الحكومة الإثيوبية من السقوط، ويؤكد تحالف محاربي تيجراي وأورومو أنهم على أبواب العاصمة الإثيوبية وسيدخلونها قريبا، وأن وقتا قليلا يفصلهم عن نهاية حقبة آبي أحمد.دخول الجحيمترى صحيفة كورير النمساوية أن آبي أحمد، أسهم بقراراته المتسرعة في تحويل بلاده إلى منطقة صراعات ونزاعات أهلية، وتسبب في مقتل الكثيرين، وأشارت إلى أنه قبل أقل من عامين، كان ينظر إلى رئيس الوزراء الإثيوبي دوليا على أنه منارة الأمل لشرق إفريقيا، لكن صورة الحائز على جائزة نوبل للسلام البالغ من العمر 45 عاما تضررت بشدة بسبب الصراع الدائر في بلاده منذ عام، ونهجه المتعنت يهدد الآن بزعزعة استقرار إثيوبيا والمنطقة بأسرها.وأكدت أنه عندما حصل آبى الطموح على جائزة نوبل في أكتوبر 2019 للتسوية السلمية للصراع مع إريتريا الدولة المجاورة لإثيوبيا، وصف الحرب بأنها «مثال الجحيم لجميع المعنيين»، لكنه في الشهور الماضية بدا أنه لم يتبق سوى القليل من هذا الموقف.زعيم التجسسوفي خطابه الحائز على جائزة نوبل، استذكر آبي الفترة التي قضاها في الحرب بين إثيوبيا وإريتريا (1998-2000)، وتم القضاء على وحدته بالكامل في هجوم مدفعي. لقد نجا فقط لأنه ترك حفرة من قبل للبحث عن استقبال أفضل للراديو. وارتقى لاحقا إلى رتبة مقدم، وانضم إلى الحكومة وأسس وكالة التجسس الالكتروني الإثيوبية.وأعادت الصحيفة سيرته الذاتية بأنه كان جزءا من حكومة رئيس الوزراء هايلي مريم ديسالين، الذي استقال في 2018 بعد احتجاجات حاشدة ضد الإصلاح الإداري، واتفقت أحزاب التحالف، بما في ذلك جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي، على آبي كخليفة لدسالين، ولم يضيع رئيس الوزراء الجديد أي وقت في بداية ديمقراطية جديدة، حيث أطلق آبي سراح منتقدي الحكومة، واعتذر عن قمع الدولة ودعا الجماعات المنفية للعودة، لكن في تيجراي، معقل الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، كان هناك استياء من فقدان الأهمية المفترض، وعندما أنهى آبي الائتلاف الحكومي الحالي في عام 2019 وشكل حزب وحدة، رفضت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الانضمام إليه. وبدلا من ذلك، أجرت انتخابات إقليمية في تيجراي في عام 2020، والتي أعلنت حكومة أديس أبابا أنها غير قانونية.مذابح واغتصابوفي نوفمبر2020، أرسل آبي قوات إلى تيجراي، ردا على ما يزعم على الهجمات التي شنتها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على قواعد الجيش، وما تم الإعلان عنه كإجراء عقابي سريع تطور لاحقا إلى صراع امتد الآن أيضا إلى المناطق المجاورة لتيجراي؛ مع عدد من التقارير عن الفظائع مثل المذابح والاغتصاب الجماعي، و قتل آلاف الأشخاص، ونزح ما يقرب من مليوني شخص، ويواجه مئات الآلاف المجاعة.في الآونة الأخيرة، يواصل آبي رده السلبي على التحذيرات الدولية لحل النزاع، وفرضت حكومته حالة الطوارئ على مستوى البلاد، والتي تشمل توسيع نطاق التجنيد والرقابة على وسائل الإعلام.ويتهم منتقدون رئيس الوزراء بالعمل الاستبدادي مثل أسلافه، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية والانتهاكات من قبل قوات الأمن. وقاطعت المعارضة الانتخابات البرلمانية في يونيو.كارثة نوبلتحولت جائزة السلام لرئيس وزراء إثيوبيا إلى نذر شر وكارثة حقيقية، فمنذ انتهاء حفل نوبل للسلام وخفت صخب المديح، تعثرت إصلاحات آبي أحمد الاقتصادية والاجتماعية في متاهة صراعات مع جماعات إثنية ترفض حكمه، في مقدمتها جماعة تيجراي التي انحدر منها حكام البلاد المنتمين إلى جبهة تحرير شعب تيجراي منذ مطلع التسعينيات حتى صعود آبي أحمد إلى السلطة عام 2018.شن حملة عسكرية مسنودا بقوات إريترية حليفة وميليشيات محلية موالية له ضد جبهة تحرير شعب تيجراي، التي تمردت على قرار تأجيل انتخابات عام 2020 بحجة مكافحة جائحة كورونا، واعتبرته محاولة من آبي أحمد لتمديد بقائه في السلطة، وانضم إليها مؤخرا جيش تحرير أورومو.ظلت الحرب سجالا تميل كفتها بين الطرفين، إلى أن بدأ الموقف يتحول بإطراد منذ يوليو الماضي لصالح جبهة تحرير شعب تيجراي، التي باتت مع الفصائل الحليفة لها على مرمى حجر من العاصمة أديس أبابا، بعد شهور مريرة من القتال والحصار الذي فرضته القوات النظامية والإريترية على إقليم تيجراي، مسببة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخ القارة، مع انقطاع طرق الإمداد إلى تيجراي وتجويع سكان الإقليم إلى حد الموت.سبب العداءوترى وكالة «بلومبيرج» الأمريكية أن بذور النزاع المسلح الحالي انغرست في وقت مبكر من رئاسة آبي أحمد، فالعديدون في تيجراي يرون معاهدة السلام مع إريتريا باعتبارها تحالفا بين آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، العدو اللدود لجبهة تحرير شعب تيجراي.أما بالنسبة لشعب الأورومو فقد بدأ نفوره مع آبي أحمد منذ اليوم التالي لفوزه بجائزة نوبل للسلام، فآنذاك أعاد آبي أحمد افتتاح قصر أثري مرمم للإمبراطور مينيليك الثاني، الذي حكم البلاد في القرن التاسع عشر، ويعتبره شعب أورومو، الذي ينحدر منه آبي أحمد نفسه، طاغية ألحق بهم التنكيل والهوان.وأوضحت «بلومبيرج» أن نقطة التحول في علاقة آبي أحمد بالمجتمع الإثيوبي كان في ديسمبر 2019، عندما حل رئيس الوزراء الائتلاف الحاكم السابق، الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية، وأسس بديلا عنه حزب الرفاه الذي يرفع رسميا شعار وحدة إثيوبيا، لكن حزبه الوليد لم تكن لديه فرصة كبيرة في مواجهة الأحزاب الممثلة للقوميات والشعوب المتمايزة فيما بينها في المجتمع الإثيوبي، وهذا ما أجبر آبي أحمد على قمع المعارضة وتركيز السلطة في قبضته بشكل أكبر.حرب أهليةمنذ بداية الشهر الحالي، بدأت حرب أهلية عاصفة تشل الحياة في إثيوبيا وتدفع كل دول العالم إلى سحب رعاياها، أعلنت قوات تيجراي اتحادها مع قوات أورومو، من أجل الزحف نحو العاصمة أديس أبابا. نزل الإعلان كالصاعقة على رأس آبي أحمد الذي سارع إلى الاستنجاد بشعب العاصمة، طالبا منه حمل السلاح والتصدي لزحف ما سماهم المتمردين على الدولة، ثم أعلن فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد، معلنا بذلك دق جرس الحرب والنفير العام.آبي أحمد وتيجراي: 122 مليون نسمة عدد سكان إثيوبيا. 7 ملايين شخص سكان تيجراي. 2018 تسلم آبي رئاسة الوزراء. 2019 فاز بجائزة نوبل للسلام. 2020 أشعل الصراع مع تيجراي. 2021 تحول الصراع إلى حرب أهلية. 10 ولايات تمثل أقاليم إثيوبيا. 1983 كانت تيجراي بؤرة المجاعة. 2 مليون نازح من المنطقة بسبب الفقر. 34 % من سكان إثيوبيا من الأورومو.
مشاركة :