فضح تعميم سري وزعه وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي على رؤساء التحرير والمديرين التنفيذيين للإعلام المرئي والمسموع في بلاده أمس الأول، أكاذيب الحكومة اللبنانية التي يترأسها نجيب ميقاتي، وكشف الصورة الخادعة التي تحاول تصديرها لدول الخليج في وقت تضمر فيه الشر وتصر على استمرار الإساءة.وفيما انتظر المراقبون للمشهد أن يحث ميقاتي وزيره المسيء على الاستقالة والاعتذار لإثبات حسن النوايا تجاه دول الخليج الغاضبة من تصريحاته الأخيرة التي أساء فيها للسعودية والإمارات على وجه الخصوص وتدخل في شؤون اليمن، حمل التعميم موافقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على مقترح قرداحي بملاحقة كل من ينتقد حزب الله الإرهابي وزعيمه حسن نصرالله وأتباعه في حركة أمل، ومن يحاولون التصدي لمؤامرات الحزب وتجاوزاته في حق الشعب اللبناني. وقال التعميم الذي حصلت «مكة» على نسخة منه، «إن ميقاني وافق على مقترح قرداحي بتفعيل العمل بالفصل السادس من قانون المنشورات والمطبوعات القاضي بمعاقبة من يتعرض بالقدح والذم لرموز الدولة بما من شأنه نشر الفوضى وتفريق وحدة الصف اللبناني، خصوصا في مثل هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها البلاد».وأضاف «عليه فإننا نهيب بكم عدم نشر ما من شأنه المس بكرامة أو التعرض بالذم أو القدح أو التحقير بحق رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو أحد الوزراء وكذلك قادة الطوائف الدينية المختلفة ورجال الدين بما في ذلك قادة الأحزاب السياسية وقادة حركات المقاومة اللبنانية كالأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، أو أحد رموز حزب الله وحركة أمل وغيرها من الفصائل».وفيما منع التعميم بشكل قاطع انتقاد نصرالله ورموز حزب الله وحركة أمل، هدد بأن كل من يتجاوز هذه التعليمات سيتم تحويله للنائب العام الاستئنافي لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقه شخصيا، وبحق المؤسسة الإعلامية الناشرة حسب نظام العقوبات من قانون المنشورات والمطبوعات».ويكشف التعميم القمعي عن رغبة الحكومة اللبنانية بالتصعيد في مواجهة الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج، بتوجيه مباشر من حزب الله الذي يهيمن على مفاصل الدولة اللبنانية، ويمنع الأصوات الأخرى التي تعارضه من الظهور، ولا يسمح لها بالانتقاد أو التنفس.وجاء ذلك بالتواكب مع اعتراف أممي بأن مسؤولي الحكومة اللبنانية ليس لديهم أي شعور بضرورة التحرك العاجل أو العزم اللازم لتحمل مسؤولياتهم إزاء أزمة اقتصادية أدت إلى «إفقار شرس» للمواطنين، حيث قال أوليفييه دي شوتر، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، في مقابلة مع وكالة الأنباء الانجليزية رويترز في ختام مهمة استمرت أسبوعين لدراسة الفقر في لبنان «أنا مندهش جدا من حقيقة أن هذه دولة في طريقها للفشل، إن لم تكن فشلت بالفعل، واحتياجات السكان لم تتم تلبيتها بعد». وتابع «يعيشون في عالم خيالي، وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل البلاد».ماذا يكشف التعميم؟حكومة ميقاتي تفعل في السر بخلاف ما تعلن عنه. هيمنة حزب الله على الحكومة اللبنانية لم تعد خافية. قرداحي بات أقوى من ميقاتي ويستمد قوته من حزب الله وحركة أمل. من يدعون الحرية في لبنان هم أكثر من يمارسون القمع. هناك نوايا شريرة لدى حكومة ميقاتي تجاه كل من يعارض حزب الله. إصرار واضح لدى قادة لبنان على تصعيد الأزمة مع دول الخليج.
مشاركة :