تعكف المملكة عازمة، في ظل الرعاية الملكية الكريمة، لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- لأن تضع اقتصادها المزدهر، ضمن أكبر 15 اقتصاداً في العالم بحلول عام 2030، بعد أن نجحت وبشكل مذهل من تعزيز موطنها كإحدى دول مجموعة العشرين الأقوى اقتصاداً في العالم، عضوة، ورئيسة باستضافة قمة الرياض لمجموعة العشرين لعام 2020، بتميز واحترافية لافتة، وتحتل الترتيب 16 بين دول مجموعة العشرين في إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي للعالم، والمرتبة 13 في التجارة العالمية، والمرتبة 9 بين المجموعة من حيث المساحة، وفي المرتبة 18 من حيث عدد السكان، والمركز الـ3 عالميًا في صناديقها الاستثمارية. وينعم اقتصاد المملكة بمقدرات هائلة بإمكانات غير مسبوقة، إذ يشهد اليوم تحولاً اقتصادياً نوعياً، وهي أكبر اقتصادات الشرق الأوسط وأسرعها نمواً، إذ يتمتع الاقتصاد السعودي بقدرات وإمكانات وبرامج استثمارية ضخمة جعلته واحداً من الاقتصادات الجذابة، معززاً برؤى استراتيجية وطنية مبتكرة لعدة قطاعات مستقلة رئيسة قدمها وتعهد بإنفاذها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية -حفظه الله-، حيث أسس وأطلق سموه استراتيجية الصناعة، واستراتيجية التعدين، واستراتيجية الاستثمار، واستراتيجية الطاقة المرتقبة، من بين استراتيجيات أخرى خلاقة. وترتكز تلك الاستراتيجيات على تنويع مصادر الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد، وتقييد نسبة الصادرات النفطية عند 50 %، بنهاية العقد الجاري، من 16 % قبل الرؤية، والنهوض بالقطاعات الأخرى غير النفطية الواعدة لتمثل نسبة عوائدها 50 % في الاقتصاد السعودي، وتغطي قطاعات شاسعة تشمل الصناعة والتعدين والخدمات اللوجستية والسياحة والبنية التحتية الرقمية والرعاية الصحية، من بين عديد الاستثمارات الأخرى الجديدة غير المسبوقة والتي ساهمت بخلق اقتصادات جديدة. مما حول المملكة وصحراءها الشاسعة لمناطق عمل وإنتاج، ومدن اقتصادية جديدة مكملة للصناعة والطاقة والتعدين، من بينها مدن ومجمعات الطاقة المتجددة الأكثر نشاطاً واستثماراً، وأبرزها مدينة نيوم الذكية بالطاقة المتجددة التي ستعم أرجاءها، إذ ستعتمد على الهيدروجين الأخضر الذي ستنتجه بأكبر مصنع في العالم للهيدروجين، وتستخدمه كوقود للنقل عوضاً عن البنزين، في واحدة من أندر وأنقى وأذكى وأجمل بيئات العالم الصناعية النظيفة. فيما المخطط أن تصل المملكة في عام 2030 إلى نسبة 50 % من إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة، ومنها إطلاق أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم، الذي سيكون الأقل كلفة للكيلو واط، وستتوسع المملكة أيضاً في استخدام طاقة الرياح لإنتاج الكهرباء. الأمن الدوائي والغذائي فيما كان النجاح الاقتصادي المدوي للمملكة في تحقق الأمن الطبي والدوائي والغذائي في الوقت معاً، إلى جانب أمن الطاقة والتي تكشفت مخرجاتها جلياً للعالم إبان الجائحة. في وقت تزامنت جائحة كورونا التي أصابت الاقتصاد العالمي بالشلل، مع رئاسة المملكة لمجموعة العشرين للعام 2020، ورغم ذلك، نجحت المملكة بكل كفاءة واقتدار في قيادة دفة القمة، نتيجة للقرارات والمبادرات التي أطلقتها القيادة الحكيمة -حفظها الله- التي جعلتها تقود العالم نحو التعافي الاقتصادي من تداعيات الجائحة. وظهرت مدى قوة الاقتصاد السعودي بعد صموده في أزمة كورونا، حيث قل تأثر المملكة بفضل قوة الإمدادات والرعاية والمخزونات والاحترازات المشددة التي أظهرت هيمنة المملكة في قمة العالم بلغة الأرقام التي لا تجامل. وبرزت مبادرات تحفيز الاقتصاد ودعم القطاع الخاص داخل المملكة التي أسهمت في سرعة استجابة الاقتصاد المحلي لتحدي الجائحة، ففي النصف الأول من العام 2021 سجل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي نمواً قدره 5.4 %، مدعوماً بنمو الناتج المحلي للقطاع الخاص الذي سجل نموًا قدره 7.5 % في النصف الأول من العام متجاوزاً مستويات ما قبل الجائحة. حيث يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد السعودي بنحو 2.8 % في 2021. وشاهد العالم مدى المرونة التي يتسم بها الاقتصاد السعودي، واعتبر من أسرع الاقتصادات التي تعافت من تداعيات الجائحة وفقاً للمؤشرات الدولية، حيث احتلت المملكة المرتبة الثانية عالمياً متساوية مع الصين في مؤشر نيكاي الياباني للتعافي من جائحة كوفيد 19 من بين 121 دولة، والمرتبة 13 من بين 184 دولة في مؤشر كوفيد العالمي "جي سي أي" الذي تتبناه منظمة الصحة العالمية، كما أشارت التقارير لاستقرار ظروف العمل مع بداية النصف الثاني من 2021، وتحسن مؤشرات الطلبات الجديدة في الإنتاج والتوظيف ومخزون المشتريات، واستمرار تحقيق الميزان التجاري السعودي فائضاً خلال يونيو 2021، وبلغ قدره 38.69 مليار ريال، الذي يعد الأعلى في 17 شهراً، وبذلك يرتفع منذ بداية العام إلى 170.7 مليار ريال، كما تشير نتائج تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لإجمالي العام 2020م إلى نموه بنحو 20 %. وتفخر المملكة بتحقيقها نجاحات اقتصادية على الصعيد العالمي بالتطور الكبير في المنظومة التشريعية بإصدار أكثر من 770 إصلاحاً كان لها الأثر البالغ في تحسين تنافسية بيئة الأعمال والبيئة الاستثمارية للمملكة، مما أسهم في تقدم المملكة من المرتبة 26 إلى المرتبة الـ24 في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2020، كما تقدمت المملكة في تقرير "المرأة، أنشطة الأعمال والقانون، 2021"، من 70.6 درجة من أصل 100 درجة في 2020 إلى 80 درجة في عام 2021، حيث بلغت نسب توظيف المرأة السعودية في القطاع الخاص نمواً بنسبة 31.3 %، وقفزت في القطاع الحكومي 41 %. كما أحرزت السوق المالية السعودية "تداول" تقدماً مطرداً لتصبح واحدة من أكبر 10 أسواق مالية حول العالم، وتقدمت المملكة إلى المرتبة 12 في مؤشر توفّر رأس المال الجريء، والمركز الثالث عالميًّا في مؤشر حماية أقلية المستثمرين، والأول في التنافسية الرقمية على مستوى مجموعة العشرين، والأول في سرعة الإنترنت على الجيل الخامس، فيما يواصل القطاع الخاص السعودي دوره وأداءه القوي باعتباره الشريك الاستراتيجي الفعال في عملية تحقيق التنمية الشاملة وتنفيذ تطلعات وأهداف رؤية المملكة 2030. ويعزى ذلك للنمو القياسي الذي حققه القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 11.1 %، وهو النمو الأفضل له منذ عقد، حيث شهد القطاع الخاص الوطني تطوراً كبيراً في بيئة عمله وزيادة كبيرة في مشروعاته الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، إضافة إلى ارتفاع إسهام صندوق الاستثمارات العامة في تعزيز إسهام القطاع الخاص الوطني عبر إطلاق سلسلة من المشروعات العملاقة، مثل: إنشاء مدينة نيوم وإطلاق ذا لاين، وبدء تأسيس مشروعات عملاقة، مثل: آمالا، والبحر الأحمر، والقدية، وتأسيس العديد من الشركات العملاقة لتنمية قطاعات اقتصادية تسهم في توسيع وتنويع القاعدة الاقتصادية، وإطلاق قطاعات واعدة، مثل: السياحة والترفيه والرياضة والطاقة، فضلاً عن برامج الدعم الكبيرة التي أطلقتها الدولة مع الرؤية لتحفيز نمو القطاع، التي من بينها برنامج تحفيز القطاع الخاص وتخصيص 200 مليار ريال لدعم القطاع الخاص بجانب دعم القطاع خلال فترة الجائحة. وتتمحور الاستراتيجية الوطنية للاستثمار حول تمكين المُستثمرين، وإتاحة الفرص الاستثمارية، وتوفير الحلول التمويلية، وتعزيز التنافسية، وتُسهم في زيادة فاعلية الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص. فيما يُشكّل الاستثمار عنصراً جوهرياً ومحورياً في منظومة النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، إذ سيتم ضخ استثمارات تفوق 12 تريليون ريال في الاقتصاد المحلي حتى العام 2030م (5 تريليونات ريال من مبادرات ومشاريع برنامج "شريك"، و3 تريليونات ريال من صندوق الاستثمارات العامة مخصصة للاستمارات المحلية، و4 تريليونات ريال من استثمارات الشركات الوطنية والعالمية المتنوعة، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار)، وسيحظى الاقتصاد بضخ نحو 10 تريليونات ريال أخرى من الإنفاق الحكومي من خلال الميزانية العامة للدولة خلال السنوات العشر المقبلة، و5 تريليونات ريال أخرى من الإنفاق الاستهلاكي الخاص للفترة نفسها، ليشكل إجمالي هذا الإنفاق ما يقارب 27 تريليون ريال حتى العام 2030 (أي ما يعادل 7 تريليونات دولار). وتهدف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار إلى رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال سنوياً، وزيادة الاستثمار المحلي ليصل إلى نحو 1.7 تريليون ريال سنوياً بحلول عام 2030م، ومن المتوقع ارتفاع نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 22 % في عام 2019م إلى 30 % في عام 2030م. وأعلنت الهيئة العامة للإحصاء بأنه وفقاً للتقديرات السريعة التي قامت بها الهيئة فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة العربية السعودية نموا بنسبة 6.8 % في الربع الثالث من عام 2021م مقارنة بالربع الثالث من عام 2020، ويعود هذا النمو الإيجابي إلى الارتفاع الذي حققته الأنشطة النفطية بنسبة قدرها 9.0 % نتيجة زيادة الطلب العالمي على النفط الخام ومعاودة المملكة رفع انتاجها في عام 2021، تليها الأنشطة غير النفطية بنسبة 6.2 %، كما حققت الأنشطة الحكومية ارتفاعا قدره 2.7 %. تعزيز الاقتصاد العالمي فيما عززت الرعاية الملكية الدور الريادي المهم والمؤثر الذي تلعبه المملكة في الجهود الدولية الرامية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، كما تؤدي دورًا مهمًا في صياغة نظام اقتصادي عالمي يسهم في تحقيق هدف المجموعة المتمثل في تشجيع النمو القوي والمتوازن المستدام، في إطار المحافظة على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. وحرصت المملكة بمبادراتها التي تم إطلاقها، على الحد من الآثار السلبية الهائلة على اقتصادات الدول النامية والفقيرة بإقرار برنامج لدعم الجهود العالمية بهذا الصدد بما قيمته 21 مليار دولار، والموافقة على اتخاذ تدابير استثنائية لدعم اقتصادات الدول النامية من خلال ضخ ما يزيد على 11 تريليون دولار لدعم الأفراد والشركات، إضافة إلى توسعة شبكات الحماية الاجتماعية. كما تقوم المملكة بدور قيادي في تحقيق الاستقرار للاقتصاد العالمي بنجاحها اللافت في تأسيس وقيادة أكبر تجمع عالمي نفطي في تاريخ الصناعة، تحالف أوبك+ برئاسة واستضافة المملكة في اجتماعات شهرية، ويضم منظمة الدول المنتجة للنفط، أوبك، وشركائها من الدول الأخرى المنتجة الرئيسة بقيادة روسيا، حيث نجح التحالف، بعدد 23 دولة، يشكل إنتاجهم 50 % من إجمالي الإنتاج العالمي للنفط الخام، في إعادة الاستقرار لأسواق الطاقة العالمية، بعد الاتفاق على أكبر خفض إنتاجي دولي مشترك في تاريخ النفط بكبح إنتاج 10 ملايين برميل في اليوم على مدى شهري مايو ويونيو العام الماضي، مقسمة بين الدول وفق نسب وتناسب مع خطوط الإنتاج المرجعية المختلفة للدول، فيما تزعمت المملكة وروسيا أكبر خطوط الإنتاج المرجعية بطاقة 11.500 مليون برميل يوميا لكل منهما، ما منح التحالف قوة مهيمنة في استتباب الأمن والرخاء لأسواق النفط، بما تلاها من خفض متدرج وفق تطورات الأسواق، مما أكسبت في تعزيز الاقتصاد العالمي.
مشاركة :