مسقط الخليج: محمية الديمانيات واحدة من الأماكن السياحية في سلطنة عمان، تعتبر موطناً طبيعياً لمجموعات فريدة من الحياة الفطرية التي تحيط بها المياه الزرقاء الصافية والشواطئ الرملية النقية، وتؤمّها الكثير من الكائنات الحية المهددة بالانقراض، إلى جانب الطيور والأعشاب المرجانية المتنوعة. تتكون المحمية من جزر عدة تقع قبالة الساحل الممتد من محافظة مسقط وحتى منطقة الباطنة، وبالتحديد من ولاية السيب إلى ولاية بركاء، حيث إن موقع تلك الجزر يقدر ابتعاده عن الشاطئ ما يقارب من 16 إلى 18 كيلومتراً. ونظراً لأهميتها عُينت محمية طبيعية بموجب مرسوم سلطاني سامٍ باسم محمية جزر الديمانيات الطبيعية تبلغ مساحتها الكلية 203 2 كم وتحوي عدة جزر ازدانت بالبقع الخضراء الموجودة على تربتها الصخرية ومرتفعاتها ومنخفضاتها، أيضاً وأسراب الطيور المتنوعة وشواطئها البيضاء التي تحتضن السلاحف في أغلب أيام السنة، وكذلك الشعاب المرجانية التي تحيطها من كل جهة وأعشاش العقاب النساري المنتشرة في كل الجزر، والطيور المهاجرة أيضاً التي تتوافد صيفاً وتضيف جمالاً سحرياً إلى المحمية، وكذلك الخيران والخلجان التي تتخلل جنباتها. جزر المحمية ليست في موقع واحد فقط، وإنما تأتي جزيرة الديمانية الأولى من جهة الشرق وتبعد عن مجموعة الجزر القريبة من بعضها بعضاً، وهي حايوت والقفصية والجبل الكبير والغرفة والسليل وقصمه تباعاً نحو جهة الغرب نحو عشر دقائق سيراً بالقارب، وكذلك جزيرتا أولاد لجون تبعدان عن المجموعة ما يقارب عشر دقائق أيضاً، علماً بأن هاتين الجزيرتين أولى الجزر من جهة الغرب. الجزيرة الأولى جزيرة الديمانية تعود تسميتها بهذا الاسم من قبل الصيادين لبعدها عن المنطقة وعدم توفر المحركات البحرية، وكان الإبحار في ذلك الوقت يتم بالمجداف فيكون الوصول إليها صعباً للغاية، ما يهدد الصيادين بالمهالك والإجهاد إذا ما رغبوا في الوصول إلى هناك، ولهذا تكون شبه مقطوعة، وتتحول في فصل الصيف إلى بانوراما من الطيور التي تعشش فيها بكثافة بينما، يعشش العقاب النساري في فصل الشتاء، كذلك تقصدها السلاحف بكثرة في أوقات كثيرة من السنة خاصة في موسم التكاثر. وتوجد فيها الكثير من النباتات التي تشكل بقعة خضراء واسعة تغطي أكبر مساحة من الجزيرة، كما تزيدها ابتهاجاً الشعاب المرجانية المحيطة بها. جزيرة حايوت، رأس جبلي مستطيل الشكل مرتفع ولا يوجد له شاطئ رملي حيث إنه شديد الانحدار وتحيط به الشعاب المرجانية كما يعشش عليه العقاب النساري، وكذلك تقصده الطيور الأخرى كالبلشون الأبيض ومالك الحزين والبلشون الرمادي. جزيرة القفصية قريبة من جزيرة الجبل الكبير من الجهة الشرقية، ويتوارث اسمها عن عدة أجيال مضت، ونظراً لصغرها فإنه يوجد فيها شاطئ رملي واحد فقط ويقع في جهة الجنوب، كما يوجد شاطئ صخري من جهة الغرب. وتتكاثر فيها الطيور والسلاحف أيضاً وتحيطها الشعاب المرجانية من كل الجهات. الجبل الكبير، ترجع تسميتها إلى كبر مساحتها حيث تعد أكبر الجزر مساحة وتوجد فيها عدة أنواع من النباتات تشكل بقعاً خضراء متفرقة في أنحاء الجزيرة، وتتميز بالمرتفعات والمنخفضات، ويوجد فيها مقر الوزارة لمراقبي الحياة الفطرية على هذه الجزر. وتحتل الجزيرة المرتبة الثانية على مستوى المحمية من حيث كثرة الطيور المعششة فيها، والتي تزداد في فصل الصيف وتقصدها أغلب الأنواع المهاجرة والمقيمة أيضاً، كما تحتل المرتبة الأولى من حيث السلاحف، وذلك يرجع إلى كثرة شواطئها المختلفة المساحات التي يبلغ عددها 19 شاطئاً. وتنتشر في هذه الجزيرة بعض الثعابين والعقارب والزواحف، ويلجأ إليها الصيادون في حالة هياج البحر طلباً للنجاة، حيث تعد موقعاً آمناً لهم ولقواربهم لتشكيلتها الرائعة، ممثلة كاسر أمواج طبيعياً، وهي واحدة من صور الإبداع الرباني المتمثل في وجود تلك الجزيرة الطبيعية الواقعة في عرض خليج عمان. تقع جزيرة الجبل الصغير مباشرة بعد جزيرة الجبل الكبير من جهة الغرب وفيها خمسة شواطئ وتحيط بها الشعاب المرجانية من كل الجهات، وتعد أكثر الجزر ارتياداً لهواة الغوص، حيث إنها تنفرد بجمال رومانسي من حيث كثرة تنوع المرجان فيها، كما تتكاثر فيها الطيور والسلاحف أيضاً. جزيرة السليل، صغيرة المساحة تقع غربي جزيرة الغرفة مباشرة تتكاثر فيها الطيور خاصة العقاب النساري وخالية من السلاحف بسبب عدم وجود شواطئ فيها، حيث إن كل جوانبها صخرية ومتوسطة الانحدار، كما يوجد جبل صغير منفصل عنها في جهتها الشمالية الغربية يسمى (اللومية) وترجع تسميته إلى شكله الذي يشبه شجرة الليمون في حالة ظهوره أثناء عملية المد والجزر، وهو مشهور بهذا الاسم بين الصيادين، ونظراً لصغره فإن بعض الطيور كالخرشنة والنورس والبلشونات تتخذه محطة استراحة قصيرة. وتعد جزيرة قصمة من الجزر الغنية بالمرتفعات والمنخفضات الكثيرة وكذلك البقع الخضراء، كما تتكاثر فيها الطيور كالعقاب النساري والخرشنة والصقر الأصخم، وغيرها من الطيور، وتبيض فيها السلاحف بكثرة، وتحيط بها الشعاب المرجانية من كل الجهات ولا تقل أهمية عن بقية الجزر من الروعة والجمال. ولاد الجون جبلان، منفصلان عن بعضهما بعضاً، يسمى الأول (حايوت الصغير) بينما يسمى الثاني (حايوت العود) وموقعهما في الجهة الشرقية من جزيرة (لجون) مستطيلا الشكل، يعيش العقاب النساري على هذه الجزيرة وتقصدها الطيور كالنورس والبلشونات ومالك الحزين، ونظراً لعدم وجود شواطئ بالجزيرة فإن السلاحف لا ترتادها، كما لا توجد فيها بقع خضراء لصلابة صخورها، بينما توجد نباتات بسيطة ومتفرقة تنمو فقط عند هطل الأمطار، وتحيط بالجزيرة الشعاب المرجانية من كل الجهات، ولا تقل أهمية بالنسبة إلى الصيادين من حيث وفرت الأسماك حولها. وتشكل الحياة الفطرية الغنية وموائلها مختبراً حياً وطبيعياً للأبحاث العلمية، فجزر الديمانيات الطبيعية تعتبر محطة عالمية أساسية لتعشيش السلاحف البحرية، حيث تتوافد السلاحف البحرية كل عام للتعشيش ووضع البيض. ومنها سلاحف الشرفاف والسلاحف الخضراء. وتعتبر السلاحف البحرية من مجموعة الزواحف البالغة القدم التي تعيش في البحار والمحيطات حيث تقصد الإناث الشواطئ لوضع البيض وتبقى الذكور في المياه طوال حياتها تقريباً، ولا يمكن للمرء أن يتصور تاريخ تلك السلاحف التي تستطيع التأقلم مع كل الظروف والمتغيرات البيئية والمناخية التي تصاحب تطور الحياة، كارتفاع وانخفاض مناسب البحار والمحيطات وغيرها من التغيرات، وتعتمد على ذاكرتها في اختيار وارتياد شواطئ محددة التي تغدو إليها في هيئة مجموعات طلباً للغذاء والتزاوج، وكذلك وضع البيض. الشعاب المرجانية تمثل بأشكالها المختلفة هيئة حواجز وحافات وتوفر الحماية لسواحل البحار والمحيطات لتشكل أنظمة دفاعية وبيئة مهمة لنمو وتغذية جميع أنواع الأسماك، وتتأثر من الإفراط في صيد الأسماك وعدم اتباع الطرق الصحيحة لعمليات الصيد فوق المرجان باستخدام الشباك والأقفاص الحديدية وكذلك الأقفاص البلاستيكية ورمى المرساة فوق المرجان لتثبيت القارب، مشكلين بذلك خطراً جسيماً وتهديداً صارخاً لنمو تلك الشعاب، ما يسبب القضاء عليها بصفة دائمة، ونتيجة ذلك تقل كمية الأسماك وعدم تنوعها وهذا ما نلاحظه اليوم بشكل بارز، فالكثير من الصيادين يشكون قلة عدد الأسماك وندرة تنوعها ما يوجب على كل شخص الحفاظ على المرجان واتباع الطرق المثلى لصيد الأسماك حتى نحافظ على ثروتنا السمكية، وتحوي الشعاب المرجانية بمحمية جزر الديمانيات الطبيعية الكثير والعديد من الأنواع وربما تفوق العشرين نوعاً، كما أنها تنفرد ببعض الأنواع بين بقاع العالم. وتتوفر الحشائش والأعشاب البحرية وأنواع عدة من الطحالب البحرية بمحمية جزر الديمانيات الطبيعية التي تعد مصدراً غذائياً للعديد من الكائنات البحرية مثل السلاحف والثدييات، كما تتوفر بعض النباتات البرية على اليابسة لتكون غذاء غنياً للكثير من الطيور البحرية، ويوجد بالمحمية ما يقارب من 15 نوعاً من النباتات البرية حيث تتواجد في أغلب الجزر، وخاصة في الجبل الكبير والديمانية، وتستغل بعض أنواع الطيور، وخاصة خطاف البحر الشامخ الأنف (الخرشنة) تلك النباتات لتعشش تحتها لكثافتها، حيث إنها تغطي بعض أجزاء الجزر إذا هطلت عليها أمطار غزيرة لتساعدها على النمو. تشكل مناطق الجزر بيئة غنية باللافقاريات مثل السرطان والديدان وقناديل البحر والرخويات، والتي تلعب جميعها دوراً أساسياً في إكمال السلسلة الغذائية، كما توجد في المحمية عدة أنواع من الثدييات البحرية كالدولفين السبنر الدوار وذي الأنف القنيني، وكذلك الدولفين الشائع محلياً وكما يلاحظ الحوت الأحدب علماً بأنه لا توجد أي ثدييات برية على أرض المحمية. وتشكل الحياة الفطرية الغنية وموائلها أحد أسباب توفر الكثير من أنواع الأسماك، وتأوي إلى الشعاب المرجانية الموجودة في محمية جزر الديمانيات الطبيعية الكثير من أنواع الأسماك لغرض الغذاء والتكاثر. تسود محمية جزر الديمانيات الطبيعية الطيور البحرية التي تعشش الكثير منها في الجزر خلال فصل الصيف، حيث تتواجد الآلاف تؤدي حركاتها الرائعة، وتحتكر بعض أنواع الخرشنة، وهو خطاف البحر الشامخ الأنف، الشجيرات الصغيرة للتعشيش ووضع البيض بينما نجد بعض الأنواع الأخرى منها تعشش في الأراضي والمسطحات الجبلية المكشوفة بالقرب من الأشجار، وتفضل الطيور الاستوائية حمراء البطن الخطاف ذو الذيل الطويل المنحدرات البارزة وتتمركز هذه الطيور في جزر الجبل الكبير وجزيرة الديمانية وجزيرة الغرفة وكذلك جزيرة قصمة، كما يعشش العقاب النساري في فصل الشتاء ويلاحظ منتشراً في جميع جزر المحمية. الشعاب المرجانية يقول إسماعيل بن سليمان الحراصي مشرف محمية جزر الديناميات إنها تبعد نحو 18 كم بحرياً من شاطئ بركاء بمحافظة جنوب الباطنة ٧٠ كم غرب مسقط، وهي مجموعة من 9 جزر تتميز بشواطئها البكر ذات الرمال البيضاء ومياهها الزرقاء الصافية، وتعد من المحميات ذات التراث الطبيعي الغني بأنواع عدة من الشعاب المرجانية، وتضم مجموعات نادرة من الشعاب المرجانية، وتعد الموطن الطبيعي للعديد من مفردات الحياة الفطرية حيث تتخذ الطيور ملاذاً آمناً لها في العيش في الجزر، كما تهدف إلى ضمان حماية الكائنات الفطرية من أجل إتاحة الفرصة للتكاثر وضمان تجدد مواردها الطبيعية، والحفاظ على نماذج من البيئات الفطرية من الدارسات العلمية والرصد البيئي وإتاحة الفرصة للأجيال المقبلة التمتع بطبيعة المناطق الفطرية والعمل مع مجتمعات الصيد المحلية لتعزيز المنافع الاقتصادية والثقافية بطريقة مستدامة ورفع مستوى الوعي البيئي وعلى النطاق الإقليمي عن أهمية الحفاظ على البيئة البحرية والبرية وثرواتها الطبيعية. وكذلك توفير برامج تدريبية علمية وعملية ذات كفاءة واضحة لطلاب الجامعات والكليات وتشجيع وتسهيل أنواع البحوث العلمية الميدانية. جزيرة الجون الجزيرة التاسعة مستطيلة الشكل بالاتجاه الشرقي الغربي تسمّى الجون تنتشر في أنحائها النباتات والتي تكثر بعد هطول الأمطار ويحتضن شاطئها الوحيد السلاحف في موسم التكاثر بشكل يومي والجزيرة تعد من أكبر الجزر ارتفاعاً، حيث يستغل العقاب النساري ذلك الارتفاع ليضع أعشاشه في أماكن متفرقة من الجزيرة وتتواجد البلشونات بكثرة ومالك الحزين وطائر اللقلق والبط البحري والصقر الأسخم وكذلك الخرشنة والنورس وبقية الطيور المهاجرة الأخرى. تهدف المحمية بجزرها المتعددة والمتنوعة إلى ضمان حماية الكائنات الفطرية وموائلها من أجل إتاحة الفرصة لها للتكاثر وضمان تجدد مواردها الطبيعية، والحفاظ على نماذج من البيئات الفطرية من أجل الدراسات العلمية والرصد البيئي والتعليم، وإتاحة الفرصة للأجيال المقبلة للتمتع بطبيعة المناطق الفطرية، والاستغلال الأمثل لإمكانات الجزر السياحية، والعمل مع مجتمعات الصيد المحلية لتعزيز المنافع الاقتصادية والثقافية بطريقة مستدامة، ورفع مستوى الوعي البيئي على النطاق الإقليمي عن أهمية الحفاظ على البيئة البحرية والبرية وثرواتها الطبيعية، وتوفير برامج تدريبية علمية وعملية ذات كفاءة واضحة لطلاب الجامعات والكليات والمتطوعين وتشجيع وتسهيل أنواع البحوث العلمية والميدانية.
مشاركة :