اضطرابات النوم.. تؤثر في الذاكرة عند مرضى الزهايمر

  • 11/6/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

مرض الزهايمر، مرض يصيب الجهاز العصبي عند كبار السن الذين تجاوزوا ال 65 ولكنه في بعض الحالات قد يصيب مرضى في سن أصغر. وهو أحد الأمراض العصبية التنكسية ويسبب ضعف الذاكرة الذي يزداد تدريجيا، ومع تقدم المرض تظهر مظاهر أخرى للمرض بسبب تدهور وتنكس خلايا الجهاز العصبي المركزي. ومرضى الزهايمر يعانون كثيرا اضطرابات النوم المختلفة مثل النوم خلال النهار واليقظة خلال الليل وتقطع النوم وعدم انتظامه. ومن هذه الاضطرابات، اضطراب الساعة البيولوجية التي تسبب تغيرا كبيرا في نمط النوم ونظامه والاستيقاظ عند المرضى، إذ يستيقظ المرضى في الليل وينامون في النهار وهذا يسبب لهم ولعائلاتهم كثيرا من المشكلات، حيث يؤثر في نوم أفراد العائلة ليلا كما أن المريض قد يخرج من المنزل ليلا وأفراد العائلة نائمون ويضل طريقه. وقد تظهر على المرضى علامات التوتر والاضطراب في فترة بعد الظهيرة والمساء. وتشير الأدلة العلمية بشكل متزايد إلى أن اضطراب الساعة البيولوجية بواسطة تغير أنماط التعرض للضوء والظلام وعدم الانتظام في ذلك عند مرضى الزهايمر يترافق مع انخفاض نوعية الحياة وزيادة أعراض المرض. ويتم ضبط الساعة البيولوجية في الجسم كل يوم على مدار الساعة بواسطة مركز تحكم في المخ يعرف باسم نواة التأقلم (SCN). ويستمد مركز التأقلم معلوماته الخارجية التي يحتاج إليها للمعايرة اليومية للساعة البيولوجية من خلال أنماط الضوء والظلام التي تصل من مستقبلات خاصة في شبكية العين، وهذا الذي يحدد للجسم متى يحتاج أن ينام ومتى يكون نشيطا لأداء وظائف النهار، من دون التعرض للضوء الكافي في أوقات منتظمة يختل عمل مركز التأقلم ويضطرب توقيت النوم عند المصاب، لذلك يتم علاج اضطرابات الساعة البيولوجية عند المرضى من خلال تنظيم التعرض للضوء خلال اليوم والليلة. وفي عيادة اليوم، سنتحدث عن دراسات حديثة تعرضت لتأثير اضطرابات النوم على الذاكرة عند مرضى الزهايمر، وقد يظهر المقال علميا لدى البعض ولكني سأحاول طرح الموضوع بأسلوب سهل وميسر، كما أن بعض الدراسات التي نستعرضها أجريت على حيوانات التجارب ولكنها تساعد على فهم التغيرات التي تحدث عن مرضى الزهايمر، ويستخدم الباحثون حيوانات التجارب لأن بعض التجارب يجب أن تجرى على الحيوانات قبل تطبيقها على الإنسان. تأثير جودة النوم على الذاكرة من المعلوم أن مرضى الزهايمر يعانون اضطرابات النوم التي قد تسبق ظهور أعراض ضعف الذاكرة، ومن المعلوم كذلك ان النوم الجيد مهم للذاكرة، ويمر النائم بعدة دورات خلال النوم، وفي كل دورة نوم يمر بأربع مراحل من النوم، إحدى هذه المراحل تعرف بالنوم العميق أو نوم الموجات الكهربائية البطيئة، والمرور بهذه المرحلة مهم لتعزيز المعلومات المكتسبة خلال اليقظة ونقل المعلومة من مركز الذاكرة القصيرة إلى مركز الذاكرة الطويلة في المخ، المركز الذي يعرف بمركز الحصين (Hippocampus). وتتكون الموجات البطيئة هذه في قشرة المخ وتنتقل بعد ذلك ومن خلال شبكة من الخلايا العصبية إلى مناطق المخ المختلفة ومنها مركز الحصين، وخلال هذه المرحلة من النوم (النوم العميق) تصبح خلايا المخ في حالة تناغم تام وجاهزة لنقل المعلومات من مركز لآخر، وفي بحث جديد ظهرت نتائجه في شهر أكتوبر 2015، وقام به باحثون في الجامعة التقنية بميونخ، وجد الفريق البحثي أن حالة التناغم التي تظهر في مخ الإنسان الطبيعي وتسمح بنقل المعلومات من مركز الذاكرة القصيرة إلى مركز الذاكرة طويلة المدى يصاب بالعطل عند مرضى الزهايمر. وقد استخدم الباحثون نماذج من فئران التجارب مصابة بمرض الزهايمر الذي يتميز بوجود ترسب بروتين غير طبيعي يعرف باسم لويحات أميلويد في خلايا المخ، وتضعف هذه اللويحات بصورة مباشرة موجات النوم البطيئة (النوم العميق) في المخ، وبالرغم من أن الموجات البطيئة تظهر عند بعض مرضى الزهايمر، إلا أنها وبسبب هذه اللويحات (أميلويد )، تفقد هذه الموجات قدرتها على الانتشار في المخ، لذلك لا تنتقل المعلومات بشكل صحيح بين مراكز المخ المختلفة. وأوضح الباحثون أن انتقال المعلومات بين مراكز المخ المختلفة يتطلب توازنا بين الخلايا العصبية التي تسبب الإثارة والخلايا العصبية المثبطة، وهذا التوازن يضطرب عند مرضى الزهايمر بسبب ترسب لويحات أميلويد التي تقلل من نشاط الخلايا المثبطة. ما الأهمية العلاجية لهذه النتائج؟ وجد الباحثون أن استخدام جرعات بسيطة جدا (عشر الجرعة الاعتيادية) من مجموعة من الأدوية التي تسبب النوم تعرف بمجموعة بنزوديازيبين، التي تزيد التأثيرات المثبطة في المخ، مكنت الموجات البطيئة في المخ من الانتشار بشكل طبيعي بين مراكز المخ المختلفة، وفي تجارب سلوكية لاحقة، وجد الباحثون أن هذه الجرعة البسيطة من أدوية مجموعة بنزوديازيبينن حسنت من القدرة على اكتساب معلومات جديدة عند نماذج الحيوانات المصابة بمرض الزهايمر. هذه النتائج تفتح أملا جديدا لعلاج مرضى الزهايمر في بداية ظهور الأعراض لتحسين الذاكرة وتأخير ظهور أعراض الخرف، والنتائج بالرغم من أنها أجريت على نماذج من فئران التجارب، إلا أنها مشجعة جدا لأن طريقة ظهور موجات النوم وانتشارها في المخ عند الفئران تشبه بشكل كبير انتشارها في مخ الإنسان.

مشاركة :