بدأ زكي خليل وزوجته نجوى محمد، وأطفالهما الأربعة، رحلتهم من ميناء بيريوس اليوناني في 21 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعد أسبوعين من المشاق والمعاناة وصلوا إلى وجهتهم نورا في وسط السويد، يتنازعهم الإرهاق والحماس لبدء حياة جديدة. وقال خليل لدى وصوله إلى السويد مساء أول من أمس الثلاثاء بنبرة يغلب عليها الأمل ودموع الفرح: «بعد سنتين من المعاناة تحقق الأمل الذي كان يبدو أمرا مستحيلا وغير قابل للتصديق.. لقد كان أمر الهروب من سوريا أشبه بمعجزة بالنسبة لي». واستغرق وصول عائلة خليل إلى السويد 14 يوما، مروا خلالها بسبع دول أوروبية وسط ظروف صعبة وطقس بارد وأمطار غزيرة. ولم يكن لديهم في أغلب الأحيان أي ماء أو طعام ساخن، ولذلك أمضوا أياما يعيشون على البسكويت والشوكولاته. لكن رغم كل هذه المعاناة قطع خليل وزوجته نجوى، وابنتهما تورين (6 سنوات) وابناهما آلان (5 سنوات) وسيوان (4 سنوات)، وطفلة رضيعة تدعى هيفن لا يتجاوز عمرها ستة أسابيع، الرحلة من اليونان إلى مقدونيا ثم صربيا، وبعدها إلى كرواتيا وسلوفينيا والنمسا وألمانيا. وخلال هذه الرحلة المضنية عانوا الأمرّين وواجهوا كثيرا من العراقيل، حيث تقطعت بهم السبل في روستوك في ألمانيا لستة أيام، قبل أن يتمكنوا من ركوب عبارة إلى تريليبورج في جنوب السويد. وبهذا الخصوص يقول خليل: «لقد كانت الأيام الأخيرة في روستوك الأصعب لأننا لم نكن نملك أي تصور عن الوقت الذي يمكن أن نمضيه منتظرين... أما في سلوفينيا فقد كنا نتعذب بسبب البرد القارس ولسعات الجوع والعطش.. لكن كانت تحدونا رغبة في المضي قدما. وعندما وصلنا إلى ألمانيا أصبحت الأمور هينة بعض الشيء». وقالت زوجته إنها تشعر بإرهاق شديد، لكنها مبتهجة بالوصول أخيرا إلى السويد، وتابعت بنبرة مبتهجة: «كنت أعتقد أن وصولي إلى السويد أنا وأولادي من سابع المستحيلات، وأنا ما زلت إلى غاية الساعة لا أصدق أننا وصلنا أخيرا إلى السويد». وتابعت نجوى موضحة أن أول شيء تريد القيام به بعد وصولها هو أن تحمم أطفالها جيدا. وتركت أسرة خليل بلدة القامشلي في سوريا عام 2013، وحاولوا تأسيس حياة جديدة لهم في تركيا، وهو ما اتضح أنه أمر صعب بسبب قلة فرص العمل، وصعوبة العثور على سكن لائق أو على مدارس للأطفال. وفي عام 2014 قرر خليل القيام بالرحلة الصعبة إلى أوروبا، على أمل أن تلحق به أسرته بشكل قانوني بعد أن يستقر في السويد، وهو ما فعله في فبراير (شباط) 2014، لكن طلبه رفض في المرة الأولى، وكانت فرصه ضئيلة في دعوى استئناف الطلب، لكن خليل لم يذعن للرفض وفور أن أنجبت زوجته طفلته الرابعة رتب لهم خليل فرصة دخول أوروبا عن طريق قارب مطاطي يديره مهربون. واستقبلت السويد التي يقل عدد سكانها عن عشرة ملايين نسمة مائة ألف لاجئ حتى الآن هذا العام، وتتوقع الحكومة أن يصل العدد إلى 150 ألفا بحلول نهاية العام. وفي بداية الأزمة السورية تقدمت السويد على بقية الدول الأوروبية بإعلان أن جميع اللاجئين السوريين سيحصلون فورا على إقامة دائمة في البلاد، وسيسمح لهم بالعمل، وبجلب أفراد أسرهم للإقامة معهم. وتظهر استطلاعات الرأي أن أغلب السويديين يرحبون باللاجئين، وقد تلقى كثير من الجمعيات الخيرية تبرعات قياسية لمساعدتهم، لكن أقلية متزايدة في البلاد تشعر بالقلق من تدفق اللاجئين، وتقول إنه قد يهدد رخاء الدولة.
مشاركة :