هل كل ما يُنشر صحيح؟؟

  • 11/14/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬لا‭ ‬يمكنُ‭ ‬بحال‭ ‬أن‭ ‬ننكرَ‭ ‬أهميةَ‭ ‬الدورِ‭ ‬الإعلاميِّ‭ ‬الذي‭ ‬تلعبُه‭ ‬وسائلُ‭ ‬التواصلِ‭ ‬الاجتماعيِّ‭ ‬في‭ ‬نقلِ‭ ‬المعلوماتِ‭ ‬والأفكارِ‭ ‬والأخبار،‭ ‬والتي‭ ‬تمثلُ‭ ‬الإعلامَ‭ ‬الحديث‭ ‬حيث‭ ‬تلعبُ‭ ‬دورًا‭ ‬إعلاميًّا‭ ‬مهمًّا‭ ‬موازٍ‭ ‬لدورِ‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدية‭ ‬ولرُبما‭ ‬يكون‭ ‬متقدمًا‭ ‬عليها،‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬علامات‭ ‬تقدمها‭ ‬على‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدي‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬مرغوبة‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية‭ ‬ومتاحة‭ ‬لها‭ ‬بأدوات‭ ‬ميسّرة‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬جهدًا‭ ‬أو‭ ‬عناءً،‭ ‬باعتبار‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬الهواتف‭ ‬النقالة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الألواح‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الذكية‭ ‬المختلفة‭ ‬الملتصقة‭ ‬بالأفراد‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬جزءًا‭ ‬لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنه،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬سهلت‭ ‬الانخراط‭ ‬فيها‭ ‬لفئة‭ ‬كبار‭ ‬السن،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬النادر‭ ‬جدًا‭ ‬ألا‭ ‬يمتلك‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬كبير‭ ‬أو‭ ‬صغير‭ ‬وسيلة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ (‬whatsapp،‭ ‬facebook،twitter،Instagram‭....‬الخ‭).‬ وهو‭ ‬أمرٌ‭ ‬حميد‭ ‬ومواكب‭ ‬للعصر‭ ‬ومستجداته‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬تكنولوجي‭ ‬وحرّية‭ ‬الصحافة‭ ‬ووسائط‭ ‬الإعلام‭ ‬المختلفة‭ ‬كحجر‭ ‬أساسي‭ ‬لكل‭ ‬مجتمع‭ ‬ديمقراطي،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬العصرية‭ ‬تتمتع‭ ‬بمساحة‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬والحرية‭ ‬التي‭ ‬يتيحها‭ ‬لها‭ ‬فضاؤها‭ ‬الافتراضي‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬انتقال‭ ‬المعلومة‭ ‬يسري‭ ‬بنفس‭ ‬مفعول‭ ‬سرعة‭ ‬انتشار‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الهشيم،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬توجد‭ ‬ثمة‭ ‬ضمانات‭ ‬تتعلق‭ ‬بصحة‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة،‭ ‬بخلاف‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬وفق‭ ‬ضوابط‭ ‬وآليات‭ ‬مبنيّة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬من‭ ‬الالتزام‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬المهنة‭ ‬وتحرى‭ ‬الدقة‭ ‬والصحة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شاردة‭ ‬وواردة‭ ‬من‭ ‬أخبارها‭ ‬وبياناتها‭.‬ وقد‭ ‬كانت‭ ‬إشكالية‭ ‬مصداقية‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬التي‭ ‬يتناقلها‭ ‬الأفراد‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬موضوع‭ ‬نقاش‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬إحدى‭ ‬الصديقات‭ ‬إثر‭ ‬تداول‭ ‬أخبار‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬اللقاحات‭ ‬وبعض‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬نسبت‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬انتهى‭ ‬حوارنا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬طلبت‭ ‬مني‭ ‬الكتابة‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬مدى‭ ‬صحة‭ ‬ما‭ ‬نقرأ‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬مجهولة‭ ‬المصدر‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لذا‭ ‬سيكون‭ ‬محور‭ ‬موضوع‭ ‬اليوم‭ ‬مختلفًا‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬سابقيه‭.‬ والأخبار‭ ‬المغلوطة‭ ‬التي‭ ‬ترد‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬وبالأخص‭ (‬الواتساب‭) ‬كثيرة‭ ‬جدًا‭ ‬منها‭ ‬دينية،‭ ‬طبية‭ ‬وأدبية‭ ‬إلخ،‭ ‬ولكن‭ ‬لنتخذ‭ ‬المواضيع‭ ‬التي‭ ‬طرحت‭ ‬خلال‭ ‬اشتداد‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بانتشار‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬مثلا‭ ‬لننطلق‭ ‬منه‭ ‬نحو‭ ‬موضوعنا،‭ ‬فالبحرين‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬وبفضل‭ ‬توجيهات‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬ولجهود‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬والفريق‭ ‬الوطني‭ ‬الطبي‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬جزيل‭ ‬العرفان‭ ‬والامتنان،‭ ‬لأنها‭ ‬أخرجت‭ ‬البحرين‭ ‬سالمة‭ ‬معافاة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬وضربت‭ ‬للأمم‭ ‬مثلا‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬الطارئة‭ ‬بحيث‭ ‬أصبحت‭ ‬التجربة‭ ‬البحرينية‭ ‬أنموذجًا‭ ‬يُحتذى‭ ‬به‭ ‬دوليًّا،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬محور‭ ‬الرسائل‭ ‬والمواضيع‭ ‬التي‭ ‬يتداولها‭ ‬مرتادو‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬والأخبار‭ ‬غير‭ ‬الموثوقة‭ ‬التي‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬إيحاءات‭ ‬سلبية‭ ‬ومخيفة‭ ‬حول‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬ومؤامرات‭ ‬دولية‭ ‬تُحاك‭ ‬ضد‭ ‬البشرية‭...‬،‭ ‬ولا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتلقين‭ ‬يصدقون‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬أخبار‭ ‬ومعلومات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تبصّر،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يُخفى‭ ‬أيضًا‭ ‬أثر‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬تداولها‭ ‬أثناء‭ ‬الجائحة‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬حينها،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬أغلبها‭ ‬عارٍ‭ ‬من‭ ‬الصحة‭ ‬وغير‭ ‬موثوقة‭ ‬وربما‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬من‭ ‬أطلقها‭ ‬طلبًا‭ ‬للشهرة‭ ‬أو‭ ‬لمآربٍ‭ ‬أخرى،‭ ‬ويعلم‭ ‬بذلك‭ ‬فقط‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يمتلكون‭ ‬الوعي‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬الخبر‭ ‬من‭ ‬مصدره‭ ‬الأصلي‭ ‬والذين‭ ‬لا‭ ‬يتبعون‭ ‬أي‭ ‬معلومة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬صحتها‭ ‬بإعمال‭ ‬العقل‭ ‬والمنطق‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭.‬ وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تداولها‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المختلفة،‭ ‬وحجم‭ ‬الشريحة‭ ‬المتلقية‭ ‬لهذه‭ ‬المعلومات،‭ ‬وإلى‭ ‬الأثر‭ ‬الذي‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬ثوابت‭ ‬تؤكد‭ ‬صحتها‭ ‬من‭ ‬عدمها،‭ ‬فإننا‭ ‬نرى‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬مواجهة‭ ‬دفق‭ ‬هذا‭ ‬السيل‭ ‬من‭ ‬المعلومات،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الجوهري‭ ‬منها‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬بالضرر‭ ‬للجمهور،‭ ‬بتشريع‭ ‬يُلزم‭ ‬مرسلها‭ ‬بنسبتها‭ ‬إلى‭ ‬مصدرها‭ ‬الصحيح،‭ ‬شأنها‭ ‬شأن‭ ‬النشر‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدية،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الثابت‭ ‬بأن‭ ‬لكل‭ ‬تشريع‭ ‬قانوني‭ ‬حكمة‭ ‬تشريعية‭ ‬ينطوي‭ ‬عليها‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬الغاية‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬التشريع‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقها‭ ‬والمصلحة‭ ‬التي‭ ‬يبتغيها‭ ‬أو‭ ‬يبتغي‭ ‬حمايتها،‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬العام‭ ‬بعناصره‭ ‬المتعددة‭ (‬الأمن‭ ‬العام‭- ‬الوطني‭-‬،‭ ‬الصحة‭ ‬العامة،‭ ‬السكينة‭ ‬العامة،‭ ‬السلامة‭ ‬العامة‭ ‬والآداب‭ ‬العامة‭) ‬أو‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬وحريات‭ ‬الآخرين،‭ ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬الأخبار‭ ‬مجهولة‭ ‬المصدر‭ ‬والسلبية‭ ‬تُعد‭ ‬سلوكًا‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬إرهاب‭ ‬فكري‭ ‬قد‭ ‬يتسبب‭ ‬للمتلقي‭ ‬بالخوف‭ ‬والقلق‭ ‬والإضرار‭ ‬بصحته‭ ‬النفسية،‭ ‬وهي‭ ‬مصلحة‭ ‬جديرة‭ ‬بالحماية‭ ‬القانونية‭ ‬بتشريع‭ ‬مستقبلي‭ ‬إن‭ ‬اقتضت‭ ‬الحاجة،‭ ‬بعد‭ ‬تجريب‭ ‬فكرة‭ ‬إعمال‭ ‬برامج‭ ‬توعوية‭ ‬مكثفة‭ ‬تتعاون‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬ومنها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التقليدية‭ ‬حول‭ ‬توعية‭ ‬الجمهور‭ ‬بالتحقق‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬الأخبار‭ ‬الجوهرية‭ ‬والمؤثرة‭ ‬التي‭ ‬تنتشر‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أسوة‭ ‬بالجهد‭ ‬المشكورة‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬حينما‭ ‬قامت‭ ‬بتخصيص‭ ‬صفحة‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬الشائعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭.‬ ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يقتضي‭ ‬تدخلا‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬كلّ‭ ‬في‭ ‬مجالها‭ ‬بإصدار‭ ‬تصريحات‭ ‬تؤكد‭ ‬أو‭ ‬تنفي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬لتمنح‭ ‬المتلقي‭ ‬طمأنينة‭ ‬وتخلق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الجمهور‭ ‬والجهة‭ ‬المختصة‭.‬

مشاركة :