أبعاد الجدل السـيـاسي والـقـانونـي في بريطانيا حول تمديد أحكام الـسـجـن فـي قضايا الإرهاب

  • 11/16/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أعاد‭ ‬حادث‭ ‬القتل‭ ‬المأساوي‭ ‬للنائب‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬أميس‮»‬‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021‭ ‬إلى‭ ‬ذاكرة‭ ‬البريطانيين‭ ‬المخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬المترتبة‭ ‬عن‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬المتهمين‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الإرهاب‭ ‬مع‭ ‬احتمالات‭ ‬عودتهم‭ ‬إلى‭ ‬القيام‭ ‬بعمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬من‭ ‬جديد‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك،‭ ‬تظل‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬تبذلها‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬والنظام‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬أمنيا‭ ‬شديدا‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬قصوى،‭ ‬وجزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬هو‭ ‬الأحكام‭ ‬الصادرة‭ ‬بحق‭ ‬المدانين‭ ‬بالجرائم‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬وذلك‭ ‬لمنعهم‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬مناسب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المفاجئ‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬المسألة‭ ‬خلافًا‭ ‬غالبًا‭ ‬بين‭ ‬واضعي‭ ‬السياسات‭ ‬والمهنيين‭ ‬القانونيين‭ ‬وخبراء‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭.‬ وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬نوقش‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬القانونية‭ ‬والسياسية‭ ‬تمديد‭ ‬حكومة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬للحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬مدة‭ ‬السجن‭ ‬القانونية‭ ‬اللازمة‭ ‬لأولئك‭ ‬المدانين‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬الإرهاب‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬عامًا،‭ ‬وذلك‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬قانونها‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬وإصدار‭ ‬الأحكام‭. ‬ورغم‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬عالميًّا‭ ‬أن‭ ‬تشريعات‭ ‬الإرهاب‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تحديث،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأحكام‭ ‬السجن‭ ‬وجهود‭ ‬مكافحة‭ ‬التطرف،‭ ‬فإن‭ ‬الطريقة‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية‭ ‬لمنع‭ ‬احتمالية‭ ‬ارتكاب‭ ‬الإرهابيين‭ ‬والمتطرفين‭ ‬المدانين‭ ‬جرائم‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحهم‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬محل‭ ‬خلاف‭.‬ وبدأت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬عملية‭ ‬إصلاح‭ ‬قانوني‭ ‬لعقوبات‭ ‬السجن‭ ‬الرادعة‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬بحق‭ ‬المدانين‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬بهدف‭ ‬منح‭ ‬سلطات‭ ‬أكبر‭ ‬للقضاة‭ ‬في‭ ‬إصدار‭ ‬عقوبات‭ ‬أشد‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭. ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬هجومين‭ ‬إرهابيين‭ ‬كبيرين‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬هجوم‭ ‬‮«‬فيشمونغرز‭ ‬هول‮»‬‭ ‬الإرهابي‭ ‬الذي‭ ‬نفذه‭ ‬عثمان‭ ‬خان‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2019‭. ‬وهجوم‭ ‬الطعن‭ ‬الإرهابي‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬سوديش‭ ‬أمان‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2020‭. ‬في‭ ‬ستريتهام،‭ ‬جنوب‭ ‬لندن،‭ ‬ودخل‭ ‬القانون‭ ‬الجديد‭ ‬للعقوبات‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2021‭. ‬ ‭ ‬ينص‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬السجن‭ ‬مدة‭ ‬14‭ ‬عامًا‭ ‬للمدانين‭ ‬بأخطر‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬مراقبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬عامًا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن،‭ ‬منع‭ ‬الإفراج‭ ‬المبكر‭ ‬عن‭ ‬مرتكبي‭ ‬جرائم‭ ‬الإرهاب،‭ ‬كما‭ ‬يواجه‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يسافرون‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬لمناطق‭ ‬الحرب‭ - ‬على‭ ‬نهج‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭- ‬عقوبة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬14‭ ‬عامًا،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يمنح‭ ‬القانون‭ ‬القضاة‭ ‬سلطة‭ ‬مد‭ ‬أي‭ ‬حكم‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬لأي‭ ‬جريمة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬‮«‬صلة‭ ‬إرهابية‮»‬‭.‬ وأكدت‭ ‬وزيرة‭ ‬الداخلية‭ ‬البريطانية،‭ ‬بريتي‭ ‬باتيل،‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬وُصف‭ ‬بأنه‭ ‬أكبر‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬قوانين‭ ‬أحكام‭ ‬ومراقبة‭ ‬الإرهاب‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬سيحافظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬العامة‭. ‬وأعاد‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬دومينيك‭ ‬راب‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021‭. ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬المبادئ‭ ‬التوجيهية‭ ‬للأحكام‭ ‬الجديدة‭ ‬سترسل‭ ‬رسالة‭ ‬قوية‭ ‬إلى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬‮«‬يقتلون‭ ‬ويشوهون‭ ‬باسم‭ ‬الآيديولوجيات‭ ‬المتطرفة‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬مجلس‭ ‬إصدار‭ ‬الأحكام‭ ‬في‭ ‬إنجلترا‭ ‬وويلز،‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬اتباع‭ ‬نهج‭ ‬متسق‭ ‬بشأن‭ ‬نظام‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬أنه‭ ‬سيقدم‭ ‬المشورة‭ ‬للقضاة‭ ‬بتنفيذ‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬القانوني‭ ‬لعقوبة‭ ‬السجن‭ ‬مدة‭ ‬14‭ ‬عامًا‭ ‬بحق‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬تلق‭ ‬تلك‭ ‬التغييرات‭ ‬ترحيبًا‭ ‬من‭ ‬الجميع‭. ‬ونبعت‭ ‬معارضة‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والخبراء‭ ‬الأمنيين‭ ‬والسياسيين‭ ‬لهذه‭ ‬الإصلاحات‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬مرنة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لاستيعاب‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬خطورة‭ ‬القضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بها؛‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬احتفاظ‭ ‬المتطرف‭ ‬المدان‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬إرهابية‭ ‬بإيمانه‭ ‬بنفس‭ ‬الآراء‭ ‬المتطرفة‭ ‬طيلة‭ ‬فترة‭ ‬عقوبته،‭ ‬ثم‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬وجود‭ ‬خطر‭ ‬ارتكابه‭ ‬هجمات‭ ‬أخرى‭.‬ واعترض‭ ‬جوناثان‭ ‬هول‭ ‬كيو‭ ‬سي،‭ ‬المراجع‭ ‬المستقل‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬الإرهاب،‭ ‬موضحًا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬‮«‬دليل‮»‬‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬عقوبات‭ ‬السجن‭ ‬لمدد‭ ‬أطول‭ ‬ستردع‭ ‬الإرهابيين‭ ‬المحتملين‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬للهجمات‮»‬،‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬الإرهابيون‭ ‬الذين‭ ‬أزهقوا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأرواح؛‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يردعهم‭ ‬السجن‭ ‬مدة‭ ‬14‭ ‬عامًا‮»‬‭. ‬واختتم‭ ‬ملاحظاته‭ ‬بذكر‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يوفر‭ ‬‮«‬ظرفًا‭ ‬مُعيقًا‮»‬،‭ ‬ويؤخر‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬يشكله‭ ‬المتطرفون‭ ‬من‭ ‬خطر،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬إزالته‭ ‬تمامًا‭.‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النقد،‭ ‬استشهد‭ ‬ديفيد‭ ‬لامي،‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الظل‭ ‬بأدلة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية‭ ‬‮«‬تفاقمت‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬أحكام‭ ‬السجن‭ ‬الثابتة،‭ ‬وعلق‭ ‬قائلا‭ ‬‮«‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬تذكر‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬الإرهابيين‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سيُطلق‭ ‬سراحهم‭ ‬بعد‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬‮«‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬فيه‭ ‬ملتزمين‭ ‬باعتناق‭ ‬آيديولوجيتهم‭ ‬المتطرفة،‭ ‬وما‭ ‬زالوا‭ ‬مُصممين‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬الفوضى‮»‬‭.‬ ومن‭ ‬منظور‭ ‬شرطي،‭ ‬دعا‭ ‬السير‭ ‬مارك‭ ‬رولي،‭ ‬رئيس‭ ‬شرطة‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2014‭ ‬و2018‭. ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬عقوبات‭ ‬غير‭ ‬محددة‭ ‬لمرتكبي‭ ‬جرائم‭ ‬الإرهاب‭. ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬سيعني‭ ‬عدم‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬المُدانين‭ ‬بجرائم‭ ‬تتعلق‭ ‬بالإرهاب‭ ‬حتى‭ ‬يعتبرهم‭ ‬مجلس‭ ‬الإفراج‭ ‬المشروط‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬البريطانية‭ ‬أشخاصا‭ ‬آمنين‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭. ‬ومن‭ ‬ثَمً،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬مناقشة‭ ‬احتمال‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬شخص‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬خطيرًا‭ ‬من‭ ‬السجن‭. ‬وتبريرًا‭ ‬لموقفه‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬قانوني،‭ ‬صرح‭ ‬رولي‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬منع‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يُقبض‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬تكرار‭ ‬جرائمهم‭ ‬عند‭ ‬مغادرتهم‭ ‬السجن‭ ‬يتطلب‭ ‬نظامًا‭ ‬قضائيًّا‭ ‬يفهم‭ ‬أن‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تحركهم‭ ‬آيديولوجيا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬مثل‭ ‬الجرائم‭ ‬التقليدية‮»‬‭.‬ ومن‭ ‬خلال‭ ‬اعتراف‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬الأثر‭ ‬المنصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬وإصدار‭ ‬الأحكام،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الأحكام‭ ‬الأطول‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمنح‭ ‬المتطرفين‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬برامج‭ ‬مكافحة‭ ‬التطرف،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأحكام‭ ‬تخاطر‭ ‬بـ«قيام‭ ‬الجناة‭ ‬بإشباع‭ ‬الآخرين‭ ‬بالأفكار‭ ‬المتطرفة‭ ‬طيلة‭ ‬فترة‭ ‬مكوثهم‭ ‬في‭ ‬الحجز‮»‬‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬وافقت‭ ‬وثيقة‭ ‬سياسات‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬ووزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬أدلة‭ ‬محدودة‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬تأثير‭ ‬فترات‭ ‬السجن‭ ‬الأطول‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الإجرام‮»‬‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالجرائم‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬الجائز‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تطبيق‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬مدة‭ ‬الحبس‭ ‬مدة‭ ‬14‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬أخطر‭ ‬المجرمين‭ ‬الإرهابيين‭ ‬خطورة؛‭ ‬بمثابة‭ ‬رادع‭ ‬لمرتكبي‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية‭ ‬المحتملين‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬‮«‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬دليل‭ ‬قائم‭ ‬حاليًا‭ ‬يدعم‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التقييم‮»‬‭.‬ تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬فرض‭ ‬الأحكام‭ ‬والعقوبات‭ ‬الأكثر‭ ‬صرامة‭ ‬لها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السوابق،‭ ‬فقد‭ ‬حُكم‭ ‬على‭ ‬عضو‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬‮«‬محسن‭ ‬تشودري‮»‬‭ ‬بالسجن‭ ‬25‭ ‬عامًا‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بعد‭ ‬قيامه‭ ‬بالتخطيط‭ ‬لشن‭ ‬هجوم‭ ‬إرهابي‭ ‬في‭ ‬لندن،‭ ‬بينما‭ ‬تم‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬البريطانية‭ ‬المتحولة‭ ‬إلى‭ ‬الإسلام‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أدت‭ ‬الولاء‭ ‬لـداعش‭ ‬‮«‬صفية‭ ‬الشيخ‮»‬‭ ‬بالسجن‭ ‬مدة‭ ‬أربعة‭ ‬عشر‭ ‬عامًا‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بتهمة‭ ‬التآمر‭ ‬لتفجير‭ ‬كاتدرائية‭ ‬القديس‭ ‬بولس‭ ‬بإنجلترا‭. ‬ وحينما‭ ‬يتركز‭ ‬النقاش‭ ‬على‭ ‬إجراءات‭ ‬إصدار‭ ‬الأحكام‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتخذها‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإدانة‭ ‬أولئك‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬متعلقة‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يصرف‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الانتباه‭ ‬عن‭ ‬المشكلة‭ ‬الجوهرية،‭ ‬وهي‭ ‬معالجة‭ ‬الإخفاقات‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬انتشار‭ ‬ظاهرة‭ ‬التطرف‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يقبعون‭ ‬داخل‭ ‬السجون‭ ‬البريطانية‭.‬ في‭ ‬الواقع،‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬نوفمبر‭ ‬2021‭. ‬أشار‭ ‬تقرير‭ ‬للقاضي‭ ‬مارك‭ ‬لوكرافت،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬كبير‭ ‬المحققين‭ ‬الشرعيين‭ ‬وهو‭ ‬الآن‭ ‬أكبر‭ ‬قاض‭ ‬جنائي‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬‮«‬أولد‭ ‬بيلي‮»‬‭ ‬الجنائية‭ ‬بلندن‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مسائل‭ ‬مثيرة‭ ‬للقلق‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬إجراءات‭ ‬وأحكام‭ ‬السجن‭ ‬الصادرة‭ ‬بحق‭ ‬مرتكبي‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وأنه‭ ‬في‭ ‬رأيه،‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬مخاطر‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬وقوع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬لمعالجة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القضايا‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬حذر‭ ‬القاضي‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬‮«‬التنفيذ‭ ‬الخاطئ‮»‬‭ ‬لبرامج‭ ‬مكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬وخطورة‭ ‬‮«‬وضع‭ ‬الإرهابيين‭ ‬على‭ ‬اتصال‭ ‬وثيق‭ ‬ومستمر‭ ‬مع‭ ‬‮«‬صغار‮»‬‭ ‬وراء‭ ‬القضبان‭.‬ وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬دوره‭ ‬الرقابي‭ ‬المستقل،‭ ‬يقوم‭ ‬المراجع‭ ‬المستقل‭ ‬لتشريعات‭ ‬الإرهاب،‭ ‬جوناثان‭ ‬هول،‭ ‬أيضًا‭ ‬بمراجعة‭ ‬مدى‭ ‬ملاءمة‭ ‬البرامج‭ ‬المعنية‭ ‬بمعالجة‭ ‬انتشار‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية‭ ‬وأعمال‭ ‬التطرف‭ ‬للنزلاء‭ ‬داخل‭ ‬السجون‭ ‬البريطانية‭. ‬ولعل‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬القاضي‭ ‬لوكرافت،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2021‭. ‬تتفق‭ ‬مع‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬هول‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬نجاح‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬برامجها‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬وفك‭ ‬ارتباط‭ ‬النزلاء‭ ‬بالتطرف‭ ‬وأيدلوجيته‭ ‬المتشددة،‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬يعانون‭ ‬مما‭ ‬أسماه‭ ‬‮«‬السلوك‭ ‬التخريبي‭ ‬المتعمد‮»‬‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬مخاطر‭ ‬أخرى‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمكافحة‭ ‬الإرهاب‭. ‬ففي‭ ‬سبتمبر‭ ‬2021‭. ‬كشف‭ ‬جهاز‭ ‬المخابرات‭ ‬الداخلية‭ ‬البريطانية‭ (‬إم‭ ‬آي‭ ‬5‭) ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬إحباط‭ ‬31‭ ‬مؤامرة‭ ‬إرهابية‭ ‬‮«‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬لها‮»‬‭ ‬بالمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬السابقة،‭ ‬وارتبط‭ ‬‮«‬عدد‭ ‬متزايد‮»‬‭ ‬منها‭ ‬بالجماعات‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭.‬ كما‭ ‬أن‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لمكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬قد‭ ‬تعقدت‭ ‬أيضًا‭ ‬بسبب‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬البرامج‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬أثناء‭ ‬انتشار‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬صرح‭ ‬الباحث‭ ‬جاكوب‭ ‬ديفي،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ (‬ISD‭) ‬ومقره‭ ‬لندن‭ ‬بأنه‭ ‬يظهر‭ ‬‮«‬انتشارًا‭ ‬للأنشطة‭ ‬الضارة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬والمثيرة‭ ‬للقلق‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬أنه‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬أدلة‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬المحتوى‭ ‬الإلكتروني‭ ‬المتعلق‭ ‬بتناول‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬التطرف‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬الإغلاق‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬وحدة‭ ‬الإحالة‭ ‬الداخلية‭ ‬لمكافحة‭ ‬جرائم‭ ‬الإرهاب‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬والتابعة‭ ‬للشرطة‭ ‬البريطانية‭ (‬CTIRU‭) ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭%‬‭ ‬في‭ ‬المحتوى‭ ‬المشتبه‭ ‬في‭ ‬ارتباطه‭ ‬بالإرهاب‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬السابق‭. ‬لهذا،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بول‭ ‬جيل‮»‬‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كوليدج‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬هزيمة‭ ‬داعش،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬عدد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المؤامرات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الموجهة‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬في‭ ‬المبادرة‭ ‬الذاتية‭ ‬لمواجهة‭ ‬المواد‭ ‬المتطرفة‮»‬،‭ ‬بفضل‭ ‬عمليات‭ ‬الإغلاق‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬البلدان،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬المواد‭ ‬تمثل‭ ‬عوامل‭ ‬خطر‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬زرع‭ ‬بذور‭ ‬التطرف‮»‬‭.‬ يتضح‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬المقلقة،‭ ‬والخلافات‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والمحللين‭ ‬حول‭ ‬الطريقة‭ ‬الصحيحة‭ ‬لهيكلة‭ ‬الأحكام‭ ‬بالسجن‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الإرهابيين‭ ‬والمتطرفين‭ ‬المدانين،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬تواجه‭ ‬تهديدًا‭ ‬شديدًا‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭ ‬ومواجهتها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬وجود‭ ‬مرونة‭ ‬للاستجابة‭ ‬لأعمال‭ ‬التطرف‭ ‬وخفض‭ ‬مستوى‭ ‬الهجمات‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬قتل‭ ‬أو‭ ‬إصابة‭ ‬الأبرياء‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تظل‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ملتزمة‭ ‬بمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2021‭ ‬والأحكام‭ ‬الأخرى‭. ‬هذا‭ ‬وتعهدت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬بزيادة‭ ‬تمويل‭ ‬جهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬90‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬سنوي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬دعم‮»‬‭ ‬عمليات‭ ‬الشرطة‭ ‬والتحقيق‭. ‬

مشاركة :