قُتل 4 أشخاص بينهم عالما دين سوريان وجُرح 5 آخرون بانفجار استهدف مقرًا لـ«هيئة علماء القلمون» داخل بلدة عرسال الحدودية بشمال شرقي لبنان. وأفادت مصادر أمنية بأن التفجير ناجم عن عبوة ناسفة وُضعت في دراجة نارية عند مدخل المقر، حيث كان يتجمّع عدد من اللاجئين السوريين لتسوية أوضاعهم، في حين قال مدير مستشفى الرحمة، الدكتور باسم الفارس، إن فرضية تفجير انتحاري نفسه داخل المقر تبقى قائمة، نظرًا لأن إحدى الجثث التي عاينها تحوّلت إلى أشلاء مبعثرة في المكان، خلافًا للقتلى الآخرين الذين تشوّهت جثثهم إلى حد كبير لاحتمال أنهم كانوا قريبين جدا من «الانتحاري المفترض». الفارس أوضح في تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط» أنه أمكن تحديد هوية القتلى الأربعة، وبينهم امرأة، لافتا إلى أنه يتم التدقيق في «انتماء» أحدهم. وأضاف: «أما عدد الجرحى فقد رسا على 5، بينهم رئيس الهيئة الشيخ عثمان منصور». وتهتم «هيئة علماء القلمون» التي تضم مشايخ سوريين نزحوا من منطقتي القصير والقلمون السوريتين بأوضاع اللاجئين السوريين في عرسال، وهي بلدة سنّية كبيرة وسط منطقة البقاع الشمالي ذات الغالبية الشيعية، الذين يزيد عددهم عن 100 ألف، فتعمل على إنجاز معاملات الزواج والطلاق وعلى تأمين مأوى للمحتاجين. كما دخلت الهيئة في وقت سابق على خط أزمة العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى تنظيمي داعش وجبهة النصرة منذ أغسطس (آب) 2014، ولعبت دور الوسيط قبل أن تعود المفاوضات للتوقف كليًا. وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط» إن عددًا من السوريين كانوا موجودين داخل مقر الهيئة، الذي هو أشبه بمستودع تحيط به منازل سكنية في ساحة السبيل عند الطرف الشمالي لعرسال، ينجزون بعض المعاملات بمساعدة عدد من المشايخ عندما دوّى انفجار ما أدّى لسقوطهم ما بين قتيل وجريح. وأظهر مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي وجود أشلاء بشرية كثيرة داخل وخارج مقر الهيئة، حيث تجمهر عدد كبير من اللاجئين الذين سارعوا لإسعاف الجرحى. أبو عمر، وهو أحد المسعفين الذين اهتموا بنقل القتلى والجرحى إلى المستشفيات، أبلغ «الشرق الأوسط» أنّ المسعفين نقلوا 3 جثث لرجلي دين وامرأة إلى مستشفى الرحمة، وجثة أخرى إلى مستشفى ميداني حيث توزع أيضًا 7 جرحى. ومن ناحية ثانية، نفى الشيخ مصطفى الحجيري، أحد مشايخ بلدة عرسال البارزين، لـ«الشرق الأوسط»، المعلومات التي جرى تداولها عن أنه كان موجودًا في مقر الهيئة، لكنه في الواقع غادر قبل دقائق من وقوع الانفجار، موضحا أن التفجير لم يستهدف لقاء لمشايخ، إنما استهدف اجتماعًا دوريًا يحصل مرة أو مرتين أسبوعيا لخدمة اللاجئين السوريين وإتمام معاملاتهم. وأوضح الحجيري أن الهيئة بذلت في وقت سابق جهودًا في موضوع العسكريين المختطفين، وكانت تتواصل مع جبهة النصرة لمنع إعدام المزيد من الجنود، إلا أن كل هذه المساعي توقفت قبل فترة مع تجميد المفاوضات في هذا الملف. وأردف: «هناك أكثر من طرف من مصلحته استهداف المشايخ في الهيئة، وعلى رأسهم النظام السوري وحلفاؤه». ومن جانبه، نبه الشيخ بكر الرفاعي المفتي السني السابق لمحافظة بعلبك، الهرمل، من «آثار سلبية كبيرة» لاستهداف المشايخ، أعضاء الهيئة، لافتًا إلى أنّهم كانوا يلعبون «دورًا إيجابيًا» بتنظيم أمور اللاجئين وضبط حركتهم، كما بملف العسكريين المختطفين. وقال الرفاعي لـ«الشرق الأوسط»: «إن المشايخ الذين استُهدفوا هم من هيئة علماء القلمون والقصير، ومن المعتدلين أصحاب الصوت العاقل، مما يعني أن من سعى لإسكات صوتهم عدو للبنان وسوريا معًا». وباشرت الأجهزة الأمنية اللبنانية تحقيقاتها لتبيان أسباب الانفجار والأطراف التي تقف خلفه. وطلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، من الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات في الجيش، تولي التحقيقات الأولية. وكان أهالي العسكريين المختطفين استكملوا يوم أمس الخميس جولتهم على السفارات المعنية بالملف، فالتقوا السفير التركي الجديد في بيروت تشاتاي أرجيس وحمّلوه رسالة إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تمنوا فيها مساعدتهم بتحرير أبنائهم. وإذ أعرب الأهالي عن أسفهم للانفجار الذي وقع في عرسال واستهدف اجتماع «هيئة علماء القلمون» متمنين ألا يؤثر على مصير العسكريين، نبّهوا إلى أن «ورود أي نبأ سلبي عن مصير أبنائنا هو بمثابة صب الزيت على النار، والنار ستحرق الجميع».
مشاركة :