لا يجد ملالي إيران حرجاً في استنساخ تجاربهم في الدول التي يبسطون عليها نفوذهم، عبر الموالين لهم من قادة الأحزاب الطائفية الذين لا يخفون عمالتهم للنظام الإيراني، بل يتفاخرون بالعمل، مساندين للنظام الإيراني بحكم ولائهم للقاعدة المذهبية التي يقدمونها على الانتماء للوطن. رعاية التطرف الطائفي، وتوسيع دائرة الانتماء المذهبي بالدعم المادي والاستخباري للجماعات الطائفية التي تتجاوز كل الضوابط القانونية والإدارية في الدول التي تتواجد فيها، حتى تصبح أقوى من مؤسسات الدولة. هكذا فعلوا في لبنان، وكرروه في العراق وسوريا واليمن، ويسعون لتحقيق ذلك في البحرين، وفي سبيل ذلك لا يتوانى المتعاملون مع ملالي إيران في توظيف واستثمار كل جماعة أو أفراد ينتمون إلى الطائفة والمذهب، حتى ممن يقودون الطائفة من المرجعية أو ممثليها، ويستثمرون أي موقف لهؤلاء المراجع، ولقد وجد ملالي إيران في توسع تنظيم داعش، وتهديده للدولة العراقية الفرصة لإقناع المرجعية الشيعية بإعلان ما يُسمى بـ»الجهاد الكفائي» الذي يستهدف تجييش أبناء المذهب الشيعي، للوقوف في وجه خطر داعش الذي هو من صنع ملالي إيران، إذ كشفت المعلومات أن قادة داعش الذين أطلقهم نظاما بشار الأسد ونوري المالكي، هم من أسس هذا التنظيم اعتماداً على ما تبقى من تنظيمات القاعدة وأنصارهم في سوريا والعراق.. وجاء استيلاء تنظيم داعش على محافظة نينوى وحاضرتها الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق، واجتياح الجزيرة العراقية السورية التي تضم محافظات الأنبار العراقية ودير الزور والرقة السوريتين، بما فيهم من مدن مهمة كالرمادي والفلوجة وعانة والقائم وهيث وراوة، ومن ثم السيطرة على محافظتي ديالى وصلاح الدين، واقتراب مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي من الأماكن التي يقدّسها الشيعة في كربلاء وصدور تهديدات من قِبل قادة داعش باجتياح كربلاء، وهو ما شجّع المرتبطين بالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني إلى مطالبته بإصدار فتوى «الجهاد الكفائي» الذي يسمح للمتطوعين بتكوين كتائب قتالية للتصدي لمقاتلي تنظيم داعش، وقد تلقف قادة المليشيات الطائفية هذه الفتوى، حيث قام هادي العامري قائد فيلق بدر، والمهندس قائد مليشيات كتائب الأنصار، وكتائب حزب الله العراقي هذه، واستثمروها بتحويل مليشياتهم إلى تنظيم عسكري ضم المليشيات الثلاث الكبرى، وسمحوا للمليشيات الطائفية الأخرى بالانضواء تحت لوائهم، مع تقليص وجود المليشيات الأخرى مثل كتائب السلام التابعة لمقتدى الصدر، والأخرى التي تدين بالولاء للمرجع الصرخي، وسرعان ما تحولت المليشيات الطائفية إلى كيان عسكري شبه رسمي تحت مسمى «الحشد الشعبي» الذي يطلق عليه العراقيون خصوصاً من المكونات الأخرى الحشد الشيعي، ووجد هادي العامري والمهندس ضالتهما في القفز إلى الصدارة ومزاحمة رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، فيما أتاح تكوين الحشد الشيعي لنوري المالكي تحريك هذه القوة العسكرية، لصالح طموحاته ولدعم حزبه حزب الدعوة الذي يعمل على أنيكون القوة السياسية الأولى المحركة للشيعة، وبدعم ظاهر من نظام ملالي إيران الذين أوكلوا لقاسم سليماني المندوب السامي الإيراني في العراق قيادة هذه المؤسسة العسكرية المذهبية، وتحويلها إلى جيش عراقي بديل، مثلما فعلوا في إيران من خلال إنشاء وتوسيع الحرس الثوري الإيراني الذي تفوق على الجيش الإيراني، وفي العراق بدأ العمل على جعل الحشد الشيعي جيشاً رديفاً، ومن ثم الانطلاق إلى جعله القوة العسكرية الرئيسة في العراق، والآن يعمل الإيرانيون وبمساعدة المرتبطين بهم إلى تحويل الأموال، ومن الخزينة العراقية إلى الحشد الشيعي وشراء الأسلحة المتطورة، بل وحتى تحويل أسلحة الجيش العراقي سواء المتعاقد عليها، أو حتى الموجودة في مستودعات أسلحة الجيش. المراقبون يُؤكدون أن الحشد الشيعي سيأخذ مكان الجيش العراقي في وقت قريب، وسيكون القوة الرئيسة بعد أن يُهمّش الجيش العراقي لتكون هيمنة مؤيدي ملالي إيران هيمنة تامة من خلال القوة العسكرية، أو الأحزاب الطائفية.
مشاركة :