تونس - تظاهر بضعة آلاف (حوالي 3500 شخص بحسب مصادر أمنية) من التونسيين اليوم الأحد قرب مبنى البرلمان مطالبين الرئيس قيس سعيد بالعودة عن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو/تموز والتي جمد بموجبه عمل البرلمان ورفع الحصانة عن جميع نوابه والتدابير اللاحقة بمقتضى مراسيم رئاسية وشملت إلغاء معظم بنود دستور 2014. وتحاول القوى المعارضة لإجراءات سعيد تجييش الشارع ضده واصفة تلك الاجراءات بأنها انقلاب على الشرعية وعلى الدستور لكن قراراته تحظى في المقابل بدعم شعبي واسع عبر عن رفضه لمنظومة الحكم السابقة التي قادتها حركة النهضة الإسلامية طيلة 10 سنوات ويتهمها الرئيس التونسي بـ"الفساد" ونهب أموال الدولة وتفقير الشعب والتحالف مع اللوبيات. واشتبك المحتجون لوقت قصير مع قوات الشرطة بعد أن منعتهم من التقدم. وأزال المتظاهرون حواجز حديدية تفصل بينهم وبين قوات مكافحة الشغب، لكنهم تراجعوا لاحقا. وقالت وزارة الداخلية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بفيسبوك إن قوات الأمن أوقفت عددا من الأشخاص وسط المتظاهرين وبحوزتهم أسلحة بيضاء مختلفة الأحجام والأشكال ومن أجل توزيع أموال والاشتباه في مسك واستهلاك مادة مخدرة. وقد تم تقديمهم للنيابة العمومية لاتخاذ الإجراءات العدلية في شأنهم. وأغلق مئات من رجال الشرطة المنطقة التي كان يحتشد فيها آلاف المحتجين للمطالبة بأن يُعيد سعيد عمل البرلمان والحكم الديمقراطي. وربما تشكل المعارضة الصاخبة المتزايدة، إلى جانب أزمة تلوح في الأفق في المالية العامة، اختبارا جديدا لكيفية تعامل سعيد والحكومة الجديدة التي عينها مع الضغوط المحلية وكذلك الدولية. وهتف المحتجون بشعارات مطالبة بالحرية وإنهاء ما وصفوها بـ"الدولة البوليسية"، قائلين "الشعب يريد إسقاط الانقلاب.. حريات دولة البوليس وفات (انتهت).." وذلك أثناء قيامهم بإزالة حواجز كانت تسد الطرق المؤدية إلى مبنى البرلمان في قصر باردو بالعاصمة، مما أدى إلى وقوع الاشتباكات. وقال محتج يدعى فؤاد بن سالم "لن نقبل بديكتاتور جديد... انتهى الخوف منذ 2011... نحن شباب الثورة اطحنا ببن علي ولن نتراجع ولن نقبل أن نكون ضمن نوادي البلدان الديكتاتورية في المنطقة". وقال جوهر بن مبارك، أحد قياديي الاحتجاجات ضد سعيد "نحن نعيش حكم الفرد الواحد والدكتاتورية منذ 25 يوليو... ونحن سنبقى هنا حتى ينتهي الحصار الأمني المفروض على المحتجين". وجمع سعيد كل السلطات تقريبا بين يديه في يوليو/تموز وأوقف عمل البرلمان وأقال الحكومة في خطوة وصفها منتقدوه بانقلاب قبل تعيينه رئيسة وزراء جديدة وإعلان قدرته على الحكم بمراسيم رئاسية. كما أعلن عزمه إطلاق حوار وطني في شكل جديد اقرب لاستفتاء شعبي على النظام السياسي. وقال الرئيس إن الإجراءات التي اتخذها كانت ضرورية لإنهاء الشلل الحكومي بعد سنوات من الخلافات السياسية والركود الاقتصادي. ووعد بدعم الحقوق والحريات التي تم تحقيقها في ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية. وبدا أن تحركاته تحظى بشعبية واسعة إذ تجمع الآلاف من أنصاره في مسيرة لدعمه الشهر الماضي. ومع ذلك، تم اعتقال عدد من الساسة والنواب المجمدين على ذمة تحقيقات في شبهات فساد مالي وإداري. وتعرض المئات للمنع من السفر، بينما يواجه المنصف المرزوقي الرئيس الأسبق الذي يعيش خارج تونس، المحاكمة بسبب هجومه اللفظي على سعيد. وجاء احتجاج اليوم الأحد في أعقاب اشتباكات الأسبوع الماضي بين الشرطة والمحتجين في مدينة عقارب قُتل فيها شخص. وقال عبدالرؤوف بالطبيب وهو مستشار سابق لسعيد "تونس تعيش عزلة دولية اليوم بإغلاق البرلمان والانقلاب... يجب إعادة الديمقراطية"، في هجوم اعتبره البعض ردا على خسارة بالطيب لمنصبه.
مشاركة :