تهاوت أسهم شركة "فولكسفاجن" أمس في أعقاب توسع نطاق فضيحة الانبعاثات التي ضربت المجموعة الألمانية لصناعة السيارات. وبحسب "الألمانية"، فقد تراجعت أسهم الشركة بنسبة 2.7 في المائة بعدما انخفضت بنسبة 9.5 في المائة أمس الأول، لتصل إلى 98 يورو (106.42 دولار) في بداية التعاملات في بورصة فرانكفورت. وفقدت أسهم "فولكسفاجن" ثلث قيمتها منذ أن اعترفت في أيلول (سبتمبر) الماضي بتركيب برنامج في عدة سيارات تعمل بالديزل بهدف التلاعب باختبارات الانبعاثات حول العالم. وتتعرض أكبر منتجة سيارات في أوروبا لأكبر فضيحة في تاريخها بعد اعترافها بالتلاعب في نتائج اختبارات معدل عوادم عدة ملايين من السيارات باستخدام برنامج كمبيوتر يقلل كميات العادم الصادرة عن السيارات أثناء الاختبارات مقارنة بالكميات الحقيقية التي تصدر عن السيارة أثناء سيرها على الطرق. وكبدت الفضيحة الشركة مليارات الدولارات وتهددها بمزيد من الخسائر والتكاليف، ما اضطرها إلى تقليص خططها الاستثمارية بمقدار مليار يورو سنويا، وإصدار تحذير لمساهميها من تراجع الأرباح، معلنة تخصيص 6.5 مليار يورو (7.1 مليار دولار) لتمويل عمليات استدعاء ملايين السيارات لعلاج هذا الخلل وتغطية تكاليف التحقيقات التي تجريها السلطات المعنية في المجموعة الألمانية في عديد من دول العالم. وأعلن ماتياس موللر الرئيس الجديد للمجموعة إمكانية بدء برنامج استدعاء السيارات لحذف برنامج التلاعب في معدلات العوادم في كانون الثاني (يناير) المقبل، فيما ألزمت هيئة النقل البري الاتحادية ألمانيا "فولكسفاجن" باستدعاء كل سياراتها التي تعمل بمحرك ديزل (8.5 مليون سيارة في أوروبا و2.4 مليون في ألمانيا) في الوقت الذي كانت الشركة تسعى فيه إلى تطبيق برنامج طوعي لاستدعاء السيارات. ومنيت "فولكسفاجن" بخسائر تشغيلية في الربع الثالث من العام بسبب التكاليف المرتبطة بالفضيحة في أول خسارة في 15 عاما على الأقل، وبلغت الخسائر التشغيلية 3.48 مليار يورو (3.84 مليار دولار) وهو ما ينسجم مع الخسارة التي توقعها محللون في استطلاع عند 3.47 مليار يورو. وقالت "فولكسفاجن"، "إن الأرباح التشغيلية للمجموعة ستكون أقل بكثير عن مستوياتها قبل عام بسبب التكاليف المتعلقة بالفضيحة"، وأبقت المجموعة على توقعاتها بأن تظل تسليمات العام بأكمله عند المستوى القياسي المرتفع الذي بلغته العام الماضي عندما سجلت مبيعات قدرها 10.14 مليون سيارة. واكتشفت "فولكسفاجن" مخالفات في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في 800 ألف سيارة في العالم، مضيفة بذلك فصلا جديدا إلى الفضيحة المدوية التي تم الكشف عنها في منتصف أيلول (سبتمبر). وفي الواقع فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون -المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري- من سيارات من ماركات فولكسفاجن، وسكودا، وأودي، وسيات، ومع محركات تعمل بالديزل والبنزين، أكثر ارتفاعا مما تعد به "فولكسفاجن" زبائنها. وأعطت صحيفة "فرنكفورتر الجمايني تسايتونج"، استنادا إلى وثائق داخلية للأجهزة التي كشفت هذه "المخالفات"، مثالا على ذلك الجولف بلو موشن لـ "فولكسفاجن" التي تصدر في الحقيقة أكثر من مائة جرام من ثاني أكسيد الكربون في الكيلومتر الواحد، بدلا من 90 جراما في الكيلومتر كما تتعهد الشركة المصنعة وكما هو معلن في المواصفات التقنية لهذا النموذج. وتفرض المعايير الأوروبية سقف 130 جراما في الكيلومتر الواحد على أن ينخفض تدريجيا ليصل الى 95 جراما للكيلومتر في أفق عام 2020، وكانت تلك المعايير موضع مفاوضات مكثفة ولا سيما أن ألمانيا ترفض معاقبة الشركات المصنعة للسيارات الكبيرة ووضع قيود ملزمة للغاية. والكذب الجديد الذي اعترفت به "فولكسفاجن" خلافا للغش الذي كشف قبل ستة أسابيع - لا يتعلق ببرامج معلوماتية مغشوشة أو تلاعب آخر، وقد تم اكتشاف هذا الكذب خلال التحقيق الداخلي الجاري لدى المجموعة، حيث وعد ماتياس مولر رئيسها الجديد بإعادة النظر في كل شيء لتسليط الضوء على المخالفات. وفي منتصف أيلول (سبتمبر) اعترفت "فولكسفاجن" التي كشفت أمرها السلطات الأمريكية بأنها جهزت المحرك الذي يعمل بالديزل في 11 مليون سيارة في العالم ببرامج معلوماتية قادرة على إعطاء نتائج مغلوطة عنذ اختبار التلوث، وفي الواقع تصدر السيارات المعنية كميات من أكسيد الآزوت وهو غاز ملوث أكثر بكثير من المفترض. ويفترض سحب جميع هذه السيارات من الأسواق لإصلاح العيب لتعود متطابقة مع المعايير، وهو ما سيكلف "فولكسفاجن" مليارات الدولارات، وفضلا عن ذلك ينبغي للمجموعة أن تتوقع عقوبات كما ستواجه جملة من الدعاوى من قبل زبائن مخدوعين أو مساهمين تكبدوا خسائر مع تدهور الأسهم في البورصة في أعقاب الكشف عن العيوب، ما تسبب في تبخر مليارات اليوروات من الرساميل في البورصة.
مشاركة :