كشفت دراسة حديثة أن متلازمة تكيّس المبايض لدى النساء تزيد من احتمالات إصابتهن بمرض السكري. الإشكالية تكمن في أن هذا الاضطراب الشائع، غالباً ما يُشخَّص بعد فوات الأوان. ينصح المختصون بضرورة تشخيص متلازمة تكيّس المبايض في سن مبكرة في دراسة نشرت نتائجها مؤخراً في مجلة "ديابيتس كير"، توصل باحثوث من جامعة برمنغهام البريطانية أن متلازمة تكيّس المبايض تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري ، وجاء في النص المنشور أن "لدى النساء اللواتي يعانين متلازمة تكيّس المبايض احتمالاً أكبر بمرتين للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني أو بحالة ما قبل السكري". واعتمدت الدراسة على مراجعة بأثر رجعي لبيانات عشرات الآلاف من المريضات البريطانيات، لتؤكد وجود "صلة راسخة" كانت معروفة اصلاً بين مرض السكري وبين هذه المتلازمة. وتُعتبر متلازمة تكيّس المبايض من أكثر الاضطرابات شيوعاً عند النساء في سنّ الإنجاب، وتصيب نحو 10 بالمائة منهن، ولو أن التقديرات تختلف. وهذا الاضطراب المرتبط بارتفاع إنتاج هرمونات الذكورة، يؤدي قبل كل شيء إلى اضطراب في الإباضة، وتالياً الى عدم انتظام الدورات الشهرية مما يتسبب بصعوبات في الإنجاب، وهو أحد الأسباب الرئيسية للعقم عند النساء. الخصوبة وأشياء أخرى آثار هذه المتلازمة لا تقتصر على مشاكل الخصوبة فحسب. فغالباً ما يكون تفاعل المريضات ضعيفاً مع الأنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم مستوى السكر في الدم. وتعزز هذه المقاومة بشكل مباشر احتمالات ظهور مرض السكري من النوع الثاني، وهو الأكثر شيوعاً. هذا المرض الذي يظهر عادة بعد سن الأربعين، ناتج في الواقع عن مقاومة الجسم للأنسولين. ومن غير الواضح حتى الآن ما هي الآليات التي تربط بين متلازمة تكيّس المبايض ومقاومة الأنسولين. ومن بين التفسيرات المحتملة، أن المصابات في غالب الأحيان يعانين زيادة في الوزن، مما يؤدي إلى تعزيز مقاومة الأنسولين والإصابة في وقت لاحق بمرض السكري. ويمكن ربط زيادة الوزن هذه بسوء تنظيم الشهية بسبب خلل آخر في الأنسولين غالباً ما يسجّل لدى المصابات بمتلازمة تكيس المبايض، ويتمثل في فرز الأنسولين بكمية تفوق المعدل الطبيعي . وينبّه اختصاصي الغدد الصماء ميشال بوجا في حديث لوكالة فرانس برس إلى أن خطر الإصابة بالسكري "لا يوفّر حتى لصاحبات الوزن الطبيعي". من منظور أوسع، ثمة ترابط وثيق بين إنتاج الأنسولين وهرمونات الذكورة. ويشكّل هذا المسار البحثي تفسيراً جيداً للروابط بين متلازمة تكيّس المبايض ومرض السكري، ومع ذلك يبقى ضرورياً تحديد أسباب ذلك وآثاره. ما علاقة حبوب منع الحمل؟ حسب دراسة مجلة "ديابيتيس كير"، كان مرض السكري أقل شيوعاً لدى المريضات اللواتي تناولن النوع الرئيسي من حبوب منع الحمل، الحبة المركبة. وأوضحت الباحثة المشاركة في الدراسة، فيبكيه أرلت، أنه "للمرة الأولى" هناك "ربما علاج ممكن" لمنع ظهور داء السكري لدى هؤلاء المصابات باضطراب تكيّس المبايض. ولا تزال هذه الملاحظة مجرد فرضية تم التوصل إليها بعد مراقبة العيّنة المشمولة بالدراسة، وينبغي تأكيدها من خلال التجارب السريرية خاصة وأن الفارق ليس كبيراً. فالإصابات بمرض السكري أو بحالة ما قبل السكري أقلّ بمقدار الربع فحسب عند المريضات اللواتي تناولن هذا النوع من الحبوب. وبالنسبة لميشال بوجا في حديثه للفرنسية فإنّ أهمّ ما وفرته هذه الدراسة هو إظهارها أن حبوب منع الحمل ليس لها تأثير معاكس، بحيث لا تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري لدى المريضات. وهذه في ذاتها معلومات مهمة، اذ أن هذه الحبوب تستخدم عادةً لعلاج الاعراض الأخرى لهذه المتلازمة ، ومنها حبّ الشباب الشديد. الوقاية خير من العلاج ولكن بالنسبة إلى مرض السكري نفسه ، يعتبر اختصاصي الغدد الصماء أن من الضروري خصوصاً تشخيص متلازمة تكيّس المبايض في سن مبكرة، اعتباراً من مرحلة المراهقة. وبالتالي يمكن حضّ المريضات بسرعة على اتباع عادات صحية كالتمارين البدنية والنظام الغذائي المتوازن، للحد من خطر الإصابة بمرض السكري. إلا أن اكتشاف المتلازمة يحصل في معظم الاحيان في مرحلة متأخرة من حياة المرأة، عادة عند وجود صعوبات في إنجاب طفل. ويتحسر بوجا لذلك قائلاً إن "الوقاية المبكرة من خطر (مرض السكري) غير متوافرة في الوقت الراهن". و.ب/خ.س (أ ف ب)
مشاركة :